يتنبأ العاملون في المجال الإعلامي بأن نسبة قليلة من المؤسسات الإعلامية العاملة في السوق الجديدة ستستمر لمرحلة ما بعد الثورة، بسبب غياب التخطيط، وانقطاع الدعم وتأرجحه، وغموض المشهد إلى حد كبير، وبالمجمل “لا توجد هوية محددة لمعظم المشاريع الإعلامية لأسباب مادية بحتة” ولعدم وجود فريق متكامل ومتجانس ضمن المؤسسة الواحدة، ما يؤدي إلى تراجع مستويات التأثير لهذه الوسائل وضياع الرسالة قبل أن تصل للمتلقي، أو على الأقل تعرضها للتشويش، ما يفقدها التأثير. يقول يوسف صدّيق، مدير مركز حلب الإعلامي، “لا أعتقد أن عددًا كبيرًا من المؤسسات الحالية ستستمر، 90% لن يستمر لأنها تعتمد على تمويل خارجي”.
إضافة إلى التمويل وصعوبة تأمينه وضمان استمراريته، يبدو أن ما يعيب هذا الإعلام أيضًا هو “المناطقية” فلكل مدينة أو بلدة مكتب أو عدة مكاتب إعلامية متفرقة لا يجمعهم أي مرجعية، والسبيل الوحيد لتعزيز مصداقية هذا الإعلام وتحويله إلى مصدر أساسي للمعلومات، وفق مدير المركز الاعلامي المستقل في داريا، حسام الأحمد، هو أن يكون هناك هيئة إعلامية حقيقية على أرض الواقع تشمل كل سوريا وتصدر باسم واحد وصوت واحد هو صوت الشعب السوري.
هل ينتهي الإعلام الجديد مع نهاية النظام؟
يعاب على الإعلام الجديد أنه لا يعطي نظرة للمستقبل، ويشعر المتابع أن هذه الوسائل ستتوقف مع سقوط النظام، وقليلة هي الوسائل التي تحاول إيصال صورة لرغبتها في الاستمرار والتحول إلى إعلام سوري حقيقي للمستقبل.
الافتقار للمهنية، وعدم وجود جهات تضع خطوطًا عامة يمكن السير عليها، يعتبر أيضًا من العوامل التي قد تودي إلى التوقف مع سقوط النظام، فالعاملون في هذا المجال بقوا لفترات طويلة في علاقة جدلية بين “النزق الثوري” وبين “المهنية الصحفية”، كما يقول يزن يغن، معد في راديو نسائم سوريا، ويضيف “كان هناك افتقار للمهنية ولم تكن آليات الحصول عليها بشكل سريع، وهذا أوقعنا بأخطاء كثيرة”.
وأثر عدم وجود الموارد على نوعية المواد الإعلامية، “إننا نبني تجربة من لا شيء، وهذا جعل أخطاء الإعلام الجديد تتقبل من قبل الناس”، يقول يغن، مشيرًا إلى أن أكبر مشكلة تواجه الإعلام وخاصة الراديو والتلفزيون أنها تبث من الخارج، وهذا “انفصال عن المحيط الجغرافي”. لكنه يؤكد على أن هذا الإعلام خلق حالة من تكافؤ الفرص، فهناك مساحة لإثبات الذات دون الحاجة إلى “الواسطات” التي كانت “دينمو” الإعلام والصحافة في عهد النظام.
ولعل الاتفاق العام على النهج الثوري، ووجود استراتيجية مشتركة بإبراز حجم المشاركة الشعبية في الثورة، دفع الإعلام لكي يصبح “فئويًا مؤدلجًا”، لا يهمه التعبير عن الثورة ككل، بل فرض وجهات نظر، يعكس تضارب هذه الفئات والتيارات، وفق همام الحصري، وهو إعلامي في الغوطة الشرقية لدمشق ومدير مؤسسة “فرونت لاين” للإنتاج الإعلامي.
ضريبة الإعلام الجديد… غياب الرؤية الشاملة
ويعد غياب الرؤية الشاملة، عن الإعلام الجديد من أهم المشكلات أيضًا، ويرى يوسف صدّيق، مدير مركز حلب الإعلامي، أن “هذه مشكلة المجتمع الباحث عن الجديد في الحرية وبناء دولة، إلى الآن لم يقرر كيف تكون هذه الدولة ومستوى الحرية والعلاقة بين مكونات المجتمع، الإعلام وقع في نفس الدوامة”. وينصح ببدء الاعتماد على أشخاص أصحاب خبرة وعلى الأقل أن يكونوا مستشارين، مؤكدًا أن على الناشط أو الممارس ألا يكون رئيس تحرير أو في منصب إداري كبير، على مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب.
يقول صديق “يجب أن يكون هناك مهنية في الطرح، ويجب استخدام المصطلحات الإعلامية بشكل صحيح، وأن نحترم الجمهور وأن نقدم له مادة على مستوى الحدث”، وبرأيه لم يقدم الإعلام شيئًا على مستوى الحدث، حتى الآن، “ما يحدث في سوريا شيء استثنائي على مستوى البشرية والعالم، ونحن غير قادرين على تقديم شيء استثنائي لسبيين: عدم وجود خبرات، وإن وجدت، عدم وجود مؤسسات تستثمرها”.
تابع قراءة ملف: الإعلام “البديل” في “الغربال”.. تحسّس رؤوس مع انطفاء بريق الداعمين
الصحافة الورقية الجديدة.. طفرة ما بعد الثورة
هل مؤسسات الإعلام الجديد “غير وطنية”؟
دور الإعلام السوري الجديد “ملتبس”
“إعلام جديد” مقابل تنظيم “داعش” والنظام
الإعلام السوري الجديد في “غربال” المنظمات الداعمة
منظمات دولية دعمت الإعلام السوري الجديد
تأثير في مناطق المعارضة.. وغياب عن “مناطق النظام”
درعا.. تجارب إعلامية محلية تشوبها “المناطقية” وتنقصها الخبرات
“حلب اليوم” تلفزيون “ثوري”.. ينقد الثورة
الإذاعات السورية.. صراع من أجل البقاء ومسيرة يعرقلها “مزاج الداعم”
مرحلة “تحسس” رؤوس.. هل يستمر الإعلام الجديد؟
تجربة شبكة أبراج.. الأولوية “ليست للعمل الجماعي“
تجارب إعلامية تتأسس في الحسكة بعد ارتخاء قبضة النظام
“شام”.. أقدم شبكة إعلامية في الثورة بدون تمويل
استمرارية الإعلام السوري الجديد على المحك
ناشطون: الإعلام الجديد.. يشبه كل السوريين “الأحرار”
تطور آليات التوظيف في المؤسسات الإعلامية الجديدة
الوضع القانوني شرط أساسي لاستدامة المؤسسات
تجارب جديدة في التمويل الذاتي.. “التفكير خارج الصندوق”
شبكات ومجموعات عمل للنهوض بالمؤسسات الإعلامية إداريًا وتنظيميًا
إعلاميون: “الإعلام الجديد” سيقود القاطرة في سوريا
لقراءة الملف كاملًا في صفحة واحدة: الإعلام “البديل” في “الغربال”.. تحسّس رؤوس مع انطفاء بريق الداعمين
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :