شهدت الأسعار في الأسواق السورية ارتفاعات “جنونية” في الفترة القليلة الماضية، لتضاف معاناة أخرى للمواطن إلى جانب معاناته العديدة التي يعشيها جراء الحرب في البلاد.
أسباب كثيرة أدت إلى ارتفاع الأسعار، خاصة بعد سنوات من الحرب أدت إلى إضعاف الاقتصاد السوري، في ظل عجز حكومة النظام عن اتخاذ أي إجراءات تحد من زيادة التدهور الاقتصادي.
ويعد السبب الرئيسي للارتفاع هو فقدان الليرة السورية لـ 90% من قيمتها الشرائية، وانخفاضها الحاد أمام الدولار، بعدما وصل سعر الصرف في الأسبوع الماضي إلى 650 ليرة سورية للدولار الواحد، ما خلق حالة من الفوضى والتخبط في الأسواق.
انخفاض الليرة وغياب الرقابة من قبل حكومة النظام دفعت التجار، الذين جعلوا الدولار شماعة يعلقون عليها رفعهم للأسعار، إلى زيادة أرباحهم من خلال التحكم بالأسواق، واحتكارهم للسلع الأساسية التي تهم المواطنين، وتوقفهم عن البيع في كثير من الأحيان، متذرعين بحجة تذبذب سعر الصرف.
وما عزز من احتكار المواد لدى باعة الجملة وأخذوا بالتحكم في تدفقها في السوق المحلية وفق مزاجهم، منع مديرية الجمارك ووزارة الاقتصاد التابعتين للنظام، آلاف الأطنان من البضائع الواردة إلى مرفأ اللاذقية من الدخول، ما سبب نقصًا في السلع في الأسواق وارتفاعًا “دراماتيكيًا” في الأسعار.
ومن أسباب الارتفاع أيضًا، زيادة الطلب على المنتجات والمواد الأساسية من قبل المواطنين الذين يقبلون على تخزين السلع نتيجة تخوفهم من ارتفاع الأسعار أكثر، وقلة السلع نتيجة تراجع حركة الاستيراد، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام، إضافة إلى تراجع الإنتاج بسبب إغلاق المعامل وهجرة الصناعيين.
ولا يمكن إغفال دور حواجز النظام العسكرية المنتشرة في كل مكان والتي تحاصر المدن والبلدان، وتمنع دخول المواد الأساسية لكثير من المناطق، وإذا ما وافقت على إدخالها فمقابل مبالغ مالية للمرور، ما يدفع التاجر إلى رفع سعر المواد من أجل تعويض ما دفعه.
كل هذه الأسباب جعلت المواطن السوري يقف وحيدًا في مواجهة موجة الارتفاع، التي لا يعرف نهاية حدودها، بالإضافة إلى جشع التجار الذين تغض الحكومة الطرف عنهم وتسمح لهم التلاعب بلقمة عيش المواطن.