في الوقت الذي تغيب فيه صحف الإعلام الجديد وإذاعاته عن مدينة درعا والمنطقة الجنوبية عمومًا، أسوة بالمناطق المحاصرة في دمشق وريفها، كان لا بد من إطلاق مشاريع إعلامية تواكب الحراك المدني والعسكري وتشبع رغبات الجمهور في تلك المناطق، واليوم تحفل مدينة درعا وريفها بتجارب إعلامية “مميزة” كان عمادها الإنترنت، بعدما تعذر توزيع الصحف والمجلات الجديدة هناك، ورغم ذلك تبقى هذه المشاريع على تجربتها المحلية والخبرات المتواضعة عاملًا مهمًا في نقل الصورة ونقل واقع جنوب سوريا بعين أخرى مغايرة لرؤية النظام وإعلامه.
يقول محمد العبدالله، مدير مؤسسة “شاهد” الإعلامية المحلية، إن “هذه أول تجربة إعلامية ضمن مساحة واسعة من الحرية، وتعبر عن الرأي العام في الظروف الاستثنائية التي تعيشها سوريا دون وجود تلك القيود التي ألفناها عند الإعلام الرسمي التابع للنظام”. وبحسب العبدالله، يتميز عمل مؤسسة شاهد بتغطية شاملة للأحداث في المحافظة، وبوجود عدد كبير من الناشطين الإعلاميين ضمن التغطية المدنية والإنسانية والعسكرية والسياسية، وهذا لا يعني أن جهود وعمل المؤسسات الأخرى غير مؤثر بل هو رافد ومكمل للعمل الإعلامي المؤسساتي في محافظة درعا.
ويتميز الإعلام البديل في درعا بالفكر الجديد والمغاير، من حيث التناول والعرض لواقع السوريين، وما يميز هذه التجربة أن كوادر العاملين في هذا المجال أقرب إلى الناس وعايشوا مأساة الشعب السوري، بحسب العبدالله، لكن أهم ما ينقص التجربة هو وجود التنظيم والإمكانيات الكافية “التي تلبي طموحات الشعب السوري في ثورته”، على حدّ تعبيره.
ويسعى الناشطون لاتباع دورات منهجية تزودهم بالمهارات والخبرات الكافية للتعامل في ظل ظروف الحرب، بالإضافة لتوفير ما يلزم من معدات ووسائل تخدم العمل الإعلامي بطريقة احترافية.
فصل بين الإعلام العسكري والمدني في درعا
تتضمن المؤسسات الإعلامية في درعا عددًا من الإعلاميين الأعضاء في المكاتب الإعلامية للفصائل العسكرية المختلفة، ما يولّد سؤالًا، من وجهة نظر مهنية، عن الآلية التي يتم بها التنسيق بين العمل الإعلامي الخاص بالمؤسسة والعمل الإعلامي الخاص بالفصيل العسكري، فيجيب العبدالله “تقوم المؤسسة على مبدأ الفصل بين الإعلام المدني ونظيره العسكري ضمن التخصصات الموجودة، ويعتبر وجود أي إعلامي تابع لفصيل شاهدًا للمؤسسة، باعتبار أن هذا هو سبب التسمية والغاية منها، أما العلاقة مع الفصائل العسكرية فهي علاقة يفرضها الدور الإعلامي الذي يغطي كل الأحداث ويواكب كل الآراء.
يتابع العبدالله “هنالك تكامل إلى حد ما بين الأدوار الإعلامية، مع وجود بعض الاختلاف ببعض الآراء التي لا تشكل خطورة كبيرة على العمل من مبدأ الفصل بين تخصصات المؤسسات واحترام الإعلام لاستقلالية المؤسسات الأخرى، بما يحقق الطموحات الكاملة لثورة الشعب السوري”.
أسامة الزعبي، مسؤول الهيئة السورية للإعلام، التي تركز في عملها على جنوب سوريا، يرى أنه من الضروري التصحيح بأنه لا يوجد شيء اسمه إعلام رسمي في سوريا، “وإنما هنالك إعلام النظام الذي يكذب ويلمع سياسته، وإعلام الثورة الذي ينقل معاناة الشعب السوري ويحاول إيصال مطالبه وحقوقه إلى العالم”.
ويوضح الزعبي أن إعلام الثورة “يحمل مبادئ أساسية، أهمها نقل الحقيقة والمطالبة بحق الشعب السوري”، معتبرًا أن “كل إعلام يؤثر به الدعم الخارجي يحيّده عن مبادئه هو إعلام مرتزقة وليس إعلامًا ثوريًا، حتى وإن كان القائمون عليه من أوائل الذين خرجوا ضد النظام”.
وتعتبر الهيئة السورية للإعلام ناطقًا رسميًا باسم الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر، ولدى السؤال عن الخطوط الحمراء التي يمكن أن يفرضها القادة العسكريون على الإعلاميين، يؤكد الزعبي أن “الخطوط الحمراء المفروضة على الهيئة هي العمل دون مهنية والولاء لغير الوطن والثورة، فمبادئ وأهداف الهيئة واضحة تنقل الحقيقة بحرفية ومهنية، عبر العمل بنظام مؤسسة متكامل، لها أهداف وسياسة تحريرية تتماشى والثورة السورية”.
“المناطقية” إحدى سلبيات الإعلام الحوراني
أما معاوية الزعبي، مدير مؤسسة يقين الإعلامية، فيقول إن “أغلب العاملين في هذا المجال هم شباب ناشطون، كانوا قبل الثورة بعيدين عن المجال الإعلامي، وأجبرتهم ظروف الحرب على الخوض في هذا المجال، ومنذ البداية لا يمكن مقارنة الإعلام الرسمي بإعلام الثورة لأن إعلام النظام يمتلك المال والدعم، وإعلام الثورة اعتمد على نفسه وبدأ من نقطة الصفر، ولكن “الصدق في نقل الوقائع هو ما ميز الإعلام الثوري”، على حد قوله.
تتوزع المؤسسات الإعلامية في درعا بشكل جغرافي، وإلى اليوم هناك سلبيات كبيرة تعاني منها “بسبب مناطقية المؤسسات، والبعد الجغرافي”، ويرى الزعبي أن “إعلام حوران اليوم مازال يخط الخطوط الأولى لمرحلة جديدة من الاحتراف والعمل المهني المكمل لبعضه البعض رغم كل معوقات العمل”.
وتعمل مؤسسة يقين على إيجاد مصادر دخل لدعم مشاريعها المستقبلية، وتسعى لتطوير المنتج الإعلامي الذي تقدمه كوادرها، والانتقال من نقل الأخبار إلى إعداد مواد أكثر عمقًا، يغلب عليها الطابع التحقيقي والبحثي، لكن هذه المساعي تصطدم بعائقين أساسيين، هما الحاجة لأشخاص أصحاب خبرة كبيرة في هذا المجال، والثاني عدم وجود جهة تحمي الإعلامي أو المؤسسة في هذه الظروف.
تابع قراءة ملف: الإعلام “البديل” في “الغربال”.. تحسّس رؤوس مع انطفاء بريق الداعمين
الصحافة الورقية الجديدة.. طفرة ما بعد الثورة
هل مؤسسات الإعلام الجديد “غير وطنية”؟
دور الإعلام السوري الجديد “ملتبس”
“إعلام جديد” مقابل تنظيم “داعش” والنظام
الإعلام السوري الجديد في “غربال” المنظمات الداعمة
منظمات دولية دعمت الإعلام السوري الجديد
تأثير في مناطق المعارضة.. وغياب عن “مناطق النظام”
درعا.. تجارب إعلامية محلية تشوبها “المناطقية” وتنقصها الخبرات
“حلب اليوم” تلفزيون “ثوري”.. ينقد الثورة
الإذاعات السورية.. صراع من أجل البقاء ومسيرة يعرقلها “مزاج الداعم”
مرحلة “تحسس” رؤوس.. هل يستمر الإعلام الجديد؟
تجربة شبكة أبراج.. الأولوية “ليست للعمل الجماعي“
تجارب إعلامية تتأسس في الحسكة بعد ارتخاء قبضة النظام
“شام”.. أقدم شبكة إعلامية في الثورة بدون تمويل
استمرارية الإعلام السوري الجديد على المحك
ناشطون: الإعلام الجديد.. يشبه كل السوريين “الأحرار”
تطور آليات التوظيف في المؤسسات الإعلامية الجديدة
الوضع القانوني شرط أساسي لاستدامة المؤسسات
تجارب جديدة في التمويل الذاتي.. “التفكير خارج الصندوق”
شبكات ومجموعات عمل للنهوض بالمؤسسات الإعلامية إداريًا وتنظيميًا
إعلاميون: “الإعلام الجديد” سيقود القاطرة في سوريا
لقراءة الملف كاملًا في صفحة واحدة: الإعلام “البديل” في “الغربال”.. تحسّس رؤوس مع انطفاء بريق الداعمين
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :