لم يوفِ ممثلو الأمم المتحدة في سوريا بالتزاماتهم أمام أهالي حي الوعر، رغم الوعود التي أطلقوها بإنهاء حالة الحصار المستمرة منذ أعوام، خلال زياراتهم المتكررة إلى الحي، الذي تفرض قوات الأسد طوقًا أمنيًا عسكريًا في محيطه.
ورغم التزام ممثلي حي الوعر بالتزاماتهم أمام الأمم المتحدة، كطرف راعٍ للهدنة مع النظام السوري، خلال المرحلتين الأولى والثانية، وإخراج المقاتلين الرافضين للاتفاق، في كانون الأول 2015، إلا أن النظام السوري تجاهل البند الذي ينص على إطلاق سراح معتقلي الحي، والبالغ عددهم 12 ألف شخصًا بشكل تقريبي.
وشاركت الأمم المتحدة في الاتفاقية بصفتها طرفًا مراقبًا وراعيًا لاتفاقية الوعر، ووضع بند مكتوب في الاتفاق ينص على هذه الرقابة والمشاركة، من قبل مكتب الأمم المتحدة في دمشق، متمثلًا بممثل الأمم المتحدة يعقوب الحلو، وممثلة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، البحرينية خولة مطر.
عدم التزام النظام بإخراج معتقلي الحي رافقه حالات اعتقال جديدة، في ظل ازدياد الحواجز الأمنية والعسكرية في عموم المحافظة، كذلك أغلق النظام منافذ الحي في وجه المواد الغذائية منذ ثلاثة أشهر، عدا عن منعه إدخال المواد طبيّة الخاصة بحالات الإسعاف. والعمل الجراحي، منذ أكثر من عامين.
قوبل تعنّت النظام السوري بصمت مطبق من طرف الأمم المتحدة (طرف راعي)، تخللته محاولات خجولة لإخراج بعض الجرحى المصابين نتيجة القصف، فيما لم يسمح النظام لكثير من الحالات الحرجة صحيًا بالخروج، والتي تعهدت خولة مطر شخصيًا بإخراجها من الحي، ما تسبب بوفاة بعضها، آخرهم سيدة توفيت لثلاثاء 10 أيار، بحسب مراسلة عنب بلدي.
أيضًا قطع النظام الخبز بشكل كلي عن الحي، ومنع إدخال المواد الغذائية نهائيًا منذ ثلاثة أشهر، ضاربًا وعود الجهة الراعية عرض الحائط، ومطلقًا شعارًا ردده حراسه عند البوابة الرئيسية للحي، التي يخرج منها الموظفون الحكوميون حتى اللحظة: “خلو خولة مطر تنفعكم”، وذلك بعد دوس كميات بسيطة من الطعام حاول الموظفون إدخالها.
حصلت مكاتب الأمم المتحدة الإغاثية على موافقة وزارة خارجية النظام، في الخامس من أيار الجاري، وتقضي بإدخال قافلة مساعدات إنسانية عاجلة إلى الوعر، إلا أن يعقوب الحلو وخولة مطر لم يقومان بأي خطوة في هذا السياق، بحجة عدم وجود موافقة من الأفرع الأمنية، كما لم يصدر المسؤولان الأمميان حتى الساعة أي بيان أو تصريح يوضح رسميًا سبب عدم تلبية نداءات الاستغاثة، المرسلة من المدنيين.
ويعزو ناشطو الوعر، وفق ما رصدته عنب بلدي، تجاهل الأمم المتحدة للواقع المعيشي والإنساني الصعب، إلى ضغوط يمارسها النظام السوري على فصائل المعارضة والجهات الثورية في الحي، من أجل الرضوخ لمطالبه بإخراج الفصائل والأهالي على حد سواء من الوعر, يساعده بذلك مكتب الأمم المتحدة في دمشق.
يرزح نحو 100 ألف مدني تحت حصار إنساني، اشتد خلال الأشهر الثلاثة الماضي، وبدأت آثاره تظهر على الأهالي من جوع وأمراض غذائية، تعيد إلى الأذهان مجاعة المدنيين في مضايا والزبداني، وتنذر بكارثة كبيرة.