عنب بلدي– خاص
تدلّ مجريات الأوضاع الميدانية على خسائر من الممكن أن يتلقاها تنظيم “الدولة الإسلامية” في منطقة منبج، ربما تمتد آثارها إلى جرابلس وسائر مناطق التنظيم في ريف حلب الشرقي، بعد معركة أطلقتها فصائل متنوعة تلقى دعمًا أمريكيًا بريًا وجويًا، وبدأت قبل أيام بالسيطرة على نحو 15 قرية في الضفة الغربية لنهر الفرات.
الفصائل المشاركة والأهداف
قوات “سوريا الديمقراطية” بشكل رئيسي هي من تقود العملية، التي بدأت الثلاثاء 31 أيار، وتضم عدة فصائل عربية وكردية وتركمانية، أبرزها “وحدات حماية الشعب” الكردية، وهي الجناح العسكري لحزب “الاتحاد الديمقرطي”.
كذلك فإن الفصائل التابعة لـ “مجلس منبج العسكري” تشارك بدورها في العملية، وهو خليط من فصائل عربية وكردية وتركمانية موجودة في منطقة منبج، وأعلن عن تأسيسه في نيسان الماضي بهدف طرد تنظيم “الدولة” من المنطقة، ويعد رديفًا وحليفًا قويًا لقوات “سوريا الديمقراطية”.
الولايات المتحدة الأمريكية هي الداعم الرئيسي في المعركة، فتشرف وفقًا لتقارير أوردتها وزارة الدفاع (البنتاغون) على سير المعركة من خلال قوات برية تقدم خدمات لوجستية في الصفوف الخلفية، إلى جانب الطيران الحربي الذي يشكّل غطاءً جويًا ذا فعالية كبيرة.
هدفان رئيسيان من معركة منبج، يتمثل الأول بحسب تصريحات الناطق باسم “سوريا الديمقراطية”، العقيد طلال سلو، والناطق باسم “مجلس منبج العسكري”، عدنان أبو المجد، بالسيطرة على مدينة منبج والقرى المحيطة بها، وبالتالي طرد التنظيم بشكل كامل من الضفة الغربية لنهر الفرات.
أما الهدف البعيد والاستراتيجي، فيتمثل بقطع خطوط الإمداد لتنظيم “الدولة الإسلامية” بين عاصمته الرئيسية في سوريا، الرقة، ومناطق سيطرته في ريف حلب، حيث تعدّ منبج طريق الإمداد الوحيد نحو الباب وجرابلس ومناطق وجوده شمال حلب.
سير المعارك ليست في صالح التنظيم
تسير المعارك المستمرة منذ نهاية أيار في صالح القوات المهاجمة بشكل واضح، فاستطاعت فرض سيطرتها على نحو 15 قرية، حتى مساء الجمعة 3 حزيران، وأبرزها: خربة الروس، وخربة زمالا، ومصطفى حمادي، وحالولة، وتل عريش شمالي، وتل عريش جنوبي، والصكاوية، وجوثة، وقراطة، والأوشية، والجات، وتقع جميعها على المحورين الجنوبي والغربي من سد تشرين على نهر الفرات.
ووفقًا لـ “سوريا الديمقراطية” فإن طلائع القوات المهاجمة باتت على بعد أقل من عشرة كيلومترات من مدينة منبج، التي تستهدفها غارات يومية من طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في وقت يحاول فيه التنظيم حشد الرأي العام في المدينة لصالحه، وتجنيد العشرات من شبابها وأطفالها للقتال، استباقًا لهجوم مرتقب على أسوارها، بحسب ما نشرت وكالة “أعماق” التابعة له.
ورغم مقومات النجاح التي تمتلكها القوات الساعية للسيطرة على منبج، إلا أن التنظيم يأبى أن يسلّمها دون مقاومة، كما يقول مناصروه، فأعلنت “أعماق” عن تنفيذ عمليات انتحارية استهدفت القوات المهاجمة ولا سيما في منطقة “قبر إيمو”، وأسفرت عن مقتل وجرح عدد من العناصر، بحسب مصادر متطابقة، فيما أصيب قائد “كتائب شمس الشمال” المنضوية في “سوريا الديمقراطية”، الملقب بـ “أبو ليلى”، خلال المعارك بجروح خطيرة.
معركة الرقة “مؤجلة” والنظام يقتنص الفرصة
وكانت قوات “سوريا الديمقراطية” أعلنت، في 23 أيار الماضي، عن هجوم يهدف للسيطرة على ريف الرقة الشمالي، لكن الهجمات ما لبثت أن توقفت بعد التقدم نحو أربعة كيلومترات في محيط منطقة عين عيسى، لتدار الدفة نحو منبج، في تغيير للاستراتيجية أو هي خطة لتشتيت قوات التنظيم، كما يرى مراقبون.
وأشارت مصادر مقربة من “سوريا الديمقراطية” إلى أن معركة الرقة لها حسابات دقيقة، والهجوم الأخير كان “جس نبض” استباقًا للهجوم الكبير الذي سيلي معركة منبج، وأكدت المصادر لعنب بلدي أن “تحرير الرقة” سيكون قبيل انتهاء العام الجاري.
في المقابل، اقتنصت قوات الأسد فرصة انشغال التنظيم في جبهات منبج، وتقدمت صباح الجمعة بدعم الطيران الروسي والميليشيات الأجنبية والمحلية في منطقة أثريا، التي تعتبر نقطة التقاء محافظتي حماة والرقة، وذكر الإعلام الرسمي أن القوات تقدمت مسافة 15 كيلومترًا على طريق أثريا- الطبقة.
ولهذه المنطقة خصوصية كبيرة للتنظيم والنظام، على حد سواء، فالسيطرة عليها تعني أن الطريق إلى بلدة دير حافر بات سالكًا، وهي البلدة المحاذية لمدينة الباب (المركز الرئيسي للتنظيم في ريف حلب الشرقي)، كذلك فإن الطريق إلى مدينة الطبقة بات معبّدًا أمام النظام وحلفائه، وهذا ما جعل مؤيديه يطلقون مسمى “معركة تحرير الرقة” على العمليات.
المعارك المتصاعدة في المنطقة الشرقية دفعت آلاف المدنيين إلى النزوح نحو مناطق ذات أمان نسبي، فتشير التقارير إلى أن عوائل من منبج نزحت نحو مدينتي الرقة ودير الزور، بينما فضّلت عوائل أخرى النزوح نحو عفرين الخاضعة لـ “الإدارة الذاتية”، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة تضرب المنطقة الشرقية لحلب.