استهداف دور العبادة في دير الزور يترك أثره على إرثها الحضاري
عنب بلدي – العدد 60 – الأحد 7-4-2013
أوس العربي – دير الزور
بعد أن مسّ الخراب والدمار كل تفاصيل حياة السوريين، ولم يبق بيت لم يطله الدمار، كما لم تبق عائلة إلا كان فيها جريح أو شهيد أو معتقل. فقد كان هناك، إضافة لكل هذه الجروح، ندب أخرى تركت أثرها في جسد المجتمع السوري وتكوين تاريخ سوريا الحضاري والإنسان جراء قيام النظام بتخريب وتدمير الصروح الحضارية بما فيها دور العبادة.
في مدينة صغيرة كدير الزور لحق ضرر بدور العبادة فيها، الأمر الذي ترك جرحًا بليغًا لا يمحوه الزمن بالنسبة لمجتمع محافظ بشقيه المسلم والمسيحي. في البداية كانت المساجد التي استهدفها النظام لأنها كانت منطلق التظاهرات التي فجرت الحراك الشعبي في المدينة. ومساجد دير الزور يعود قسم كبير منها إلى العهد العثماني ومنها يعود في الزمن إلى ما قبل الحقبة العثمانية إذ يعود تاريخ مسجد هزاع أو المسجد العمري وهو أحد أقدم المساجد إلى العصر العباسي بقبته التي تحمل سمات ذاك العصر، وتحولت الساحة التي يوجد بها المسجد العمري إلى ساحة حرب بعد أن جعلها النظام أحد المحاور التي حاول الولوج منها إلى المدينة.
كما يعتبر مسجد الشيخ ويس ومسجد الراوي من أقدم المساجد في المدينة ويوجد بها قبور للعلماء الذين قاموا ببنائها ومن المتعارف عليه أن هؤلاء العلماء عاشوا في زمن السلطان العثماني عبد الحميد الأول.
لم يكتف النظام بتدمير المساجد، بل كان للكنائس نصيب من الدمار أيضًا. وعلى الرغم من صغر المدينة إلا أنها تحتوي على كنائس بعدد الطوائف المسيحية من أرمن وكاثوليك وسريان وحتى كلدانيين.
كنيسة الكاثوليك التي كان من سوء حظها أنها بالقرب من مفرزة الأمن العسكري اتخذها جنود الأسد مكانًا لقنص المارة ولإحكام إغلاق المنطقة المحيطة بها و «جنود الأسد مروا من هنا» حسب ما توضخ العبارات الموجودة على جدران الكنيسة. أما كنيسة الأرمن التي شيدت تخليدًا لذكرى شهداء الأرمن الذين سقطوا في مذبحتهم المشهورة عام 1915 كانت تحوي على رفات بعض من قتل في تلك المذبحة لكن حالة الكنيسة اليوم ليست بأفضل حال من رفات من دفنوا فيها.
أبو الحكم وهو من سكان المدينة، مسلم ينحدر من أصول أرمنية، ذكر أن النظام حاول مرارًا «زرع الفرقة» بين المسلمين والمسيحيين وتمثلت محاولاته في استهداف الكنائس «عن قصد» حتى ينسب هذه الفعلة لعناصر الجيش الحر في محاولة «يائسة لتشويه صورتهم» أمام العالم وذكر جو الألفة والمحبة التي كان يعيشها المسلمون والمسيحيون في المدينة.
وأكد أبو الحكم أن العديد من رواد المساجد والكنائس اليوم إما شهيد أو قتيل أو مهجر قسرًا لكنهم جميعًا يأملون في العودة إلى ديارهم و «متابعة حياتهم مثلما كانوا على الدوام».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :