سوريا .. نحو صومال جديد
عنب بلدي – العدد 61 – الأحد 21-4-2013
مضى عامان على بدء الثورة السورية ومؤشرات الفقر مازالت في تصاعد مستمر، فقد توقفت معظم المعامل عن الإنتاج نتيجة تعرضها للقصف والدمار والنهب، وتعرض قطاع الزراعة إلى أضرار بالغة وتلف في المحاصيل الزراعية. وهاجرت رؤوس الأموال السورية بحثًا عن ملاذ آمن لاستثماراتها. فأدى ذلك إلى جفاف مصادر الدخل وظهور جيش من العاطلين عن العمل لتتسع بذلك دائرة الفقر، فلم يعد يجد السوري ما يسد رمق العيش إلا القليل من المساعدات.
فقد كشفت التقارير الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا أن عدد الفقراء في سوريا تجاوز 10 ملايين شخص، حيث يعيش 5 ملايين شخص تحت خطر الفقر. وأن نسبة 39% من السوررين يعيشون على 2 دولار في اليوم، في حين بلغ عدد الذين يعيشون على دولار واحد 3.1 مليون شخص أي ما نسبته 13% من عدد السكان. وتأتي هذه الإحصائيات بعد المقارنة بالأرقام التي صدرت قبل اندلاع الثورة عن هيئة تخطيط الدولة، والأرقام التي صدرت مؤخراً عن مركز بحوث السياسات.
فقد ذكرت إحصائيات هيئة التخطيط الصاردة عام 2010 أن 6.7 مليون من السكان هم تحت خط الفقر الأعلى (أي من يعيشون على 2 دولار في اليوم )، في حين أن عدد الذين يعيشون دون خط الفقر الأدنى (أي من يعيشون على دولار واحد في اليوم ) هم 2.4 مليون شخص. بينما تحدثت أرقام مركز بحوث السياسات أن 3.1 مليون شخص دخلوا دائرة الفقر الأعلى، منهم 1.5 مليون دخلوا دائرة الفقر الأدنى.
لم يتطرق تقرير اللجنة الأممية للأوضاع المعشية الصعبة التي يعيشها اللاجئون والنازحون السوريون في الداخل والخارج، والذين يعانون من فقر متعدد الأبعاد، يبدأ من حرمانهم من كل مقومات الحياة، فبعد أن تركوا بيوتهم ومدنهم آل بهم الحال إلى الوقوف على أبواب الجمعيات الخيرية للحصول على المساعدات التي «لا تسمن ولا تغني من جوع» حسبما يقول أحد النازحين السوريين في لبنان ويدعى «أبو خالد» لعنب بلدي، ويضيف أنه «لم يكن يتوقع يومًا أن يقف على أبواب الجمعيات الخيرية ليطلب منهم المساعدة» فحاله اليوم كحال معظم النازحين يعيشون في فقر متقع جعلهم مضطرين إلى الوقوف في الطوابير الطويلة خوفًا من أن يموت أطفالهم جوعًا، يقول أبو خالد: «إن لم تستطع القذائف والمدافع من أن تقتل أطفالنا، فسيقتل الجوع من تبقى منهم».
ولعل السبب الرئيس الذي جعل النازحين يدخلون في دائرة الفقر هي البطالة التي تعد المنبع الرئيسي للفقر، والتي ازدادت معدلاتها بعد اندلاع الثورة. حيث أشار نائب رئيس الوزراء السابق للشؤون الاقتصادية، عبد الله الدردري والذي يشغل حاليًا رئيس مكتب «الاسكوا» في الأمم المتحدة لغربي آسيا أن الاقتصاد السوري قد تقلص بنحو 40% في السنتين الماضيتين، والبطالة ارتفعت إلى 33% في نهاية عام 2012، بزيادة تقدر بنحو 22.4 نقطة مئوية (10.6% – 33%) . ليصل عدد العاطلين عن العمل لمليوني شخص حسب تقديرات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، ويعيل هؤلاء أكثر من 6.6 مليون شخص.
في ضوء هذه الأرقام والتقارير الصادرة، هل ستصبح سوريا صومالًا جديدًا؟ هل الشعب السوري مقبل على مجاعة كبرى؟ هل سيموت من تبقى من أبناء البلد جوعًا؟ هل سيصبح عدد الذين يموتون جوعًا أكثر ممن يموتون بالقذائف والرصاص؟
أسئلة كثيرة يصعب على الجميع الإجابة عليها!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :