الأطفال… كيف يفهمون الموت؟
عنب بلدي – العدد 62 – الأحد 28-4-2013
هوشيار – قامشلو
يتحدث العالم النفسي «جان بياجيه» في نظريته المعرفية عن مراحل تطور تفكير الإنسان، ففي البداية يتعامل مع الأمور في الحياة كأشياء، لا يميز بينها فيده ورضّاعته شيئان تشكلان جزءًا منه، ومن ثم ينتقل الطفل إلى مرحلة يستطيع فيها تمييز الأشخاص ومعرفة الوجوه والتفاعل معها وفي مقدمة هذه الوجوه وجه أمه، وبعد ذلك تأتي مرحلة التجريد، حيث الربط بين الأمور وتصنيفها والانتقال إلى ترميزها في قوالب لغوية، أي يصبح الطفل قادرًا على التعامل مع الأفكار.
إن مفهوم الموت من المفاهيم التي تربك الكبار في غموضها وفجائيتها ومشاعرها، الشخص الراشد يستطيع تخطي ذلك بما يملك من مفاهيم ومدركات يضفيها على الموت فتجعله يفهم الموت ويتعامل معه بشكل فعال.
مفهوم الموت مرتبط بمدى نضج الطفل فكريًا بشكل جوهري، وأيضًا يتأثر بالخلفية الثقافية والقيمية والخبرات التي يمر بها الطفل ضمن أسرته ومحيطه
.
أطفال ما قبل المدرسة يدركون الموت بشكل جزئي، فهم يعتقدون بأن الشخص الذي يموت ربما يرجع، وبأن هذا الغياب مؤقت، ويتغير هذا الإدراك فيما بعد عندما ينضج الطفل بشكل تدريجي، ولسنا بحاجة إلى مداراة الطفل هنا بأن نقول له بأن الشخص المفقود سيعود، يكفينا أن ندعم الطفل كي يفصح عن مشاعره تجاه هذا الشخص وإلى أي درجة كان مهما وقريبًا منه.
الأطفال الأكبر سنًا وأطفال سن المدرسة يدركون واقعية الموت فيزيائيًا، فالذي يموت لا يرجع فيزيولوجيًا، ولكن ربما يعانون من التباس حول روح الشخص الميت الذي قد يعود ويحلق في المكان، فيستطيع الميت رؤيتنا وسماعنا! وما إلى ذلك من تساؤلات وجودية وتخيلات، طبعًا هذا طبيعي ويزول أيضًا بعد فترة من النضج.
يركز الطفل في هذه المرحلة على الطبيعة الفيزيائية للموت وأسبابه، كالمرض والأسباب الطبيعية للموت، حيث يتوقف التنفس وتتعطل الوظائف البيولوجية.
من المهم أن نعلم بأن الأطفال في هذا المرحلة يبدون تعاطفًا مع الأصدقاء والأقران الذين فقدوا أعزاءهم وتعرضوا لحالات فقدان ووفيات.
أيضًا علينا أن ننتبه بأن التفسيرات ليست دائمًا مفيدة للأطفال، فيجب أن نحذر من تقديم التفسيرات التالية :
(والدك ينام بسلام إلى الأبد) هذا التفسير قد يفزع الطفل ويخيفه من الذهاب للنوم.
(سافر والدك إلى بعيد بشكل مؤقت وسيعود قريبًا) سيكتشف فيما بعد بأن والده لن يعود وقد يصاب بالقلق وينشغل تفكيره.
(أخذ الله خالتك لأنها إنسانة طيبة) يجعل هذا التفسير الطفل قلقًا حول أشخاص طيبين آخرين قد يأخذهم الله!
(لقد كان هذا عقابًا من عند الله) قد تجعل الطفل يخاف من الله وتجعله قلقًا كلما ارتكب خطأ.
( لقد ماتت شقيقتك لأنها كانت مريضة وذهبت للمشفى) قد تجعل الطفل قلقا كلما مرض.
وهكذا..
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :