النقد البناء،،، البعبع الذي يخشاه الجميع
من منا في هذه الحياة لا يفرح بالهدية؟
أترى حين يهديك أحدهم أخطائك يعرضها عليك، هل ستقبل هذه الهدية أم سترمي بها عرض الحائط؟!
من منا لا يحتاج إلى وقفة صادقة مع نفسه ومع غيره ليرى عيوبه وأخطائه كما هي، دون عمليات تجميل. فكلنا نحتاج ولو في قرارة أنفسنا إلى من يصوب أعمالنا ويرينا أخطائنا كي نتلافاها مستقبلاً ونرقى بأعمالنا ونطور أنفسنا نحو الأفضل. ولكن للأسف، فإن مفهوم النقد البناء مغيب في مجتمعنا، إذ لم تعلمنا كتب المدرسة في الأنظمة الأسدية قبول الرأي الآخر كما لم نتعلم تقبل النقد برحابة صدر وينظر معظمنا للنقد على أنه تجريح شخصي للنيل من هيبتنا وننسى أو نتناسى أن صديقي من صدقني ورحم الله امرءًا أهدى إلي عيوبي.
وقد يكمن السر وراء نفور معظمنا من النقد هو الفهم الخاطئ لمعنى كلمة «نقد» في الأصل. فقد يقوم أحدنا بانتقاد الآخر بطريقة يجرحه فيها أو يسلط الضوء على مساوئ أعماله ولا يذكر حسناتها أو لا يطرح حلولاً لتصحيحها، من هنا ينشأ الخوف من انتقاد الآخرين وبالذات عندما يتحول الانتقاد إلى تتبع للأخطاء لإبرازها وإحراج صاحبها كما أن النقد إن كان للمديح والثناء فقط فإنه لا فائدة منه على الإطلاق.
فالنقد الإيجابي هو العمل قدر الإمكان على وصف عمل ما وذكر سلبياته وإيجابياته بدقة الأمر الذي يمنح الشخص الآخر دفعة نحو الأمام ويعطيه قدرة على الإنتاج والتقدم.
النقد الإيجابي، لا لتتبع العيوب والهفوات بل لإكمال النقص وسد الثغرات
الناقد الذي ينوي الإصلاح في نقده يعمل على توجيه الآخر إلى طرق تطوير عمله والارتقاء به دون تقويضه، فالهدف من النقض ليس هدم عمل الآخرين أو استعراض عضلات من خلال النقد الجارح إذ من السهل جداً انتقاد الآخرين واكتشاف أخطائهم وإبرازها، ولكن من الصعب إكمال النواقص وسد الثغرات.
ومن أراد الانتقاد عليه أن يبعد العوامل الشخصية عن النقد كلياً ويتعامل بموضوعية تامة مع الشخص الآخر ويبني نقده على أسس علمية تهدف لتصحيح المسار لا تخريبه وتبنى على المحبة والأخوة لا التنافس والعداوة فالمحبة تبني جسورًا فوق أكبر الفجوات عمقًا ويهدم الكره أمتن الجسور وأكثرها منعة. وعلى الناقد التسلح بالكلمة الطيبة والابتسامة العذبة ليفتح قلب الآخرين، لأن الكلام القاسي لا يترك أي أثر إلا العداوة والبغضاء، أبد الاحترام للآخرين أثناء نقدك لهم ولا تجعلهم ينفرون منك لتعاليك فأنت لا تملك الحقيقة المطلقة وقد تصيب وتخطئ بالطبع، وفي النهاية كلنا خطاؤون.
ضوابط وآداب النقد البناء
– خذ بيد أخيك واهمس في أذنه حول أخطائه وكلمه في السر عن الهفوات التي قام بها وناقشا معًا طرق حلها وتصويبها فقد يصيب وتصيب أو يخطئ وتخطئ لكنكما في النهاية ستتوصلان لمعرفة الأصح، واعلم أن النقد في السر نصيحة وفي العلن تشهير وفضيحة.
– لا ترجح كفة أمر على آخر فإن كنت تنتقد أخاك فقم بوضع عمله على كفة ميزان وأنصفه في انتقادك، أبرز الحسنات أولاً وحببه بعمله وأعلمه بأنك معجب بما فعل وانتقل للسلبيات فيكون الأمر أخف وطأة عليه ولا تبالغ في الانتقاد واجعل الموضوعية حكمك وميزانك.
– لا تجعل نقاشك في الانتقاد فرديًا ولا تستأثر بالساحة لك وحدك فقط، فالنقد ليس هجومًا على أحد ولا تعد على أحد، امنح أخاك فرصة ليدافع عن أفكاره وعن عمله، وبذلك تكون قد ضمنت وده وحفظت حقوقه وسيكون على استعداد أكبر لتقبل النقد والعمل به وضع نفسك مكان الآخر، فربما تجرحك بعض الكلمات أو تهينك بعض التصرفات فحاول الابتعاد عنها لأن ما يؤلمك حتماً يؤلم الآخرين.
– حاول طرح حلول بديلة على الآخر بلطافة وكل رحابة صدر، فالنقد كما قلت في البداية هدية فحاول أن تكون هديتك قيمة مغلفة بأجمل الأغلفة ومعطرة بأطيب العطور واجعل هديتك تذكاراً يبقى في ذاكرة الآخرين لا هدية ثقيلة يود صاحبها التخلص منها في أسرع وقت وبأي ثمن كان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :