جريدة عنب بلدي – العدد 57 – الأحد 24 -3 – 2013
قتل الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في تفجير استهدف جامع الإيمان في حي المزرعة وسط العاصمة دمشق يوم الخميس 21 آذار الجاري، وسط تبادل الاتهامات بين الثوار ونظام الأسد حول مدبري العملية، بينما تشيع الحكومة السورية جثمانه وسط تشديدات أمنية.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية سانا أن «تفجيرًا انتحاريًا» استهدف مسجد الإيمان في حي المزرعة بدمشق بينما كان الشيخ البوطي يلقي درسه الأسبوعي بين صلاتي المغرب والعشاء، مما أسفر عن مقتل 50 شخصًا وجرح العشرات، وأضافت أن «الانتحاري تعمد تفجير نفسه ضمن الطلاب الذين يتلقون الدرس».
ونقل التلفزيون السوري تصويرًا مسجلًا من داخل المسجد، يظهر فيه أشلاء بعض الضحايا وبقع الدماء المنتشرة في الحرم، وسارع التلفزيون إلى اتهام المعارضة المسلحة باغتيال البوطي.
النظام السوري بدوره أدان التفجير على لسان الأسد الذي أعلن الحداد الوطني على «روح الشهيد العلامة البوطي، وأرواح شهداء سوريا»، وتعهد في برقية عزاء نقلتها سانا بـ «تطهير بلاده من المتطرفين والإرهابيين» الذين اتهمهم بتنفيذ العملية.
بينما أدان الشيخ أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة مقتل البوطي، ووصف التفجير بأنه «جريمة بكل المقاييس»، ونقلت وكالة فرانس برس عن الخطيب قوله «نحن ندين بشكل كامل مقتل العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، ونقول إن ديننا وأخلاقنا لا تسمح أبدًا أن نتعامل مع الاختلاف الفكري بطريقة القتل».
ونفى الجيش الحر علاقته في عملية اغتيال البوطي، وأصدرت القيادة المشتركة للجيش الحر بيانًا اعتبرت فيه الأعمال الإرهابية بداية لمرحلة خطيرة «تقودها قوى إقليمية لخلط الأوراق، وتبرير دخول مقاتلين من دول الجوار».
وأكد الدكتور عماد الدين الرشيد عضو المجلس الوطني المعارض في مقابلة مع قناة الجزيرة، أن الدكتور البوطي كان يراجع موقفه من النظام والثورة في الفترة الأخيرة استنادًا على تواصله مع الدائرة الضيقة المحيطة بالدكتور، ونوه إلى أن نظام الأسد هو المستفيد الأول من مقتل البوطي، مشيرًا إلى استحالة وصول الانتحاري إلى المسجد –المجاور لفرع حزب البعث في دمشق- بسبب التحصينات الأمنية المشددة في حي المزرعة المتصل مع اوتوستراد العدوي الذي يبعد دقائق عن خطوط المواجهات في كراجات العباسيين والقابون.
من جانبه أدان مجلس الأمن الدولي في بيان له التفجير الذي أودى بحياة الشيخ وآخرين في أحد مساجد دمشق لكنه لم يوجه أصابع الاتهام لأي جهة، فيما حمل اتحاد علماء المسلمين النظام السوري مسؤولية مقتل البوطي، وشجب في بيان له قتل العلماء والاعتداء على المساجد.
وأقيمت صلاة الجنازة على الدكتور البوطي في الجامع الأموي يوم السبت 23 آذار وسط إجراءات أمنية مشددة، بحضور ممثل عن حزب الله اللبناني، وممثل عن الجمهورية الإيرانية، وعدد من الشخصيات السياسية والدينية من الحكومة السورية، إلى أن ووري الثرى بجانب قبر صلاح الأيوبي في حي الكلاسة المحاذي لقلعة دمشق.
وكان البوطي الدكتور في الشريعة الإسلامية ورئيس اتحاد علماء الشام من أبرز رجال الدين المؤيدين لنظام الحكم في سوريا، وقد عارض الثورة السورية منذ اليوم الأول لانطلاقتها، ولعل تعبيره الأشهر هو نعته لمعارضي نظام الأسد بالحثالة، بالإضافة إلى مدحه لجنود الأسد، ودعواته للسوريين للالتحاق بالجيش لإيقاف الهجمة التي تتعرض لها سوريا.