مشاركة – داريا
في العدد السادس والخمسين من عنب بلدي نشر أحمد الشامي مقالًا عنونه بـ «حكومة حرب الإخوان» قائلًا أن غسان هيتو هو اختيار إخواني محض، وهو نتيجة توافق قطري سعودي تركي مصري على دعم الإسلام السياسي مقابل تهميش القوى الليبرالية والعلمانية التي تدعمها مجموعة أصدقاء سوريا (التي تسمع لها جعجعة ولا ترى طحينًا)
المتابع لتشكيل الحكومة السورية يعرف تمامًا أن السعودية ضغطت بكل قوتها ليكون اسم آخر غير هيتو هو رئيس الحكومة، كما يعلم المتابع أن الإخوان ليسوا هم أبرز من تدعمهم قطر، فهناك أكثر من قوة معارضة مدعومة قطريًا ومنهم بعض القوى العلمانية التي دعمت قطر تمديد ولايتهم في رئاسة المجلس الوطني سابقًا. كما يعلم أن حصة الإخوان في الائتلاف لا تزيد عن ثمانية أصوات من أصل سبعين.
ليست هي المرة الأولى التي يُتهم فيها الإخوان بالهيمنة على القرار السياسي، فقبلها اتهموا بهيمنتهم على المجلس الوطني ومن ثم هيمنتهم على الائتلاف ومن ثم هيمنتهم على الحكومة المؤقتة، حتى وصل الأمر لاتهامهم بأنهم هم من دفعوا الثورة نحو الأسلمة ونحو التسلح ونحو الطائفية واستجداء التدخل الخارجي، وكأنه لا طائرات للنظام تدك المدن ولا شبيحة للنظام تذبح السوريين على الهوية.
والحق يقال فإن بعضًا مما يقال في حق الإخوان صحيح ولكن المبالغة فيه وإلقاء أي فشل للمعارضة السياسية على الإخوان فيه تهويل كبير وفيه ظلم للآخرين قبل الإخوان.
فهذا الكلام يؤكد من حيث ما يحاول الآخرون نفيه دائمًا من أن الإخوان قد انفصلوا عن الشارع السوري منذ ثلاثة عقود.
ما يثير السخرية فعلًا أن من ينتقدون الإخوان يسعون إلى ما ينتقدون الإخوان فيه، فكثير منهم يتمنى لو ينال الدعم القطري (المفترض) بدلًا من الإخوان، كما يتمنون لو أنهم يملكون موارد الإخوان ليفعلوا بها كما فعل الإخوان. لو شئنا لدللنا على ما قلنا بالأمثلة الكثيرة التي لم تعد خافية على أحد.
لم يعد مقبولًا أن يتهم الإخوان بكل كبيرة وصغيرة ومن ثم نكرر بعدها المقولة الصحيحة عن قوة تنظيمهم وقوة دعمهم وجدهم وإخلاصهم لأفكارهم وتنظيمهم.
مشكلة الإخوان السوريين هي مشكلة المعارضة السورية كلها وهي أنها سعت لبيع جلد الدب قبل صيده وتعاملوا مع الثورة كحالة سياسية وليس كحالة ثورية.
ليس من حل لحال المعارضة السورية إلا الالتزام بالمؤسساتية في العمل ولكن هذا يستلزم الثقة بين مكوناتها وهو ما تفتقده المعارضة إلى حد كبير، فجميعهم يخافون من بعضهم خوفهم من النظام ذاته وهو ما يجعل التنسيق بينهم صعبًا إلى حد الاستحالة.
يجب على كل القوى المعارضة أن تنحي الأيديولوجية الضيقة والمصالح الفئوية جانبًا حتى تستطيع أن تخدم الثورة وتمثلها سياسيًا، فالشارع لا يعرف الإخوان ولا حزب الشعب ولا الليبراليين ولا العلمانيين وأي محاولة لتسييس الحراك هي بمثابة ضرب القوى الثورية ببعضها وهو ما تورطت به كل القوى السياسي للأسف.
نقد الإخوان يجب أن يكون نقدًا لأداء المعارضة السياسية كلها، فمرض الإخوان هو مرض المعارضين جميعًا. أما نقد الإخوان فقط وجعلهم شماعة يرمى عليها فشل الأداء السياسي المعارض فهو ما يكرس اصطفاف كل طرف وراء أفكاره وليس العكس.