عنب بلدي – العدد 58 – الأحد 31-3-2013
هوشيار شيار
يولد الإنسان وفي داخله قابليات وإمكانات كثيرة تحتاج إلى تهيئة الظروف والمناخات المناسبة لكي تثمر في سياقها الطبيعي . في كل مرحلة من مراحل نمو الطفل هناك مجموعة من الحاجات والمطالب لا بد أن تتحقق إشباعها لكي ينمو الطفل بشكل سوي ومتوازن، وفي الأزمات الأطفال يكونون أول المتضررين وأكثرهم قابلية للتعرض للخطر وبالتالي ينتج قصور في الحاجات والتي بدورها ستعرقل حاجات أخرى مرتبطة بها لازمة لنمو الطفل. فالطفل عندما يحرم من الحدود الدنيا للغذاء سينعكس ذلك سلبًا على أداء جسمه، وبالتالي على أداء الدماغ، لأن هذا الدماغ في مرحلة تكوّن، والخلايا العصبية في حالة تشابك وتوسع واستطالة .
بالتوازي مع ذلك، الطفل عندما تختلف عليه البيئة سيتعرض لهزات نفسية، فمع تغير بيئة التعليم والقيم التي ألفها الطفل وتعوّد على اكتساب معارفه منها، يشعر الطفل باللاإستقرار.. فمن بيئة مألوفة الأفكار والقيم إلى بيئة غريبة .
الأطفال في العادة يأخذون حاجاتهم من الأمن والطمأنينة من الراشدين ومن الوالدين بالأخص، ولكن للأسف في سنين الصراع والحروب، يفقد الكبار صلابتهم وتوازنهم الداخلي الأمر الذي يضعف قدرتهم على استيعاب الأطفال، أي يفقد الطفل المصدر الرئيسي للأمن، هذا إذا لم تتطور الأمور إلى ضيق وشدة وغضب تنصبّ على الطفل .
إذًا، القائمة تطول أمام حاجات الطفولة المنتهكة وتأثيراتها السلبية اللاحقة، حرمان من الأمان والرعاية والاهتمام واللعب والتعليم …الخ، وما يهمنا بشكل جوهري هو أن السنين الخمس الأولى في حياة الطفل هي الأساسية في تكوين شخصيته عندما يكبر، والحرص على توفير الحدود المناسبة من الحاجات النفسية والفيزيولوجية هو من الأولويات طالما نريد جيلًا قادمًا سويًا ومتوازنًا ..