لنبدأ بتعريف بسيط لمفهوم سندات الخزينة
سندات الخزينة هي السندات التي تصدرها الدولة ومؤسساتها للاكتتاب العام وتمثل قروضًا تحصل عليها الحكومة من الأفراد (أو الهيئات) إما لتمويل المجهود الحربي وتسمى «قروض الحرب» وإما لتمويل عمليات التنمية الإقتصادية وتسمى «قروض الإنتاج» أو «قروض التنمية». والسند هو جزء أوحصة من قرض لمدة طويلة الأجل يحق لمشتريه الحصول على عائد سنوي على شكل فائدة ثابتة.
لماذا تلجأ الحكومة إلى الإقتراض وإصدار سندات الخزينة ؟
عادةً تلجأ الحكومات الى الإقتراض في حال عجزها عن تغطية نفقاتها من مواردها المتاحة كالضرائب والرسوم، فهو حل سهل وسريع لمعالجة أي مشكلة مالية واقتصادية تعاني منها الحكومة في الوقت الحاضر. ولكنه عبارة عن عملية تجيير وتحميل فاتورة التنمية والعبء الاقتصادي على الأجيال القادمة، فهي من سيدفع ثمن القروض عند استحقاقها في المستقبل. لا يمكن النظر إلى الإستدانة سواءً من الداخل أو من الخارج على أنها ظاهرة اقتصادية غير صحية أو مضرة، بل على العكس تعتبر في بعض الأوقات ضرورة اقتصادية لتحقيق التنمية وتنفيذ بعض المشاريع الهامة والضرورية. ترتبط عملية الاستفادة من القروض بالمجال التي تستثمر به، فهل هي لتغطية نفقة غير إنتاجية أم نفقة استثمارية أم نفقة حربية أيضًا!.
النظام السوري يقترض اليوم لا لهدف الإستثمار وبناء الاقتصاد السوري، فالفكر السياسي والاقتصادي السوري لطالما كان رافضًا لعملية الإستدانة الخارجية لعدة عقود لما يترافق معه الإقتراض من شروط اقتصادية وتقديم تنازلات سياسية تفرض من قبل الدول المانحة للقرض كشرط للحصول عليه، ولنا في رفض سوريا لقروض صندوق النقد الدولي بسبب مشروطية منحه للقرض خير مثال على ذلك… فما الذي استجد وحصل اليوم ودفع هذا الفكر إلى قبول ما كان يعتبره خط أحمر بالأمس (فكرة الإستدانة من الخارج)!!. فمع تراجع الإيرادات الحكومية إلى النصف والحصار الاقتصادي المفروض على سورية بالإضافة إلى عدم مقدرة الحكومة على تمويل عمليات التشبيح والقتل عن طريق طباعة النقود بسبب رفض حكومات الدول الغربية بتمرير صفقات طباعة العملة لمعرفتها سلفًا بمجال إنفاقها على إراقة الدم السوري.
هنا لم يبقى خيار أمام الحكومة سواء اللجوء إلى الشريك الدموي الصين وروسيا وإيران لطلب المعونة.. إنه اقتراض للإستثمار في الدم السوري، إنه استثمار يومي ليس من أجل زيادة معدل النمو الاقتصادي، إنما استثمار لزيادة معدل القتل اليومي..!! إنه استثمار في التنمية البشرية ولكن بمفهوم السفاح الذي يسعى إلى إراقة دم الأخ والإبن والأخت ليتعلم ويتعظ منه الآخرين ويتعلموا الدرس ويكفو عن النداء للحرية..!! إنه درس للأجيال القادمة أن تظل خانعة وذليلة تحت حكم الدكتاتور..!! لكن هيهات هيهات لأن يعود السوريين إلى حكم الذل والإهانة بعد أن ذاقوا معنى الحرية…
فلم يبقى جيل في سوريا إلا وتضرر من وحشية هذا النظام فجيل اليوم يقتل بالرصاص ويدفع دمه ثمنًا للحرية، وجيل الغد سيطالب من قبل دول محور الدم (الصين وروسيا وإيران) بدفع فاتورة الرصاص الذي اقترضها النظام…
هل يجب على الجيل القادم أن يدفع ثمن فاتورة قتله ؟!
كل دولة تمنح النظام أي قرض أو مساعدات مادية في الوقت الراهن هي شريك بسفك الدم السوري لعلمها مسبقًا بأن هذه الأموال لا تستثمر من أجل تنمية الإنسان وإنما من أجل قتله..! فمن هنا فإننا نحمل هذه الدول أولًا المسؤولية الإنسانية والأخلاقية عن تمويل عصابات المافيا الأسدية.. وثانيًا نعلن عن عدم المسؤولية بإعادة دفع اي دولارتم إقراضه للنظام في الوقت الحالي، فبأي شريعة وبأي منطق سأدفع ثمن رصاصة اخترقت قلب أخي..