سوريا مُلونة بكل شعبها
عنب بلدي – العدد 63 – الأحد 5-5-2013
رهف الشامي
بالرغم من اختلاف أشكالنا، أعرافنا، طوائفنا ولهجاتنا.. وبالرغم من قِصر بصيرتنا وقلّة تعليمنا وثقافتنا.. لكن اختلافنا هو الوحيد القادر على إعطائنا هذا الطابع الرائع المُنوع المتعدد الثقافات، هو الذي يعطينا هذه الجمالية التي لم ولن تجدها في دولة أُخرى غير سوريا, تمامًا كما قطعة الموزاييك متعددة القطع والألوان، أي قطعة ناقصة تفسد اللوحة برُمتها .
ونحن جميعًا برغم اختلافنا نكمّل بعضنا ونُكمل اللوحة الفنية خاصتنا «سوريانا» ..
لم نحاول أن نُفسد لوحتنا (سوريانا) بسبب عرق أو انتماء؟!, ألم يقل الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) صدق الله العظيم، ومن هُنا تنطلق فكرة «المواطنة حق لجميع المواطنين السوريين بدون تمييز طائفي وعُنصري». لم نرد أن نهدم نسيجنا الاجتماعي بسبب ترهات لا أصل لها من ولا منبت سوى الطائفية التي نالت من صدور عدد من ضعيفي الوطنية، ومن أنا وأنت لنُشكك بتقوى عبد أو صلته مع ربه، ونقرر نيابةً عن الرب أنه من داخلي الجنة أو ممن سيصلَوْن النار؟!, هُناك في يوم القيامة في ذاك اليوم الآتي لا محالة يوجد رب سيُحاسب من يشاء ويعفو عمن يشاء من عباده.
لا دخل لي ولا لغيري بالأُمور التي هي بالأساس من الأمور الإلهية والتي لا حق لنا بتولّيها ومحاسبة الناس على هذه الأرض. وكما قال مارتن لوثر كينغ الزعيم الأمريكي ذي الاصول الإفريقية، وأصغر حائز على جائزة نوبل للسلام: «يجب أن نتعلم كيف نعيش معًا كإخوة وإلا سنهلك معًا كحمقى. وإذا كان الحديث عن طائفة من يحمل السلاح ضد شعبنا الأعزل ويقتله ويُنكل به فطائفته الوحيدة هي الإجرام وليس سوى ذلك، ليس شيعيًا ولا علويًا ولا يهوديًا ولا سُنيّ، هو مُجرم فقط، وتسقط كل انتمائاته أمام إجرامه وحقده الأعمى واللاإنساني تجاه شعب كل غايته الحرية والكرامة ووطن حُر، أكثريات وأقليات، وطن حُر للجميع، هذا مطمحنا وأسمى غاياتنا.
فلتكن ثورتنا عشر رصاصات واحدة ستقتل النظام وتسعة ستقتل الطائفية والجهل والفساد، ولنكن ثوّار ضد كُل ما ذُكر سابقًا، ولتكُن ثورتنا ثورة إنسان ضد نظام الظلم والفساد أينما وُجد، لا ضد طائفة من قدرها أن تستمر على أرض هذا الوطن ما بعد إسقاط هذا النظام أو ذاك. ومن يرفض أن يقتنع بأن ثورتنا ليست طائفية فهو الباحث عن عذر يبرر فيه لذاته أو غيره عدم مشاركته بالثورة فهذا النظام القمعي مُستبد كما فرعون كما الأخطبوط مستعد للصق كافة التُهم بالثورة بغية إضعافها وهزيمتها، دعونا لا نستمع لأصحاب الايديولوجيات الطائفية، الذين يستغلون البسطاء لتعميم فكرة أن الطائفة العلوية وحدها شريكة النظام في القتل والإجرام والقمع في هذه الثورة، فكلنا على علم بأن هُناك الكثير من طوائف سوريا في هذا الوطن يُشاركون النظام قمعه وإجرامه بحقنا، ولا يقتصر القتل على طائفة واحدة. ما المانع أن نعمل بمبدأ «محاسبة المجرم» حسب جرمه فقط لا غير، من دون أدنى علاقة بمذهبه أو عرقه؟ لأنه المجرم -وكما ذكرت مُسبقًا- لا طائفة ولا دين له سوى الإجرام .
وفي نهاية الأمر هذا الشعب لا يُريد سوى سماء أكثر زرقة للجميع، وطنا بلا سقف، يتسع للجميع، أرضا خصبةً خضراء لنا جميعًا.
هذه سوريا المستقبل التي نطمح لها جميعًا. وطن لنا كُلنا ليس لأحد منّا دون الآخر.
فثورتنا لـ كلّ السوريّين..
وسوريانا لـ كلّ السوريّين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :