م. خليل آغا
يعمل فهد مدير فرع في مؤسسته، عندما يجلس وحده ليفكر في الموظفين الرئيسيين في قسمه، إلى أي مدى يمكنه الاعتماد عليهم في تطوير المؤسسة وكم يشاركونه في تحمل المسؤولية، فإنه يجد العجب.
فأول موظفيه الرئيسيين، بدر، قد ركز اهتمامه على أن تكون عين المدير العام عليه، فهو يبحث دائمًا عما يمكنه أن ينقله عن فهد إلى المدير، ما يزيد حنق المدير العام على فهد، فبدر لا يعمل ككاميرا للمدير فحسب، بل كعين الذبابة التي لا تقع إلا على الأوساخ، فهو يتلقط فلتات لسان فهد وينقلها للمدير العام، وإن كان واضحًا تمامًا من سياق كلام فهد أنه صاحب إحساس كبير بمسؤولية العمل.
إن بدر بهذه التصرفات موظف سيئ، وهو يسيء إلى العمل بانطلاقه من مصلحته الشخصية المطلقة في التقرب إلى المدير العام على حساب مصلحة العمل، وقد رضي بدر بالإساءة إلى علاقته مع زملائه، الذين يعمل معهم بشكل دائم، وسيخسر أغلب أصدقائه عاجلًا أم آجلًا.
لو تساءلنا عن حالة بدر، هل المشكلة فيه أم في المدير العام؟
لو أردنا أن نفكر في مصلحة العمل فقط، وفي الجواب، نقول إن حالة بدر حالة تسيء إلى مصلحة العمل مطلقًا، وهي تقتل روح العمل الجماعي في المؤسسة، والمشكلة موجودة عند المدير العام، سطحي التفكير، الذي يظن أنه باستخدامه لبدر كعين يعرف ماذا يحصل في خفايا العمل، ما يمكّنه من معالجة المشاكل قبل تفاقمها، دون أن يدرك أن تشجيعه لبدر على هذا التجسس سيدفع به تدريجيًا لنقل السيئ فقط، ما سيعطي بكل الأحوال صورة خاطئة عما يحدث.
إن العمل بطبيعته يعتبر نشاطًا اجتماعيًا، ولكل نشاط اجتماعي هفواته وفلتاته التي لا ينبغي على المدير الحاذق الوقوف عندها، بل يجب على المدير العام الحصول على الصورة الصحيحة للعمل، وهذا لا يتم مطلقًا بتشجيع الموظفين بشكل مباشر أو غير مباشر على التجسس على بعضهم.
وكذلك فالمشكلة موجودة أيضًا عند بدر، الذي لا يعي أن دوره الذي يقوم به مع المدير العام يسيء إلى صورته أمام زملائه، ويفقده صداقتهم الحقيقية، ويشوه صورته المهنية مستقبلًا.
وأما ثاني الموظفين الرئيسيين فهو حسن، الذي يلعب على الحبلين، وينقل ما يريد من إساءة عن فهد إلى المدير العام، وبالعكس من المدير العام إلى فهد، فقط عندما يريد ضربهما ببعض لتمرير ما يريد، وقد يكون ذلك لما يراه هو مصلحة للعمل.
حالة حسن أيضًا تسيء للعمل للأسباب المذكورة سابقًا، برغم شعور حسن بأنه يفعل ذلك لمصلحة العمل، وسرعان ما سيفقد حسن ثقة فهد والمدير العام معًا، وسينعكس هذا سلبًا على حسن وعلى مصلحة العمل أيضًا، والأمر الآخر المهم هو أن مصلحة العمل لا يحددها موظف بمفرده، وعندما يحدث هذا فإنه يتحول إلى هيمنة مرفوضة تتبع الهيكلية غير الرسمية للمؤسسة مهما كانت الدوافع نبيلة.
إن تدمير العلاقة بين الموظفين ينعكس سلبًا على العمل، وإحدى وسائل تدمير العلاقة بين الموظفين هي تشجيعهم بشكل مباشر أو غير مباشر على التجسس على بعضهم.
على المدير المحترف أن يعتبر التجسس على الزملاء إساءة للعمل ويرفض قبوله أو حتى سماعه، إن المدير المحترف يسعى للمحافظة على العلاقة الطيبة بين موظفيه بكافة الطرق الممكنة لأنها تشكل مناخًا صحيًا إيجابيًا مريحًا للعمل وتدفع المؤسسة للتطور، وهذا يصب في نجاح المدير أولًا.