الريف الشرقي لمعرة النعمان، بين الدمار وهاجس إعادة الإعمار
عنب بلدي – العدد 60 – الأحد 7-4-2013
مهند الأسعد – محمد حسام حلمي
لا تقتصر تكاليف الحرب التي أعلنها النظام على شعبه المطالب بالحرية على تكلفة السلاح المستخدم في تلك المعركة بل تمتد التكاليف إلى إعادة بناء وترميم ما خلفته الحرب من هدم وتدمير.
جولة ميدانية لمراسل «عنب بلدي» في معرة النعمان وريفها، إذ لا يكاد يخلو حي فيها من آثار الدمار والهدم، والتي تختلف نسب الدمار فيها بحسب نوع القصف الذي تعرضت له تلك المناطق، سواءٌ من الراجمات المحيطة بها أو من الطيران المروحي والحربي، وتتفاوت من تهدم كامل لمجموعة من المباني المتجاورة إلى فتحات في الجدران و الأسقف، وإلى تصدعات في البناء وتحطم في زجاج النوافذ.
لا يمكن وضع إحصائية دقيقة لحجم الدمار وعدد المباني المتضررة وتقدير القيمة المادية لهذه الخسائر في منطقة معرة النعمان وريفها، ولكن المجالس المحلية في قرى وبلدات المنطقة قامت بتشكيل لجان خاصة لإعادة الإعمار، تقوم بمهمة التوثيق وحصر أعداد المنازل المتضررة وتقدير نسب الدمار في الممتلكات الخاصة من المنازل السكنية والمحال التجارية، بالإضافة إلى تقدير الأضرار في الممتلكات العامة و البنى التحتية في تلك المناطق. وقد أفصحت لجنة إعادة الإعمار في ريف المعرة الشرقي في لقاء خاص مع مراسل «عنب بلدي» عن نتائج الدراسة ونسب الدمار كما هو موضح في الجدول التالي:
وفي لقاء آخر مع مسؤول لجنة إعادة الإعمار في قرية «تلمنس»، ذكر أن العدد الإجمالي للمباني في القرية يبلغ 2800 مبنى. وبلغ عدد المباني المهدمة كليًا 120 مبنى، أي ما يشكل نسبة 4% من مباني القرية، أما المباني المهدمة جزئيًا (بنسبة دمار تتراوح بين 10% – 50% ) تقدر بـ 120 مبنى أيضًا، بينما تبلغ نسبة المباني ذات الأضرار البسيطة مثل كسر في النوافذ والأبواب 40% من مباني البلدة، وأن حوالي 50% من أسر المنطقة تعرضت لأضرار في الأثاث والممتلكات المنزلية. ونوه رئيس اللجنة إلى مشكلة خطيرة تتمثل في أن الكثير من المنازل في القرية مهددة بخطر السقوط في أي لحظة بسبب طريقة البناء القديمة التي لا تقوم على المعايير الهندسية الصحيحة، فمعظم بيوت القرية هي عبارة عن مخالفات وعشوائية وسبب القصف بإحداث تصدعات وشقوق في بعضها والتي قد تسبب سقوطها في حال حدوث أي قصف على القرية.
وفي جولة لمعاينة البنى التحتية في القرية فقد تعرضت مدارس «تلمنس» للقصف حيث لا تكاد تخلو مدرسة من آثاره، كفتحات في الجدران أو حفر في باحة المدرسة نتيجة سقوط القذائف، بالإضافة إلى تحطم زجاج معظم نوافذ المدارس من تأثير ضغط الإنفجارات. كما قُطع كابل الاتصالات الضوئي الذي يصل مقسم البلدة بالمحطة الرئيسية في معرة النعمان نتيجة قصف صاروخي على منطقة ضهرة تلمنس. وتعرض الطريق الرئيسي في القرية لأضرار كبيرة تمثلت في التشققات والتصدعات التي أصابت الإسفلت وذلك بسبب مرور المركبات الكبيرة، نتيجة تحويل أتوستراد حلب دمشق لتمر عبره المركبات. علمًا أنه غير مؤهل بالأصل لمرور المركبات الكبيرة.
وأثناء الجولة التقت عنب بلدي «أبو محمد» الذي يعمل مدرسًا في إحدى مدراس القرية، والذي خسر منزلين كان يعيش فيهما مع أسرته وأسر أبنائه، وذلك جراء سقوط قنبلة فراغية فيهما.
أبو محمد لا يملك أي رؤية واضحة للمستقبل وليس لديه أي خطة خاصة من أجل إعادة إعمار المنزلين، ولكنه يعيش على الأمل وبانتظار أن تفرج الأمور وتستلم الحكومة المستقبلية الشؤون في البلد عسى أن تتبنى هي عملية إعادة الإعمار وتمويلها.
يعتبر وضع خطة إعادة الإعمار وتأمين الأموال اللازمة لذلك من أكبر التحديات التي ستواجه سوريا بعد سقوط النظام، فقد أوضح مسؤول لجنة إعادة الإعمار في القرية أن «لجنة الخدمات التابعة للمجلس المحلي قامت ببعض الإصلاحات البسيطة ضمن الإمكانيات المادية المتاحة». ويقدر المجلس التكلفة الوسطية لبناء المنزل (دون حساب تكلفة الأرض) بحسب الأسعار الحالية بين 15000 إلى 20000 دولار أميركي. أما عن مصادر التمويل فقد أضاف أنه غالبًا ما يتم تمويل هذه الإصلاحات عن طريق سكان المنطقة أنفسهم، أو عبر تخصيص مبالغ صغيرة من إيرادات المجلس المحلي للقيام بالترميم. فلم يتلق المجلس المحلي أي تبرعات من أي جهة مانحة لإعادة الإعمار وكل ما حصل عليه المجلس هو مجرد وعود. وأوضح رئيس لجنة إعادة الإعمار أن اللجنة قامت بإعداد الدراسات وخطط إعادة ترميم المنازل و إعمار القرية لكنها مازالت بانتظار جهة تتبنى المشروع. ومازال المجلس يعلق الأمل على الحكومة الجديدة في حال تشكلها للمساعدة في إدارة المناطق المحررة والمشاركة في دعم إعادة الإعمار فيها.
عدم وضوح الرؤية المستقبلية، والخوف من تسييس مشاريع إعادة الإعمار هو الهاجس العام لدى السكان في المنطقة، لذلك لا بد من عرض رؤية أوضح في مجال إعادة الإعمار من قبل الائتلاف و الحكومة المؤقتة، كأن يتم منذ اللحظة الحالية إنشاء صندوق مالي مخصص لإعادة الإعمار يستقبل التبرعات من السوريين المغتربين أو من المنظمات الدولية بطريقة مدروسة مع اقتطاع نسبة معينة من التبرعات كاحتياطي لإعادة الإعمار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :