طارق أبو زياد – إدلب
زاد ارتفاع سعر المازوت من معاناة المزارعين في الشمال السوري، وأدى إلى خفض مردود المحاصيل الزراعية، في الوقت الذي يعيش فيه الفلاحون فترة سقاية وحصاد أراضيهم.
محمد حاج علي يملك أرضًا زراعية في ريف إدلب الشرقي، يشرح لعنب بلدي الأضرار الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات “تحتاج أرضي خمس ساعات سقاية كل يومين لترتوي بشكل جيد، ما يكلفني 200 ليتر من المازوت لتشغيل محرك ضخ المياه، وبما أنني أزرع القمح فإنني بحاجة لشهر كامل من السقاية حتى وقت الحصاد”.
التكلفة تزيد مع ارتفاع السعر إلى أكثر من 400 ليرة سورية، بنسبة يقدرها حاج علي بـ 30%، مؤكدًا أن ذلك يعني انخفاض الأرباح بشكل كبير.
ويعود سبب ارتفاع سعر المازوت في الشمال السوري لقيام تنظيم “الدولة” بقطع الطريق بوجه الشاحنات المتجهة لمناطق سيطرة المعارضة سابقًا، ولكن بعد افتتاح الطريق من قبل التنظيم انتقل التحكم بالطريق المتجه إلى بلدة دارة عزة إلى يد حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي).
ويتراوح سعر ليتر المازوت بين 400 و450 ليرة سورية، بينما يصل سعر ليتر البنزين إلى 550 ليرة في المناطق المحررة من الشمال السوري.
الخسارة الأكبر لضامني الأراضي
أحمد السرميني، مزارع من أهالي ريف إدلب، يقول إن بعض المزارعين يصلون لمرحلة في زراعة أرضهم، وبعدها ينفد رأس المال منهم، ما يمنعهم من إكمال الموسم، ويعمدون إلى عرض الأرض للضمان لمستثمر يدفع مبلغًا من المال لصاحب الأرض، مقابل سقايتها وحصادها وجني أرباح المحصول دون أن يتدخل صاحب الأرض.
“هنا لب المشكلة”، بحسب تعبير السرميني، موضحًا “عند ضمان الأرض يتم تقييم التكلفة المتوقعة بحسب الأسعار وقت الضمان، فمثلًا يحسب المستثمر ما يلزمه لإكمال السقاية والحصاد ويقيّم المبلغ حسب سعر الليتر، ولكن عند وصول سعر ليتر المازوت لضعف ما كان عليه ستواجهه مصيبة حقيقية، لأن ذلك سيترتب عليه المزيد من التكاليف وسيذهب به إلى الخسارة حتمًا”.
الضرر يلحق بالمشترين
السرميني يضيف أن الأراضي المخصصة لزراعة الخضراوات والتي يتم جمع نتاجها بشكل شبه يومي، لم تصب أصحابها بالخسارة الكبيرة، فهم يبيعون المنتج حسب التكلفة وسعر السوق، الذي يرتفع مع ارتفاع المازوت، ولكن المتضرر هنا هو الزبون لأنه سيضطر للشراء في السعر المرتفع.
ويمكن أن تنعكس هذه المشكلة على البائع أيضًا فعندما ترتفع الأسعار ستقل نسبة المبيعات، ما يجبره أحيانًا على البيع بخسارة ليتجنب تلف الخضراوات.
محمد الحسن، من أهالي بلدة تفتناز، يقول إن أغلب المزارعين في بلدة تفتناز خزنوا المازوت في فترات كان فيها سعر اللتر ثابتًا ومستقرًا لتفادي هذه المشاكل، وفي هذه الحالة فإن المحاصيل التي تحصد مرة واحدة لم تصب بأي خسارة، أما بالنسبة للخضار فقد يكون هناك ربح زائد للمزارع.
ماذا وراء تخبط أسعار السوق؟
باسم الحموي، خريج معهد زراعي من مدينة حماة، يوضح لعنب بلدي أن المشكلة تتلخص بوجود أراضٍ زراعية حصدت قبل ارتفاع سعر المازوت، بينما لا تزال هناك أراضٍ تسقى حتى الآن.
المزارعون الذين حصدوا في وقت مبكر، يبيعون بأسعار أقل ممن يسقون إلى الآن، وهذا السبب الرئيسي في تخبط الأسعار في السوق، بحسب الحموي، مشيرًا إلى أن “وجود مادة من نفس النوع والجودة وبأسعار مختلفة، ربما يجبر المزارعين أصحاب المحاصيل مرتفعة السعر على بيع محاصيلهم بأقل من التكلفة، أو أن يبيع الذين حصدوا باكرًا بأسعار مرتفعة ويجنون أرباحًا خيالية”.