الطفل بين سيكولوجيا اللعب وتشوه ألعاب الطفولة في الحروب

  • 2013/04/23
  • 8:02 ص

عنب بلدي – العدد 61 – الأحد 21-4-2013

هوشيار – قامشلو
في سياق الحديث عن نمو الطفل، يتم التركيز من قبل علماء النفس على أهمية اللعب كعامل يخدم تطوير مهارات وقدرات الأطفال، ففي هذه المرحلة يكون الاحتكاك مع الأقران والانفتاح على الآخرين متخطيًا الأسرة النووية الصغيرة مساهمًا في تنمية المشاركة الاجتماعية،  تعرف كاترين تايلور (1967) اللعب على أنه: «أنفاس الحياة بالنسبة للطفل، إنه حياته وليس مجرد طريقة لتمضية الوقت وإشغال الذات فاللعب للطفل هو كالتربية والاستكشاف والتعبير الذاتي والترويح والعمل للكبار»، في نظرية «الإعداد للحياة المستقبلية» يبرز دور اللعب في شخصية الطفل من خلال إعداده للأدوار الحياتية، فللعب وظيفة بيولوجية هامة، وهو إعداد للطفل كي يعمل في المستقبل الأعمال الهادفة المفيدة، وهنا تختلف الألعاب بين الجنسين ويلعب العامل الثقافي مكانًا محوريًا فيه، فالبنات يميلون إلى الألعاب الهادئة كاللعب بالدمى وذات الطابع المنزلي كالطبخ، والصبيان يميلون إلى الألعاب الخشنة كالقفز وذات الطابع الحرفي  كتصليح آلة أو قيادة سيارة صغيرة …الخ

إذًا ما يلعبه الطفل في مرحلة الطفولة هو ليس لعبًا بالمعنى الصرف، وإنما هو تنشئة وتهيئة له للقيام بمهام ستنوط به عندما يصبح راشدًا، وهذا يخبرنا بأهمية ممارسة الطفل لمختلف الألعاب مع أصدقائه، وضرورة متابعة نوعية وطبيعة نشاطه كي تكون أكثر بنائية.
هناك نظرية هامة أيضًا تسمى بنظرية «الطاقة الزائدة»، فالأطفال يحاطون بعناية أوليائهم ورعايتهم فيقدمون لهم الغذاء ويعنون بنظافتهم وصحتهم دون أن يقوم الأطفال بعمل ما، فتتولد لديهم طاقة زائدة يصرفونها في اللعب.
لذا فالطفل يمتلك طاقة زائدة بشكل عام، وهو بحاجة لتصريف وتنفيس هذه الطاقة، ولا يجد الطفل سوى اللعب مجالًا ملائمًا للتنفيس، لذلك نراه حريصًا على اللعب ومنتعشًا في حضور أقرانه أثناء ممارسة نشاط اللعب.

ولو جمعنا بين فكرتي هاتين النظريتين، سنجد بأن اللعب مزيج وتقاطع بين إعداد لإنسان المستقبل، وصرف لطاقة زائدة ربما ستأخذ نفس المجرى في المستقبل من حيث التعود على أشكال محددة من التنفيس والتصريف ومتمظهرة في سلوكيات مشابهة أو قائمة على أساس ألعاب الماضي.
الآن علينا أن نربط بين ذلك وبين أشكال ألعاب الأطفال في ظروف الحروب والأزمات، حيث انتشار السلاح والآليات الحربية كيفما ذهبت، أضف إلى ذلك امتلاء وسائل الإعلام  وشاشات التلفزة بأخبار الحرب الدموية، ستكون النتيجة الطبيعية أطفال لا يلعبون سوى ألعاب الحرب، فربما يزعجك أو لا يثير انتباهك! منظر حمل أطفال سوريا في إحدى الأزقة لبنادق خشبية وهم يلعبون سويا! ويحاولون محاكاة ما يشاهدونه ليل نهار! لا يعلمون تأثير ذلك في حياتهم.
حالة الحرب هي حالة استثنائية وليست القاعدة، ولسوء حظ الأطفال أنهم قد ينشؤون في جحيمها، ومن المؤلم أن طاقة أطفالنا تتحدد تصريفها في نشاطات لا تفيدهم بل تؤذي حاضرهم ولاحقهم، فلا تذهب إلى نشاطات وألعاب أكثر لطافة وأقرب للحالة السوية الطبيعية بالنسبة للطفولة.
فبدل أن يحمل الطفل ألوانًا خشبية يرسم بها، نراه يحمل بندقية خشبية، ومن المبكي جدًا أن نشاهد الأطفال يسألون عن تفاصيل السلاح «الميغ والـ ب م ب والكلاشنكوف والآر بي جي ..الخ» ويحفظون أسماءها.
خطير أن نعرف بأن هذه الاسماء والمشاهد العنيفة ستدخل ذاكرة الطفل وتدمج في بنائه الشخصي، ويا  ترى هل ستعبر هذه المدخلات عن نفسها عندما يكبر الطفل؟! نأمل بأن يكون الجواب بـ لا!
يبقى السؤال هل من الممكن تحييد الطفل وعزله عن هذه الأجواء والظروف  لكي يعيش طفولة بريئة وبألعاب أكثر فائدة وأقل خطورة على مستقبله؟ الجواب هو أن الإمكانية قد تتوفر ولكن بصعوبة بالغة!

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب