تعد كسور الفك السفلي أشيع كسور الوجه بعد كسور الأنف، وعاشر الكسور شيوعًا على مستوى الجسم، ويمكن أن تحدث عند الأطفال والبالغين والمسنين، وقد تؤدي إلى مضاعفات سيئة في حال لم تعالج، كتيبس المفصل الفكي الصدغي وعدم القدرة على فتح الفم نهائيًا، أو تشوه الفك السفلي وحدوث مشكلات بإطباق الأسنان أو غير ذلك، ولهذا لا بد أن نسلط الضوء على هذه المشكلة المرضية.
ما المقصود بكسور الفك السفلي؟
عظم الفك السفلي هو عظم طويل يتضمن الذقن والزوايا تجاه الأذنين على جانبي الوجه، ويمكن أن يحدث الكسر في أي مكان على طول هذا العظم، وعندما يحدث في مكان تعرض الفك للصدمة يسمى كسرًا “مباشرًا”، وعندما يحدث في مكان آخر على طول العظم يسمى كسرًا “غير مباشر”.
وفي أكثر من نصف الحالات يحدث الكسر في مكانين على الأقل (كسور متعددة)، في معظم الأحيان يقع الكسر الثاني بالقرب من أحد طرفي الفك السفلي بالقرب من المفصل الفكي الصدغي حيث الجزء الرفيع نسبيًا من عظم الفك أسفل الأذن مباشرة.
وتعتبر كسور الذقن من أكثر أنواع كسور الفك شيوعًا عند الأطفال، والتي عادة ما تحدث عندما يسقط طفل ويضرب ذقنه على الأرض أو على أي سطح صلب آخر، أما عند المراهقين والشباب فتحدث كسور الفك بشكل أكثر شيوعًا على جانب الوجه بالقرب من الذقن، لأن هذه المنطقة غالبًا ما تصاب في أثناء التعامل بقوة مع الآخرين.
وعندما يقال “كسور الفك” فالمقصود عادة كسور الفك السفلي.
ما أسباب كسور الفك السفلي؟
تحدث كسور الفك بسبب التعرض لتأثيرات شديدة على القسم السفلي من الوجه نتيجة الحوادث التالية:
- الشجار والعراك.
- السقوط في أثناء اللعب أو نتيجة الإغماء.
- الألعاب الرياضية الخشنة مثل الملاكمة.
- حوادث الآليات كالسقوط من الدراجات العادية والنارية وحوادث السيارات.
ومن الأسباب أيضًا الكسور المرضية التي تحدث بشكل عفوي في أثناء المضغ أو الخلع العنيف لأحد الأسنان بسبب مجموعة من الأمراض التي تؤدي إلى تخرب العظم، ومنها:
- أمراض العظام الموضعية: الأكياس، الأورام، التهاب العظم والنقي.
- أمراض العظام العامة: ترقق العظام، التسممات المعدنية.
ما أعراض كسر الفك السفلي؟
- الشعور بآلام شديدة في مفصل الفك وأمام الأذن.
- صعوبة أو عدم القدرة على فتح الفم.
- كدمات وتورم على طول الفك أو أسفل الأذن.
- محاذاة الأسنان بشكل غير صحيح (سوء إطباق).
- أسنان مفقودة.
- الورم الدموي وتمزق اللثة.
- فرقعة عظمية عند جس الفك.
- تنميل وخدر في الشفة السفلية أو الذقن، وهي علامة محتملة على تلف الأعصاب المرتبط بالكسر.
كيف يتم تشخيص الإصابة؟
يبدأ التشخيص عن طريق إجراء الفحص السريري، وعند الاشتباه بالكسر يطلب إجراء الأشعة:
أشعة البانوراما: تظهر الصورة البانورامية لوحدها 92% من كسور الفك السفلي، والتي من شأنها توضيح مكان الكسر بالفك، وكذلك حالة المفصل.
التصوير الطبقي المحوري (CT scan): يتطلب التشخيص الدقيق لكسور الفك السفلي إجراء التصوير الطبقي المحوري الذي يفيد في تحديد نوع الكسر وامتداده، والانزياح في قطعتي الكسر في المستويات الثلاثة، وتحديد وجود كسور في أنحاء أخرى من الفك، وعلاقة الأسنان مع خط الكسر، والأذيات الأخرى المرافقة في النسج المجاورة.
كيف يتم العلاج؟
تهدف معالجة كسور الفك السفلي إلى:
- رد الكسر، أي إعادة القطع المكسورة إلى وضعها الصحيح.
- تثبيت الكسر، للمحافظة على تماس القطع المكسورة مع بعضها في الوضع الصحيح لفترة زمنية مناسبة لإعادة التحام العظم.
ولتحقيق هذه الأهداف تتم معالجة كسور الفك السفلي بإحدى الطريقتين:
الرد المغلق، وهو عبارة عن رد قطعتي الكسر إلى وضعهما الطبيعي دون التداخل الجراحي وكشف العظم وموقع الكسر، ويمكن إجراؤه تحت التخدير الموضعي أو التركين، ويستطب في الحالات التالية:
- الكسور المتفتتة بشدة، وذلك لأن الرد المفتوح يعرض القطع العظمية الصغيرة لخطر انقطاع التروية الدموية وتموت العظم.
- الوقاية من حدوث الإنتان، حيث إن الكسور المتفتتة مثل الطلق الناري تكون معرضة للإنتان بشكل خاص.
- الكسور لدى الأطفال، وذلك لاحتمال أذية براعم الأسنان أو الأسنان البازغة جزئيًا عند اللجوء للرد المفتوح.
- في معظم كسور اللقمة.
- في الكسور غير المتبدلة بشدة.
- قص النسج الرخوة المغطية لمنطقة الكسر.
- كسور الفك المصابة بالإنتان.
الرد المفتوح، ويعني إجراء الشقوق الجراحية للوصول إلى منطقة الكسر في العظم وإجراء الرد والتثبيت لحافتي الكسر، ويمكن استخدام المداخل الجراحية داخل أو خارج الفموية، ويستطب إجراء الرد المفتوح في بعض الحالات الخاصة:
- حالات تتعلق بمكان الكسر.
- تأخر المعالجة واندخال النسج الرخوة بين القطع العظمية المتباعدة.
- سوء الالتحام العظمي.
- المرضى ذوو الاضطرابات النوبية الشديدة مثل الصرع والاضطرابات النفسية والعصبية.
- كسر الفك السفلي الضامر بشدة.
وبالنسبة للتعامل مع السن الموجودة في خط الكسر، فبالرغم من أن السن في خط الكسر يمكن أن تتداخل مع الرد و/أو الإطباق فإن الاهتمام الأكبر يوجه عادة تجاه إمكانية حدوث الإنتان، فوجود السن في خط الكسر يجعل الكسر مفتوحًا (متصل مع الحفرة الفموية)، مما يؤهب لتطور الإنتان عبر انتقال الجراثيم إلى داخل العظم.
وقد اختلفت الآراء حول كيفية التعامل مع السن في خط الكسر بين الإزالة التقليدية للسن في جميع الحالات أو الاحتفاظ الروتيني بالسن السليمة، ومع ذلك فإن معظم الجراحين يوافقون المفهوم القائل بإزالة السن فقط في الحالات التالية:
- إذا أبدى نقصًا في الحيوية.
- كسر الجذر.
- القلقلة أو الإعاقة والتداخل مع رد الكسر أو الإطباق.
وبعد رد الكسر يقوم الجراح بتثبيت الكسر باستخدام شرائح ومسامير دقيقة، ويضع المريض على بعض الأدوية المسكنة والمضادات الحيوية لعدة أيام، ثم يقوم بإزالة الشرائح والمسامير بعد 6 أشهر للأطفال و12 شهرًا للكبار.