ريدور أحمد – عفرين
أثّرت المتغيرات السياسية والعسكرية التي طرأت على مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي خلال الأعوام القليلة الماضية، على المرأة الكردية، التي مُنحت حقوقًا ضيّعتها المفاهيم والتقاليد السائدة سابقًا، وقيّدت في الوقت ذاته بقوانين سنتها التشريعات الجديدة في المنطقة.
وتخضع منطقة عفرين التي تضم أغلبية كردية لما يسمى بـ “الإدارة الذاتية”، وهي تحالف سياسي ضم عددًا من الأحزاب والتحالفات، وأبرزها حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يتفرع عنه ذراعان، الأول عسكري (وحدات حماية الشعب)، والثاني أمني (أسايش).
عانت “ز.م” (أم حنان) الأمرين في مجتمعها، وفق تعبيرها، فحرمت من الدراسة لأنها “لا تخدم المرأة”، وتزوجت قبل أن تكمل السادسة عشرة من عمرها، واعتبرت، في حديثها إلى عنب بلدي، أنها لاقت من الظلم الشيء الكثير، فهي ممنوعة حتى من المشاركة في القرارات الأسرية “مستقبل الشباب والبنات”، على سبيل المثال.
أم حنان حرمت كمثيلاتها من نساء عفرين من حق الميراث بحكم العادات والتقاليد السائدة فـ “الورثة هم الشباب حصرًا ولا تركة لامرأة”، رغم أن الشرع الإسلامي والقانون السوري يقول غير ذلك، وفق تعبيرها، وأضافت “اليوم وبعد إقرار العقد الاجتماعي من قبل الإدارة الذاتية، منحت المرأة بعض حقوقها، كما فرضت بعض القوانين التي تحد من الطلاق أو تعدد الزوجات، لكنها تجاهلت أيضًا حق الميراث”.
دخلت المرأة الكردية مؤخرًا الحياة السياسية، وانخرطت إلى جانب الرجل في إنشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات، وشكّلت هيئات متخصصة بشؤون المرأة. ووافقت مزكين محمد، وهي شابة كردية تعيش في عفرين، ما ذهبت إليه أم حنان، وأكدت أن “المرأة في ظل الإدارة الذاتية استطاعت التحرر من بعض العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، ومنحت العديد من الحقوق”، لكنها وصفت بعضها بـ “المزيفة”.
استغلت “الإدارة الذاتية” المرأة الكردية كواجهة حضارية لتمرير العديد من الممارسات والقرارات غير القانونية، بحسب مزكين محمد، وأضافت “تجنيد القاصرات تصرف غير مقبول تنتهجه الإدارة الذاتية”، مبدية سخريتها من تمثيل المرأة سياسيًا في بعض المحافل “المرأة لا تشارك بأي شكل في القرارات المصيرية للسلطة الحاكمة”، وفق تعبيرها.
نزوح وهجرة من الجنسين شهدته عفرين خلال الأشهر الماضية، خوفًا من “قانون الدفاع الذاتي” أو ما يعرف محليًا “التجنيد الإجباري”، وتابعت مزكين “اعتقال الشباب واختطاف القاصرات دفع فئة الشباب إلى السفر خارج عفرين، بعد أن أصبحوا أعباء إضافية على ذويهم وهم بين أحضانهم”، مستشهدة بحادثة حصلت مع قريبتها التي تعرضت لنوبة قلبية جزعًا على ابنها، بعد هربه من عفرين خوفًا من الاعتقال.
المرأة التي شاركت ومازالت تشارك في بناء المجتمعات المتقدمة، كانت قبيل اندلاع الثورة ضد النظام السوري، مسلوبة الحقوق وعبئًا على كاهل العائلة في ظل المفاهيم والعادات السائدة في المجتمع، واليوم أصبحت “سلعة” يتم استغلالها بشتى الطرق من بعض الكيانات السياسية والعسكرية، للوصول الى الهدف المنشود، كما ختمت الشابة مزكين.