خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
بين قابلية التغيير الفردي والمجموعي
(إشكالية العدل الإلهي)
التغيير الفردي
العدالة الفردية مصانة دومًا، لأن محاسبة الفرد تكون بحسب دائرة القدرة لا الاهتمام {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} (سورة البقرة، 233) وبالتالي لا يضرّ الفرد فساد المجتمع {لا يضرّكم من ضلّ اذا اهتديتم} (سورة المائدة، 105). فساد المجتمع قد يضيّق دائرة القدرة لديك وبالتالي تتراجع الإنتاجية، لكنّ المحاسبة ترتبط بالجهد المبذول وفق المتاح. ذلك الجهد المبذول سيوسّع دائرة القدرة لتزداد معها دائرة المحاسبة، وهكذا في عملية محو وإثبات حتى يبلغ الكتاب أمّه {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ * وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (سورة الرعد، 39).
العدالة الاجتماعية
عندما تتراكم الجهود الفردية وتنتظم، يتحول المجتمع إلى كيان فردي من جهة توزع الأدوار وتناسقها في عمل مؤسساتي (مثل المومنين كمثل الجسد)، عندها ينجو المجتمع ويرفع الفساد {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ}(سورة يونس، 98). عندما ينجو المجتمع ويصلح يتحصّن ضد الفساد والتدهور بمعقبات من أمر الله يحمونه من الانهيار، فلا يغير الله نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وينقضوا غزلهم من بعد قوة أنكاثًا! هامش الأمان يبقى مادام هناك بقيّة مُصلحة في المجتمع، بمعنى أن صلاح المجتمع يبدأ من أول فرد مُصلح وينتهي عند آخر مجاهد مجتهد {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ * وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (سورة الأنفال، 33). ويبقى اتجاه مخطط التغيير صعودًا أو هبوطًا هو الذي يحدد مستقبل المجتمع، سواءً نحو الدمار أو الاستمرار، وفي كل الحالات تكون العدالة دقيقة كدقة أي قانون لا محاباة ولا معاداة! {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (سورةالأنفال، 24-25)