عيادات غير مرخصة وتزايد "المشعوذين"
الطب العربي “يغزو” مدن وبلدات محافظة الحسكة
بهار ديرك – الحسكة
انتشر الطب العربي بشكل كبير في الآونة الأخيرة ضمن محافظة الحسكة، وبات أغلب المرضى يتوجهون إلى أشخاص يزعمون أنهم يملكون “الدواء الشافي” لأمراض عديدة، في ظل تردي الأوضاع الصحية في محافظة الحسكة وغلاء ونقص الدواء، إضافة إلى غياب الرقابة الطبية.
وعزا أهالي مدن وبلدات ريف الحسكة، ممن استطلعت عنب بلدي آراءهم، ظهور الطب العربي لأسباب من ضمنها غلاء تكلفة العمليات الجراحية المعقدة وخاصة القلبية منها، إضافة إلى غياب فعالية الأدوية المستخدمة.
ربيعة عثمان من مواطني مدينة الحسكة، أوضحت أنها بحاجة إلى عملية تركيب قثطرة قلبية، لافتة إلى أن “إجراء العملية في المشافي الخاصة يحتاج لمبلغ مليون ليرة سورية، وهي غير متوفرة في المشافي الحكومية”.
“لا أملك ربع المبلغ” قالت عثمان، مؤكدة أنها ستلجأ إلى الطب العربي “عسى أن أشفى من المرض، فهناك أشخاص استفادوا من الأدوية التي يصنعها بعض الأطباء الموجودين في المنطقة”.
أما سمية رشيد، وهي من مواطني بلدة الهول بريف الحسكة، عزت توجهها إلى الطب العربي في حديثها إلى عنب بلدي “أملًا في الشفاء من مرض الشقيقة في الرأس”، مشيرةً إلى أنها زارت معظم الأطباء المختصين في كل من مدينتي القامشلي و الحسكة، إلا أن وضعها الصحي بقي على حاله، على حد وصفها.
عيادات غير مرخصة
رغم انتشار الظاهرة، إلا أن العيادات التي تعمل على توفير العلاج غير مرخصة، بحسب الناشط الطبي من مدينة تل حميس في ريف الحسكة، عمر طاهر، وقال لعنب بلدي إنه وثق وجودها أثناء تجوّله بحكم عمله في القسم الطبي مع إحدى المنظمات.
وأوضح طاهر أن المنظمة أجرت إحصائية حول عدد حالات الأمراض المزمنة والأشخاص الذين يعملون بالطب العربي، لافتًا إلى وجود “نحو عشرين شخصًا يملكون عيادات طبية مجهزة ببعض المستلزمات، وجميعها غير مرخصة من أي جهة معتمدة”.
أعشاب مستوردة لصناعة الدواء
أكد العديد ممن تحدثت إليهم عنب بلدي أنهم يجهزون الأدوية المستخدمة في الطب العربي من الأعشاب التي تنمو في منطقتهم أو مناطق أخرى، وقالوا إن عشرات الحالات المرضية شفيت تحت إشرافهم.
عبداللطيف العامري، طبيب عربي من الحسكة، يعمل منذ أكثر من 25 عامًا في الطب العربي، وفق روايته، وأوضح أنه يستقبل عشرات الحالات يوميًا في عيادته المجهزة بمسلتزمات عديدة.
وقال العامري لعنب بلدي “أخلط الأعشاب وأجهز عينات بحسب المرضى”، مشيرًا إلى أنه عالج مرضى بالشقيقة والناسور والقرحات المعدية والديسك، بالإضافة إلى أشخاص يعانون من ارتفاع الضغط والشحوم والكولسترول.
بدوره أوضح شفيق حاج حسين، أنه يجهز عيناته من الأعشاب والزهور في المنطقة، كما أنه جلب “أعشابًا خاصة” من العراق والأردن لعلاج أمراض القلب والتهاب الكبد، مضيفًا في حديثه إلى عنب بلدي “قبل شهرين راجعني شخص مصاب بجلطة قلبية طلبوا منه تركيب قثطرة، عالجته وأبدى تحسنًا بعد 15 يومًا”.
ولا يقتصر العمل في الطب العربي على الرجال، إذ تعالج شمسة الميرو المقيمة في ريف الحسكة، المرضى منذ أمد طويل وقالت لعنب بلدي إنها ورثت المهنة من والدها الذي عمل بها سابقًا، مضيفةً أنها “تعالج أكثر من عشرين حالة إصابة بلدغات عقارب وأفاعي كل فصل صيف”.
وتنمو في المنطقة الشمالية الشرقية من الحسكة أعشاب وأزهار متنوعة، ويعتبر خبراء وصيادلة أنها مفيدة في تصنيع عينات وخلطات الأدوية.
الصيدلاني كاروان عيسو، خريج بريطانيا، أوضح لعنب بلدي أن الأعشاب التي تنمو في المنطقة مفيدة للعديد من الأمراض، لافتًا “لاحظت أن الأشخاص الذين يعملون في الطب العربي بحكم معرفتي ببعضهم، وهذا أمر جيد لمواطني المنطقة”.
ومع انتشار الطب العربي ظهر العديد من المشعوذين الذين ادعوا أنهم أطباء ويملكون الخبرة، وثبت أنهم “لا يفقهون شيئًا”، وفق هالة عنتر من ريف الحسكة، وقالت لعنب بلدي إنها تعرفت على شخص عن طريق جيرانها يصنع “الحجاب” ليشفي المريض.
ويطلب هؤلاء الأشخاص مبالغ كبيرة، وأوضحت عنتر “دفعت خمسين ألف ليرة سورية لعلاج ابني المصاب بسرطان الدم بعد أن ضاق بنا الحال، إلا أن الشخص اتضح أنه مشعوذ وهدفه كسب المال، كما أن طفلي بقي على حاله”.
ويجمع أهالي محافظة الحسكة أن الطب العربي انتشر في وقت تشهد فيه حالة عدم استقرار أمني، وفي ظل وضع اقتصادي متردٍ، نتيجة الحصار المفروض عليهم، الأمر الذي دعا الكثيرين إلى تجريبه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :