عنب بلدي – العدد 59 – الأحد 7-4-2013
هيا – مشاركة
نحن طلائع البعث نحب ونحترم قائدنا الخالد حافظ الأسد ونفديه بأرواحنا… قائدنا إلى الأبد.. الأمين حافظ الأسد!
هذا ما علمونا إياه، حين كنا نتلقى أول أبجدية تعليمنا ونخطو خطواتنا الأولى في تلقي العلم في مدارسنا…
حسنًا لم نكن ندرك ماذا تعني هذه العبارات بادئ الأمر، لكنها كانت ثقيلة جدًا على مسامعنا، فبثت الرهبة في قلوبنا والخضوع والتسليم في عقولنا. ليُلحقونا في المرحلة التالية بمنظمة شبيبة الثورة، حيث تجري عمليات غسيل أدمغتنا بشعارات وكلام عن أفضال «القائد الخالد» علينا ومنجزاته وعطاءاته وصفاته المجيدة، وسياسته الحكيمة، فوحدوا في عقولنا «القائد الفذّ» وكنيّ باسمه الوطن، حتى اعتقد البعض منا أنه وحده حامي الإنسانية ومنقذ البشرية! ثم بعد ذلك عدّلت المناهج الدراسية، وهمّش قسمٌ كبيرٌ فيها من قيم تاريخية وثقافية ودينية.
وبرغم نضال «القائد» لإنجاح عملية غسل أدمغتنا فقد تنبه بعضنا إلى أن الاستحواذ والاستبداد، الظلم والقهر والعبودية هي سمات كل «القادة المناضلين»، فعدنا إلى المكان الوحيد الاَمن الذي نعرفه ونثق به، عدنا إلى منازلنا لنطرح كل هذه الأسئلة على والدينا، لكن للأسف لم نجد الأجوبة التي توقعناها عندهم، بسبب خوفهم علينا وعلى أنفسهم، فأسكتونا وحاولوا أن يزرعوا الرعب في قلوبنا، لئلا نعاود طرح تلك الأسئلة، فكانت النتيجة التي نعلمها جميعًا، أكثر من 40 عامًا من الظلم والفقر والجوع، من الاستسلام والرهبة والصمت… من الذل والموات، الذي كانوا يسمونه «الاستقرار».
هذه كانت حياتنا… وهذا جزء من الأسباب التي جعلتنا ننتظر كل هذه المدة لنطالب بحريتنا.
ولكن ماذا عن أطفال ثورة اليوم؟
لم نعد نرى نظرات البراءة في عيون أطفالنا ولا تلك الابتسامات الفضولية المشاكسة على وجوههم، فقد سرقت الأحداث طفولتهم وانتزعت الحرب الدمى من أيديهم، أطفالنا اليوم يلعبون لعبة الموت، التي صادرت براءتهم إلى الأبد.
الأوضاع الإنسانية في معظم مناطق سوريا اليوم بحالة سيئة إلى أبعد الحدود، فالأطفال محرومون من أهم أولويات الحياة من غذاء وتدفئة ودواء، والكثير منهم انقطع عن التعليم منذ عامين، بالإضافة إلى تزايد عدد الإصابات كل يوم وعدم توفر إمكانيات العلاج.
لن أكرر ما فعله الاَلاف وربما الملايين قبلي وأبدأ بالتساؤل أين هي الدول العربية؟ أين أنتم يا مسلمون؟ ولن أناشد منظمات حقوق الإنسان.
بل أخاطب أبناء بلدي وأقول لهم: لابدّ أنكم قد لاحظتم المشاكل النفسية الخطيرة التي يعاني منها أطفالنا في المناطق المنكوبة داخل سوريا أو في المخيمات أو المهاجرين الذين حرموا بيوتهم وأصدقائهم، إذ أصبحنا نلمس مظاهر العنف لدى الكثير من الأطفال سواء في الألعاب أو في التعامل مع الأقران بالإضافة إلى الكثير من حالات الرعب والقلق والكآبة والانعزال.
دعونا نبذل الجهود للتقليص من تأثير المعاناة في تشكيل شخصيات ومستقبل أطفالنا، فقد عانينا الكثير من نتائج التحكم الدكتاتوري بطفولتنا والتشويه المتعمد لطريقة تفكيرنا.
وأرجو أن تكون أولوياتنا هي محاولات الحد من تعرض أطفالنا للأذى الجسدي والنفسي والعمل على معالجة المشاكل النفسية التي يعانون منها ليتمكنوا من متابعة حياتهم وفق المسار الصحيح.
بحيث يكونون الجيل الجديد الذي يعي معنى الحرية وقيمة السلام والعلم والثقافة والابداع والذي سيتمكن من بناء سوريا الحرة التي حلمنا بها حين نهضنا بثورتنا العظيمة.