عنب بلدي – الغوطة الشرقية
يعبّر أبو دياب، أحد رعايا الجمعية الخيرية لإغاثة المحتاجين في دوما، عن إعجابه بما يقدمه مطبخها الحديث الذي أنشأته مع بداية شهر رمضان، وتطبخ كوادره لأهالي الغوطة على البخار للمرة الأولى، بعد أن كانت تعتمد في الطبخ على أدوات تقليدية وحُلل على نار الحطب.
ويقول الرجل الخمسيني لعنب بلدي إن ما تقدمه الجمعية أفضل من طبخ مؤسسات أخرى، أو طعام مطابخ المساجد، الذي “لم يستطع تناوله”، إلا أنه طالب بتنويع وجبات الطعام التي تقتصر على الكبسة والأرز بالحمص، على حد وصفه.
ويوافق عبد الهادي العفن، وهو من رعايا الجمعية، ما قاله أبو دياب، معتبرًا في حديثه إلى عنب بلدي أن “الطعام ممتاز وأفضل من العام الماضي”، إذ يحصل على وجبة كل يومين وأضاف أنها تتنوع بين “الأرز واللحم”.
مطبخ “الخيرات“
عنب بلدي تحدثت إلى عضو مجلس الإدارة في الجمعية، والمسؤول عن مطبخ “الخيرات”، عبدالله الشامي، وقال إن مشروع المطبخ استثماري ويعود ريعه “البسيط” للجمعية، مؤكدًا أنه المطبخ الأول من نوعه على مستوى الغوطة الشرقية.
“جُهّز المطبخ ضمن ظروف خاصة وفي ظل عدم توفر وقود للطبخ”، وفق الشامي، وأوضح أنه “يعمل وفق معايير صناعية ممتازة، توفر كميات كبيرة من الوجبات وبكلف أقل”.
توفير للوقت وتخديم مؤسسات أخرى
الجمعية الخيرية اعتمدت طريقة الطبخ على البخار، “لتوفير الوقت وزيادة الكميات”، منتقلة بذلك من طبخ على الحطب استمر لسنوات، ولفت الشامي “كنا نحاول قدر الإمكان ضبط أمور النظافة، كما عانينا سابقًا من الطبخ لوقت طويل، إلى أن وصلنا إلى منتج نظيف ومعقم وبجودة أكبر”.
ورغم أن المطابخ تحتاج لمادة المازوت، إلا أن الشامي أوضح أن “تقنيات الطبخ على البخار تحفظ الطاقة وتؤمن وفرًا كبيرًا إذا ما قورنت بالغاز أو الطرق الأخرى التقليدية”، مردفًا أن الطبخة الواحدة تستغرق ربع ساعة وتستهلك كمية قليلة من البخار.
عمل المطبخ لا يقتصر على الجمعية، بل تطبخ فيه عدد من المؤسسات الأخرى الراغبة باستخدامه، بحسب الشامي، باعتباره “أول مطبخ يملك هذه المواصفات والقدرة الإنتاجية، ولتعم الفائدة على الجميع”.
وسيستمر المشروع على مدار العام ولن يقتصر عمله على شهر رمضان “لخدمة المؤسسات الإغاثية التي تسعى للطبخ ضمن كفاءة إنتاجية”.
اختصاصيون لتشغيل المطبخ
استثمرت الجمعية بدء شهر رمضان لتبدأ مشروعها، ويعمل حاليًا قرابة 30 عاملًا ضمن المطبخ، الذي تبلغ قدرته الإنتاجية من طن إلى ثلاثة أطنان يوميًا كحد أقصى، ويغطي احتياجات ألفين إلى ستة آلاف شخص، ضمن وردية واحدة تعمل على مدار 6 إلى 8 ساعات، وفق المسؤول عنه.
واستعان كادر الجمعية باختصاصيين مازالوا موجودين في الغوطة وخبراء في المجال، واعتبر الشامي أن الغوطة مشهورة بالعاملين في معامل الكونسروة وخبرتهم في تسيير خطوط الإنتاج.
ورغم رضا القائمين على المشروع عما ينجزه، إلا أن كادره واجه بعض الصعوبات، أبرزها عدم توفر المعدات الصناعية، ما اضطره لتصنيعها محليًا ضمن الخبرات المتوفرة، بحسب الشامي، وقال “حافظنا على كفاءة الإنتاج وسرعته رغم الصعوبات”، مشيرًا إلى أن مخزونه مرتبط بتوفر المواد الأولية للطبخ في السوق وبأسعار مناسبة.
يوزع المطبخ ألفي وجبة يوميًا، نصفها عن طريق الجمعية والآخر من خلال المؤسسات التي تستخدمه، وفق مدير الجمعية في دوما، أمين الساعور، وتحدث لعنب بلدي عن مشاريع الجمعية الإغاثية الأخرى، مشيرًا إلى أنها تعمل على مشروع لتوزيع الخبز في الغوطة قريبًا.
وتوزع الجمعية سللًا غذائية بشكل مستمر، كان آخرها قبل أيام، إذ وزعت ألف سلة وزن كل منها 35.5 كيلو غرامًا استهدفت الفقراء والأرامل وغيرهم، بحسب الساعور، وتعمل على مشاريع أخرى، منها مشغل “الأصيل” للخياطة الذي ينتج الألبسة ويوزعها، ومكتب أصدقاء اليتيم (يضم حاليًا 1300 كفالة في الغوطة الشرقية)، وروضة “البيان” للصم والبكم، التي تضم حاليًا 27 طفلًا.
تُعرّف الجمعية الخيرية لإغاثة المحتاجين في دوما نفسها أنها مؤسسة خيرية، إغاثية اجتماعية، تنموية، مستقلة، ورعت منذ نشأتها عام 1960 أيتام الغوطة من خلال مكتب “أصدقاء اليتيم”.
وتتخذ شعارًا لها “يدك بيدنا .. نخفف معاناة أهلنا”، كما تحاول من خلال برامجها الخيرية لمساعدة المحتاجين، نقلهم من حالة العوز إلى حالة الكفاف، ويقوم على إدارتها مجموعة من المتطوعين والمتطوعات المجازين جامعيًا في مجالات متعددة.
أفرز الحصار في سوريا طرقًا جديدة للعيش تمكن الأهالي من تجنب تداعياته، ورغم أن الطرق اختلفت وتنوعت، إلا أنها أكدت دائمًا على أنه “من رحم المعاناة تولد الحلول”.