هنا الحلبي – عنب بلدي
“رغم إنجاب طفلي الأول في مشفى التوليد الجامعي بدمشق، بعملية قيصرية ناجحة، إلا أنني حين أنجبت الثاني هنا في الغوطة الشرقية شعرت براحة أكثر، ولم أشعر باختلاجات الولادة مقارنة مع مشفى التوليد الجامعي… الطبيب نبيل الدعاس هو من أجرى لي الجراحة”، تقول زوجة صديق الطبيب، الذي توفي، في 11 أيار الجاري، إثر إصابته خلال اقتتال في الغوطة الشرقية بين فصائلها.
ويقول الزوج، يفضل عدم ذكر اسمه، وهو صديق الطبيب نبيل الدعاس آخر الأطباء الاختصاصيين النسائيين في الغوطة الشرقية “عند تأسيس المشفى الميداني في دوما، الذي صار لاحقًا مشفىً تخصصيًا، لم ينقطع الدعاس عن العمل يومًا واحدًا، وكان الأفضل في الغوطة بالعمليات النوعية في اختصاصه”.
كان الطبيب نبيل الدعاس الوحيد في الغوطة الذي يلبي الحالات الإسعافية الليلية ضمن اختصاصه، وفق رواية صديقه، كما يؤازر، إضافة إلى عمله، أطباء الإسعاف عند اشتداد القصف والمجازر.
أصيب الدعاس برصاصة “طائشة”، وهو جالس مع عائلته في منزله بمدينة دوما في الثاني من أيار، نتيجة الاقتتال بين أبرز فصائل الغوطة الشرقية.
وصارع الطبيب، الذي كان عضوًا في المكتب الطبي الموحد، الموت لتسعة أيام في غيبوبة تحت التنفس الاصطناعي، بعد أن استقرت الرصاصة في رأسه، وفق مدير المكتب الطبي، محمد حسن، حتى توفي صباح الأربعاء 11 أيار.
وكان الدعاس عضو الهيئة التدريسية لجامعة حلب، شعبة الغوطة الشرقية، ونظّم عدة دورات تدريبية لزيادة خبرة الكوادر الطبية ضمن الأماكن التي تفتقر إلى الخدمة النوعية في التوليد، خلال الثورة، وفق ما نقله حسن لعنب بلدي.
والطبيب من مواليد مدينة دوما عام 1978 ودرس في مدارسها، دخل كلية الطب في جامعة دمشق عام 1996 وتخرج منها في 2002، وتابع الاختصاص في مشفى دوما التخصصي كطبيب نسائية، وهو حاصل على شهادة ماجستير باختصاصه.
وأضاف حسن “بقي الدعاس يمارس مهنته في مشفى دوما، واستمر في باقي مشافي الغوطة بعدما خرج المشفى عن الخدمة نتيجة قصف النظام له… وبقي الطبيب قائمًا على عمله حتى تاريخ إصابته”.
تميزت شخصية الدعاس بالبساطة والابتسامة التي لم تفارق وجهه، وفق مقربين منه، ولم يتوجه لأي عمل سياسي أو فصيل مقاتل في الغوطة.
وأضاف صديقه “كان يميل للعمل المدني، ورغم عدم انتمائه لأي عمل سياسي، رفض بشكل قاطعٍ الخروج من الغوطة، لأن بقاءه يعني خدمة الناس”.
الدكتور واحدٌ من ضحايا الاقتتال، الذي بدأ الخميس 28 نيسان الماضي وانتهى في 9 أيار، وأسفر عن مقتل وإصابة عددٍ من المدنيين والمقاتلين، إثر مواجهات بين فصيل “جيش الإسلام” من جهة، و”فيلق الرحمن” و”جيش الفسطاط” في الجانب المقابل.