جميع الأنظار موجهة إلى دمشق تراقب إلتزام النظام السوري والمعارضة بمبادرة عنان، أو بالبند الأول منها تحديدًا: وقف إطلاق النار، على أمل تنفيذ البنود التالية تباعًا.
الهدنة هشة للغاية، يعلم ذلك القاصي والداني: عنان وفريقه، مجلس الأمن، والأهم الشعب السوري الذي يتابع تفاصيل العنف اليومي المتنقل من بلدة إلى أخرى. ينتظر الطرفان إنهيار مبادرة عنان عن بكرة أبيها، غير أن كليهما ينتظران أن تُخرق المبادرة وتفشل على يد الطرف الآخر.
خفض النظام العنف يوم جمعة «ثورة لكل السوريين» مرغمًا تحت ضغط روسي شديد، ليكسب نقطة أمام المجتمع الدولي كطرف ملتزم بتعهداته بوقف إطلاق النار. ليست في مصلحة النظام أن يظهر كالطرف الذي أجهض المبادرة، لذلك سيعول أن تفعل المعارضة.
الجيش السوري الحر بدوره أعلن بشكل واضح وصريح أنه ملتزم بوقف نشاطاته وعملياته طالما أن النظام ملتزم بـ «الهدنة». لم ولن يرتكب الجيش الحر أو المعارضة أكبر خطأ في تاريخ الثورة عبر إعلانه إنهيار وقف إطلاق النار والتحلل من إلتزمه به. ينتظر الطرفان أن يفعل الطرف الآخر كما أسلفت.
لكن ماذا يملك الطرفان هنا؟ عدلت الثورة مسارها، أو استعادت مسارها، وعادت التظاهرات السلمية. تظاهرات تحرج النظام كثيرًا فهي تثبت فشل حله الحربي ضد الثورة وتكرّس صمود الثورة واستمرارها في وجه الآلة العسكرية، وتعكس مدى إصرار الثورة على الإنتصار وكنس النظام من تاريخ سوريا.
ماذا يملك النظام غير حله الأمني؟ لا شيء بتاتًا، لا حلول، لا أفكار، لا مبادرات، ولا سياسيين، فشل سياسي ذريع، إعلام في حالة وفاة سريرية، وتراجع كبير في الشعبية مع إنهيار كبير في معنويات فريق «منحبك».
لا يستطيع النظام تجاهل المظاهرات السلمية. مؤشرات جمعة «الثورة لكل السوريين» واضحة ولا تحمل لبسًا: ضمانات هشة بتوقف السلاح الثقيل ستدفع الناس إلى الشارع… بدوره سيدفع النظام إلى الحل العسكري مرة أخرى لتفشل المبادرة الدبلوماسية-السياسية التي أصبح من الواضح أنها الأخيرة.
* ناشط سياسي سوري.