نشر باتريك سيل بعد كتابه “الصراع على سوريا” أربعة كتب أخرى، ليكون خامسها “الصراع على الشرق الأوسط” الصادر عام 1988، والذي يقّدمه سيل بقوله “هذا الكتاب محاولة لتصوير العالم حسبما يُرى من موقع الحكم في دمشق”.
وينوّه بعدها إلى أنه ليس سيرة رسمية لحافظ الأسد، لكنّ لأحاديثه معه على امتداد عدة سنوات دورًا أساسيًا في إنجازه.
ينقل الكتاب الكثير من المعلومات والمواقف التي رواها لباتريك سيل أشخاص بارزون في نظام الحكم الأسدي فترة الثمانينيات، منهم مصطفى طلاس وفاروق الشرع وبشرى وباسل الأسد، إضافة للمتحدث الأساسي حافظ الأسد.
ويقع الكتاب في 800 صفحة مقسمة إلى قسمين أساسيّين: الثوري، والزعيم. وتقع بمجملها في 27 فصلًا.
يستهل باتريك كتابه بالحديث عن تاريخ عائلة الأسد بدءًا من جده سليمان، وكيف تحوّل لقب العائلة من الوحش إلى الأسد، الحياة في الجبل وصعوبتها ومعاناة العلويين التي ألجأتهم إلى أعالي الجبال، لينتقل الحديث بعدها عن حافظ وعائلته، وإتاحة الظروف له للتعليم ومن ثم انخراطه في مجال السياسة وانتسابه لحزب البعث متأثرًا بشخصية زكي الأرسوزي ليدرس بعدها في الكلية الحربية.
في القسم الثاني من الكتاب يتناول باتريك “زعامة” حافظ الأسد، مع الظروف الدولية المحيطة به وعلاقاته الخارجية، كعلاقاته مع السادات وكيسنجر وكارتر، ومن ثم وقوفه بصف الثورة الإيرانية والخميني.
ويأتي الكتاب في فصل لاحق، تحت عنوان “العدو الداخلي”، على ذكر أحداث الثمانينيات وتمرد الإخوان المسلمين على السلطة، مع تناول “خجول” للمجازر التي وقعت فيها، حتى أُخمد أي صوت متمرد في سوريا.
وإذا أردنا أن نورد اقتباسًا يوضح منهج باتريك سيل في كتابه فسيكون:
“لم تحظ سوريا في تاريخها بمثل هذه الأهمية وبأن تكون مركز ثقل سياسي إلا في العهد الأموي قبل اثني عشر قرنًا، ورغم هذا فإن منجزات الأسد لا تزال بادية الهشاشة، فأعباء التصدي للمصاعب إنما تقع كلها على كاهل رجل واحد وهو الأسد بالذات”.
الكتاب مهمّ للغاية لدراسة فترة حكم الأسد وشخصيته، رغم عدم حيادية الطرح وما يحتويه من ميل واضح للأسد وذكره للأحداث حسب الرواية الرسمية لها، فمثلًا يشير سيل نقلًا عن حافظ إلى أن سليمان الأسد قاتل ضد الفرنسيين، في حين نشرت الخارجية الفرنسية عام 2012 وثيقة محفوظة برقم 3547 وبتاريخ 15 حزيران 1936، أرسلها وجهاء علويون لرئيس الحكومة الفرنسية، ليون بلوم، يطلبون فيها استمرار الانتداب الفرنسي خشية ضياع حقوق الأقلية العلوية.