د. أكرم خولاني
تعتبر كسور الأنف أشيع كسور عظام الوجه، بسبب بروز الأنف وكبر حجمه مقارنة ببقية أعضاء الوجه، وهي قد تحدث في عظم الأنف أو غضروفه، ونادرًا ما تكون خطيرة، إلا أنها تتطلب العلاج لتجنب حدوث المضاعفات، وقد تحتاج إلى العلاج الجراحي في بعض الحالات.
ما المقصود بكسر الأنف؟
كسر الأنف هو حالة يكون فيها كسر أو صدع في عظام الأنف أو غضروفه، وغالبًا ما يكون في العظمة الموجودة أعلى جسر الأنف، إلا أنها قد تمتد إلى العظام المحيطة، بما في ذلك الفك العلوي أو الجيوب الأنفية أو الجيوب الأنفية الأمامية.
وعادة ما تحدث رضوض الأنف عند الذكور أكثر من الإناث بنحو الضعف، لذلك فإن كسور الأنف أشيع عند الذكور منها عند الإناث.
ويمكن تصنيف كسور الأنف من الناحية التشريحية للأنواع التالية:
الكسور الجانبية المتبدلة: تحدث نتيجة صدمة جانبية على الأنف فيتم دفع عظام الأنف إلى الجانب المقابل للقوة الصادمة، وتعد الكسور الناتجة عن الإصابة الجانبية من أكثر أسباب كسور الأنف شيوعًا، وعادة ما تصل إلى الجزء الظهري من الحاجز الأنفي، وغالبًا ما يكون علاجها سهلًا نسبيًا.
الكسور الانضغاطية الخلفية: تحدث نتيجة صدمة مباشرة على عظام الأنف، التي يتم دفعها للداخل باتجاه عظم الفك العلوي فتشمل الحاجز الأنفي دائمًا، ويمكن أن يترافق هذا النوع من الكسور مع كسور العظام الغربالية الحجاجية الأنفية، ويكون علاجها معقدًا وصعبًا في بعض الحالات.
الكسور المفتتة للغضروف الأنفي الجانبي: يحدث تفتت الغضروف العلوي للأنف عادة بسبب ضربة قوية على منتصف الأنف، كما يحدث في حوادث السيارات مع اصطدام عجلة القيادة بالأنف، وقد تترافق بخلع الغضروف الأنفي عن العظم.
كسر العظم الأنفي الأمامي: يمكن أن تكون كسور العظم الأنفي الأمامي معزولة أو مرتبطة بكسور الأنف الأخرى، وغالبًا ما تترافق بخلع أو كسر في الحاجز الأنفي، وإذا كانت كسور العظم الأنفي الأمامي معزولة فلا تتطلب عادة علاجًا جراحيًا.
كسور الحاجز الأنفي: غالبًا ما تشمل كسور الأنف الحاجز الأنفي، ويجب تقييمه لتحديد ما إذا كان العلاج ضروريًا. إذا كانت قوة التأثير ضعيفة فعادة ما تنكسر عظام الأنف دون كسور الحاجز، لكن إذا كانت قوة التأثير كبيرة قد تؤدي إلى كسر الحاجز.
غالبًا ما تؤدي إصابات الحاجز الأنفي إلى اختراق مجرى الهواء الأنفي، وتكون الحاجة إلى الإصلاح الجراحي بناء على أعراض المريض، وقد تؤدي إصابات الحاجز الأنفي إلى فقدان دعم الأنف الغضروفي ما قد يتطلب إعادة بناء تجميلي لاحقًا.
ما أسباب كسور الأنف؟
يعد الرض المفاجئ على الأنف هو السبب الأكثر شيوعًا لكسور الأنف، وتتضمن الأسباب الشائعة ما يلي:
- إصابة ناتجة عن رياضات الاحتكاك البدني، مثل كرة القدم أو الملاكمة.
- المشاجرات الجسدية واللكمات على الوجه.
- حوادث السيارات و المركبات الآلية.
- السقوط.
- الاصطدام العنيف بشيء ثابت، كباب أو جدار أو طاولة.
وهناك بعض المجموعات معرضة لخطر الإصابة بكسر في الأنف أكثر من غيرها، وغالبًا بسبب شيوع حالات السقوط بينهم، وهؤلاء هم الأطفال وكبار السن، ويميل كبار السن للإصابة بكسور كبيرة بسبب هشاشة عظامهم، بينما يعاني الأطفال من كسور الغصن النضر بسبب التركيب الغضروفي الأكبر والتعظم غير الكامل لعظام الأنف عندهم.
ما المضاعفات المحتملة لكسور الأنف؟
يمكن أن تتضمن المضاعفات التي تترتب على كسر الأنف ما يلي:
- انحراف الحاجز الأنفي: قد يؤدي كسر الأنف إلى انحراف الحاجز الأنفي، وتحدث هذه الحالة عند تغير موضع الجدار الرفيع الذي يقسم جانبي الأنف (الحاجز الأنفي)، فيسبب ضيق المجرى الأنفي.
- التجمع الدموي: في بعض الأحيان تتكون تجمعات من الدم المتجلط داخل الأنف المكسور، وتؤدي إلى حدوث حالة تُسمى ورمًا دمويًا في الحاجز الأنفي، ويمكن أن يؤدي الورم الدموي في الحاجز الأنفي إلى انسداد
- إحدى فتحتي الأنف أو كلتيهما. وتتطلب تلك الحالة إجراء جراحيًّا عاجلًا لتصريف السوائل لوقاية الغضروف من التنخر والضرر.
- كسر الغضروف: إذا كان الكسر بسبب صدمة قوية، فقد يسبب كسرًا في الغضروف، وإذا كانت الإصابة شديدة فقد تتطلب العلاج الجراحي لمعالجة إصابات العظام والغضاريف معًا.
إصابات العنق: إذا كانت الصدمة قوية جدًا فقد تؤدي قوتها لإلحاق الضرر بعظام العنق أيضًا، وفي هذه الحالة يجب طلب الرعاية الطبية على الفور.
ما أعراض كسور الأنف؟
تشمل الأعراض التي تشير إلى احتمال تعرض عظم الأنف للكسر ما يلي:
- التواء الأنف أو تشوه شكله.
- ألم في الأنف وخاصة عند لمسه.
- تورم الأنف والمناطق المحيطة به.
- نزيف الأنف (رعاف مستمر).
- كدمات حول الأنف أو العينين.
- صعوبة في التنفس عن طريق الأنف.
- الشعور بانسداد في أحد ممري الأنف أو كليهما.
- صوت فرك أو طقطقة عند تحريك الأنف.
كيف تشخص كسور الأنف؟
يتم التشخيص من خلال القصة المرضية والأعراض والفحص السريري، ويجب إجراء فحص الجزء الخارجي من الأنف والمناطق المحيطة به وكذلك الممر الأنفي الداخلي للكشف عن أي انسدادات أو أورام دموية أو مؤشرات لكسور وأذيات محتملة، وربما يطلب الطبيب إعادة الفحص بعد يومين أو ثلاثة أيام بمجرد زوال التورم لتسهيل رؤية الإصابات وتشخيص الحالة بشكل أدق.
ولا يتطلب الأمر في العادة إجراء الصور الشعاعية البسيطة أو التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) أو غيرها من الاختبارات التصويرية، إذ إن التشخيص سريري، كما أن التصوير لا يميز بين الكسور الحديثة والقديمة، وكذلك لا يكشف عن الإصابات الغضروفية، ولكن قد يطلب إجراء فحص التصوير المقطعي المحوسب إذا كانت شدة الإصابة تجعل الفحص البدني الشامل مستحيلًا أو إذا اشتبه الطبيب في احتمال وجود إصابات أخرى.
كيف يتم العلاج؟
بداية ينصح بإجراء بعض الإسعافات الأولية في حال حدوث رض على الأنف، وتشمل:
في حال النزف الأنفي: الجلوس والانحناء للأمام مع التنفس من الفم لمنع دخول الدم إلى البلعوم.
لتقليل التورم: وضع ثلج ملفوف بقطعة قماش على الأنف لمدة 15 إلى 20 دقيقة، ثلاث أو أربع مرات في اليوم.
- تناول مسكنات الألم (الباراسيتامول أو الآيبوبروفين) لتسكين الألم.
- تجنب النفخ في الأنف أو حك الأنف.
وإذا كان الكسر بسيطًا ولم يتسبب بأعراض خطيرة أو تغير بشكل الأنف، أي أن الكسر ثابت ومستقيم، فلا يحتاج إلى علاج طبي متخصص، ويكفي إجراء الإسعافات الأولية مع رفع الرأس في أثناء النوم لتجنب ازدياد التورم، ومن المرجح أن يلتئم الكسر دون أي مشكلات، ولكن إذا حدثت صعوبة في التنفس الطبيعي فينصح باستشارة اختصاصي الأذن والأنف والحنجرة لإجراء الجراحة التصحيحية.
أما في حال كانت الإصابة شديدة فإنها تحتاج إلى العلاج التخصصي فورًا، ومن الأعراض التي تشير إلى ضرورة العلاج الطبي الفوري:
- النزف بغزارة ودون توقف.
- تسرب سوائل صافية من الأنف.
- صعوبة في التنفس.
- التواء أو تشوه في عظام الأنف.
- وجود إصابات مرافقة في الرأس أو العنق.
وبعد إجراء الفحص السريري وتقييم الحالة يقرر الطبيب طريقة العلاج المناسبة:
الرد المغلق: في حالات كسور الأنف المعزولة من جانب واحد وإذا تسبب الكسر بتغير موضع عظام الأنف أو غضروفه، فقد يستطيع الطبيب إعادته إلى موضعه الصحيح يدويًا دون الحاجة للجراحة، ويتم الرد المغلق بعد مرور 3 إلى 10 أيام من الإصابة عقب زوال التورم، وبعد هذه الفترة يبدأ النسيج الضام الليفي بالتطور داخل خط الكسر مما يعوق الرد.
يمكن وضع جبيرة للأنف مع حاجز أنفي من الداخل وضمادة من الخارج، ويلزم في بعض الأحيان تثبيت جبيرة داخلية لوقت قصير، ويجب في العادة تثبيت الحاجز الأنفي لمدة أسبوع عند استخدامه، وقد تظل الضمادة في موضعها لمدة تصل إلى أسبوعين.
الجراحة: تكون الجراحة ضرورية في الكسور الشديدة التي تسبب تشوه شكل الأنف، أو إصابة المنطقة الغضروفية، أو الكسور المتعددة، أو الكسور القديمة التي لم تُعالَج لأكثر من 14 يومًا، ويمكن للجراحة إعادة تنظيم العظام وإعادة تشكيل الأنف.
وبعد هذا الإجراء، يرتدي المصاب جبيرة للأنف، وتتم إزالتها بعد نحو أسبوع، وعادة ما يستغرق الأمر من 4 إلى 6 أسابيع حتى يلتئم عظم الأنف مرة أخرى.