التعذيب في السجون السُّورية

  • 2013/04/29
  • 7:10 ص

عنب بلدي – العدد 62 – الأحد 28-4-2013

سوسن – داريا
معروفٌ للقاصي والداني أنّ نظام الأسد قد أذاق الشعب السوري جميع أصناف العذاب، وعلى الرغم من الغصص التي تجرعها على يده الظالمة فما هي إلا غيضٌ من فيض، فمنّا من سمع ومنّا من رأى ومنّا من ذاق الويلات.
إن قصص التعذيب في أقبية السُّجون السُّورية ليس لها نهاية ولا حدود، فلو كُتب المجلد تلو المجلد لا تنتهي فسأكتب هذه السُّطور وما هي إلا نقطة في بحرٍ عميق لانهاية لعمقه.

منذ عهد الثمانينيات وشبابٌ يختفون في ظلمات السُّجون لا يعلم أحدٌ متى دخلوا ومتى سيخرجون، منهم من خرج بعد عشرات السنين ومنهم من أعدم داخل الزنزانة على يدي جلاديه. إن سياسة التعذيب عقيدة عند هؤلاء السجانين لا أحد يعرف لماذا !!
فقد خاض النظام الحاكم قديمًا وحديثًا دورًا تعسفيًا لفرض نفسه على المواطنين، عن طريق الاعتقال والتعذيب الذي يستهدف بشكل خاص أصحاب الرأي والسياسيين، وبتقديري فإن من قتل داخل السجون أكثر بكثير ممن قتلوا منذ انطلاق الثورة إلى الآن، والفارق الوحيد هو أنه ما قبل الثورة يقتل الشباب في صمتٍ مريع، وفي هذه الأحداث يقتلون أمام البشرية جمعاء.
كثيرٌ من الشباب الذين قد تسلمهم ذويهم جثثًا هامدةً قضوا أنفاسهم الأخيرة تحت التعذيب، أيُّ تعذيبٍ قد تجرعوه حتى تنتهي حياتهم!!
منهم مكثوا ساعات ومنهم أيامًا لتخرج أجسادهم بعدها مشوهة حتى ذويهم لا يعرفونها إلا بعد عناء مثل ثامر الشرعي وقد سمعتم من أمه أنها لم تتعرف عليه إلا بعد فترة.

في داريّا قضى كثيرون تحت التعذيب كان أولهم الشهيد أيمن خولاني ثم زاهر المبيض فغياث مطر، ثم نمرُ داريّا طالب السمرة وبعدهم وبعدهم!!
ومن أهم اللحظات في حياة السجين السياسي هي الدقائق الأولى في المعتقل، أين ينتظره الجلادون، الذين لا يهمهم سوى كسر شوكة المقبوض عليه بزرع الرعب فيه من خلال سهام متعددة تنهال عليه من كل صوب..
إنّ السجون كلها ناطقة بلغة واحدة، ومهما تفاوتت عمليات التعذيب وأنواعها من سجين إلى آخر ومن تيار سياسي إلى آخر، يبقى مجرد اعتقال الإنسان بتهمة التعبير الحر جريمة إنسانية، ومن هنا علينا استبعاد أي مفاضلة بين معتقل وآخر، بدافع المزايدة في التنكيل، فكلهم في النهاية  بتسميات واحدة داخل السجن «يعمل في السياسة» و «معارض» و «ضد الحكومة» و «مخرب».
فهؤلاء السجانين هل هم متعطشون لدمائنا أم لأرواحنا أم لإذلالنا !!

وهكذا فرغم موانع القضبان التي تفصل حياة السجين عن حياة الآخرين الذين يتمتعون بالحرية خارج أسوار السجن، يبقى السجن مدرسة لا يتعظ من دروسها إلا النبهاء، والدعاء لإطلاق سراح كل السجناء المظلومين في العالم، واجبٌ على كل مسلم ومسلمة، فعسى أن يريهم الله نور الحرية بعد أن قيدوا بظلمة الاستبداد وجهالة المستبدين.

أخي أنتَ حرٌ وراء السُّدود
أخي أنت حرٌ بتلك القيود
إذا كنتَ في الله مُستعصما
فماذا يُضيرك كيدُ العبيد
أخي ستبيدُ جيوشُ الظلام
ويُشرقُ في الكونِ فجرٌ جديد

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب