عنب بلدي – العدد 61 – الأحد 21-4-2013
أبو اسحق الادلبي
إن ما تشهده سوريا في السنتين الأخيرتين لم يترك أثرًا على الناحية التدميرية المادية فقط، بل ترك أثرًا تدميريًا على الناحية المعنوية ومن هنا برز اتجاه العقل السوري أو ما يعرف بالمثقف السوري وخصوصًا باتجاه ما يعرف بالحراك السلمي. فمما لاشك فيه أن الثورة السورية هي نقطة تحول فاصل للسوريين بكافة المقاييس، فالعقل السوري المبدع كان مسجونًا مع الحرية والكرامة بسجن عنوانه التهميش والقهر فكم من دماغ مات أو دفن في السجون وكم من مثقف ترك بلاده وراءه ليبدع في بلاد الغربة؟
وتطور هذا المشهد لحد ما في الثورة، فأصبح السوري وكعادته يضفي طابعه الابداعي في هذه الأيام العصيبة، فعلى سبيل المثال العقل السوري الذي كان قبل الثورة هو نفسه الذي أسس الصحافة وأبدع فيها، وهو نفسه الذي أسس منظمات تعنى بشؤون الثورة وهو نفسه الذي يعبر عما يريد بأبسط الطرق، فعلى سبيل المثال تشهد لافتات مدينة كفرنبل إقبالًا ومتابعة كبيرين داخليًا وخارجيًا على كافة المستويات لعظيم الهدف والذي يصل بأبسط العبارات .
كذلك هو المبدع الذي يجعل الحاجة أم الإختراع وأحيانًا قبل الحاجة وهو الذي يصنع السلاح ويطوره، ولكن أمام عظمة هذا المبدع والمفكر والباحث تظهر إشارات الاستفهام على النحو التالي: ما مصير العقول التي هربت من أعمال العنف وبقيت دون استثمار أو استثمرتها بلاد الغربة؟ والسؤال نفسه لماذا لا تحمى هذه العقول المبدعة في الداخل والتي أصبحت محركًا للثورة وهدفًا للنظام بآن واحد والسؤال الأعظم يبقى لماذا لم تمثل هذه القدرات بشكل لائق ولماذا لم تتخذ خطوات لتفعيل وتشغيل هذه القدرات المتواجدة في الخارج من قبل تكتلات الائتلاف والمجلس الوطني وغيره من المنظمات الثورية التي تشكلت في الخارج ولماذا لم تتخذ إجراءات أو مطالبات لحماية هذا الكنز النادر ألا تصبح منظمات الثورة شريكة للنظام بهذا؟
يقول الدكتور أحمد وهو دكتور في التنمية البشرية، ترك عمله وعيشه الرغيد في بلاد المهجر وعاد لسوريا للعمل وبعد تواصله مع قيادات في الائتلاف «غيبني حافظ الأسد وابنه عن وطني ثلاثين عامًا أما الآن فأنا في وطني ولكني لازلت في المهجر فقد غيبوني في الثورة مدة عامين» كلام يحمل في طياته «الحسرة « أليست الثورة بحاجة لتفعيل المبدع أكثر من أي وقت مضى والسؤال الملح: إلى متى؟