عنب بلدي – العدد 62 – الأحد 28-4-2013
في منطقة يزيد عدد سكانها عن مئتي ألف نسمة (ما عدا النازحين من باقي المناطق السورية)، يبدو أن خيار التضييق بلقمة العيش على الحاضنة الشعبية للثورة من أجل ضربها خيار جيد للنظام وخصوصًا عندما يتعلق الأمر برغيف الخبز.
تقدر الحاجة اليومية من مادة الطحين لسكان منطقة ريف المعرة الشرقي بمعدل 1684 كيس، بوزن 50 كيلو للكيس الواحد. حيث يقدر عدد السكان المنطقة بــ 202000 نسمة تقريبًا، وعلى اعتبار أن الفرد الواحد يستهلك ما يقارب 400 غرام من مادة الخبز يوميًا، وأن وزن الربطة الواحدة يبلغ 1200غرام، فإن الأفران يجب أن تنتج ما يزيد عن 68 ألف ربطة يوميًا، ولكن المشكلة تكمن في كيفية إنتاج هذا الكم الكبير من الخبز وخاصة مع توقف النظام عن دعم الأفران في تلك المنطقة، واعتماد أغلبها على تأمين مادتي الطحين والمازوت من السوق السوداء وبأسعار مرتفعة جدًا. بالإضافة إلى توقف عدد كبير من الأفران في المنطقة وخصوصًا أفران منطقة معرة النعمان التي كانت تنتج جزءًا كبيرًا من حاجة المنطقة، مما دفع أصحاب الأفران التي مازالت تعمل إلى زيادة ساعات التشغيل بهدف زيادة طاقتها الإنتاجية لتغطية النقص الكبير في إنتاج مادة الخبز، ولكن ذلك أدى إلى زيادة أعطال الآلات وبالتالي ارتفاع تكاليف الإصلاح وبالتالي زيادة تكلفة إنتاج الخبز.
يشكو أبو عمر صاحب أحد الأفران في «معرشمارين» من ارتفاع أسعار المحروقات بمعدل خمسة أضعاف تقريبًا، وقد ذكر لعنب بلدي أنه كان يشتري ليتر المازوت من السوق السوداء بـ 150 ليرة في أيام الشتاء. أما اليوم ومع دخول الصيف فقد تراجع سعر ليتر المازوت إلى 75 – 80 ليرة، وتعتبر مادة المازوت من أهم مقومات الإنتاج في الأفران وخاصة مع انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عن المنطقة. ويضيف أبو عمر أن الطاقة القصوى التي ينتجها فرنه تصل إلى 1300 ربطة خبز يوميًا، وهذه الكمية تحتاج إلى طن ونصف من الطحين يوميًا. ويتم توزيع ما يعادل 400 ربطة في مناطق خارج القرية بسبب توقف الأفران في المناطق الأخرى، وتبلغ تكلفة الربطة الواحدة 65 ليرة ويتم بيعها بسعر 25 ليرة، ويتم تغطية الفرق بين التكلفة وسعر البيع من المساعدات التي تصل من المنظمات الإغاثية في المنطقة.
وفي لقاء آخر لمراسل عنب بلدي مع محمد عيد أحد مسؤولي الإغاثة في قرية معرشورين يشكو بأن قدم الآلات في أفران المنطقة هو من أهم المشاكل التي تؤدي إلى تعطيل الأفران، وبالتالي توقف الإنتاج وعدم القدرة على تغطية حاجة الناس من الخبز، وتؤدي هذه الأعطال إلى رداءة الخبز المنتج أحيانًا. أما عن تأمين مادة الطحين للأفران فقد ذكر محمد أنه يتم تأمينه من السوق السوداء إما من إنتاج سوري أو تركي حسب التوافر في السوق، وغالبًا ما يتم شراء الطحين أو تأمينه عبر المنظمات الإغاثية. وقد أضطر أصحاب الأفران في بعض الأيام إلى إيقاف إنتاجهم بسبب عدم توافر الطحين لديهم. ويتراوح سعر كيس الطحين بين 2000 ليرة كأدنى سعر وقد يصل سعره إلى 3500 ليرة في بعض الأحيان. ويكمن التحدي الأكبر أمام الأفران في فصل الصيف بعدم القدرة على تأمين الحاجة اليومية للسكان بسبب زيادة الطلب اليومي، حيث لا يمكن تخزين الخبز بسبب عدم توافر وسائل التبريد بسبب انقطاع التيار الكهربائي مما يدفع الناس إلى الاعتماد إلى شراء الخبز بشكل يومي من الأفران.
وفي لقاء مع السيد حسن المنسق العام للمجلس المحلي لبلدة (تلمنس) فقد عزا ارتفاع تكلفة إنتاج الخبز إلى ارتفاع أجور النقل. فقد ارتفعت أجور النقل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في السابق، ويضيف حسن أن فرن الخبز الموجود في المنطقة يعمل بأقصى طاقته الإنتاجية بمعدل 18 ساعة يوميًا، وينتج يوميًا 4100 ربطة يتم تخصيص ما بين 2800 إلى 2700 منها للبلدة، ويتم توزيع نحو 1000 ربطة على سكان معرة النعمان والباقي 400 ربطة توزع في باقي المناطق، ويتم بيع ربطة الخبز بسعر 30 ليرة.
وفي لقاء مع محمد حشاش أحد سكان (تلمنس) ذكر أن أسرته تعتمد إلى جانب الخبز العادي على خبز التنور، وكبديل أساسي في أوقات الأزمة كما العديد من الأسر في منطقة ريف المعرة الشرقي، يقول محمد أن تكلفة الخبز التنور زادت في الفترة الماضية بسبب ارتفاع سعر الحطب الذي يتراوح سعر الطن منه ما بين 19000 إلى 20000 ليرة، وارتفاع سعر الحنطة التي تستخدم في صنع الخبز بعد طحنها إلى 32 ليرة في الوقت الذي كانت فيه الأسعار قبل الأزمة بين 18-20 ليرة، وكما أن كيلو الحنطة ينتج ما يعادل كيلو وربع من مادة الخبز بعد معالجتها بالخميرة والماء وباقي المواد، وقال أن تكلفة التنور يبلغ بعد تركيبه 7500 ليرة.
مقارنةً للتغير في سعر الخبز من 15 ليرة قبل الثورة إلى 30 ليرة على الأقل مع التغير في أسعار باقي المواد يبقى هذا التغير أفضل من غيره على الرغم من عدم كفاية إنتاج الخبز للحاجة في المنطقة بشكل كبير.