عنب بلدي – العدد 62 – الأحد 28-4-2013
حتى هذه الأيام، يكون قد مرّ على حمص ما يزيد عن السنة وهي تواجه بشكل يومي قوات بشار الأسد، في أطول فترة مواجهة لمدينة سورية. وهذه المواجهات خلّفت الكثير من الضحايا، والكثير من الخسائر المادية. لكن كيف تغير الواقع على الأرض من سنة إلى الآن؟
إن شيئًا لم يتغير من حيث الأحياء الخاضعة لسيطرة قوات بشار الأسد والأحياء الخاضعة لسيطرة كتائب الثوار. فمنذ أن انتهت الحملة العسكرية على حيّ (بابا عمرو) بانسحاب كتائب الثوار، بدأت حملة تالية على أحياء حمص القديمة وبعض الأحياء المجاورة لها، وفُرضت عليها حصارًا خانقًا، ولكن لم تستطع قوات بشار الأسد حتى اليوم أن تدخلها بشكل كامل ونهائي.
يمكن أن نستثني بعض الأحياء التي حصل فيها نوع من الاختراق لصالح قوات الأسد، لكن لم تكتب لهذه الاستثناءات الدوام. فاستطاعت مثلًا أن تتقدم وتسيطر على حيّ (القرابيص) الملاصق لحي جورة الشياح، لكن بعد أشهر قليلة عادت كتائب الثوار لتستعيد السيطرة على هذا الحيّ بشكل كامل. وكذلك الحال بالنسبة لحي (القصور) الذي شهد منذ البدء توترًا في تبادل نسبة تقاسم السيطرة عليه. ويمكننا على نفس الشاكلة أن نسمّي أحياءً قليلة أخرى. لكن الصورة العامة والإجمالية هي عدم تغير أماكن السيطرة.
إن أبرز اختلاف هو في احتشاد السكّان ولجوئهم إلى الأحياء التي تسيطر عليها قوات الأسد، بينما تشبّه الأحياء التي يسيطر عليها كتائب الثوار بأماكن يسكنها «الأشباح» فقط، وهذا عائد طبعًا للقصف العنيف الذي تمارسه قوات الأسد على الأحياء «المحررة».
إن عامل حماية المدنيين هو الذي يؤخر إقدام كتائب الثوار على أيّ تحرّك باتجاه الأمام في سعيٍ منها لمد نفوذها وتحرير عدد أكبر من الأحياء. حيث تصدم بواجب مراعاة العامل البشري، فتحرير أي حي ولو كان مكتظًا بساكنيه، سيدفع قوات الأسد لقصفه، ولو خلّف ذلك مئات القتلى. وهذا ما يجعل ثوار حمص في حالة تفكير وحيرة في الطريقة التي تكسر جمود الموقف وتحقق تقدمًا عسكريًا، وفي نفس الوقت تبعد شبح القتل الجماعي عن سكّان أحياء حمص. فمدينة كحمص بعد أكثر من سنة من الحرب الشاملة، ﻻ تستطيع أن تقاوم قصفًا لأحياء أخرى.
وبالتالي، فإننا سنبقى نسمع عن حاﻻت من الخطف والاعتقال والتصفية في أحياء حمص الخاضعة لسيطرة كتائب الأسد، دون أن تخاطر كتائب الثوار بتحرير هذه الأحياء، تحت ضغط مبدأ درء الخطر الأكبر، وهو القصف والتصفية الجماعية.
إلى متى ستبقى حمص على هذه الحال… يبقى هذا التساؤل قائمًا في كل يوم، وﻻ أحد يستطيع التكهن بما ستأتي به الأشهر القادمة من تغييرات. فكل تغيير مرهون بمخططات كتائب الثوار والطرق التي من الممكن أن يوجدوها لكسر جمود الموقف. وكذلك توجّهات النظام الذي يضع كامل ثقله في مدينة حمص المنهكة.