توقعات بارتفاع أسعار اللحوم محليًا

تصدير المواشي يعوض خسائر المربين ويوقف التهريب

رعاة يتجولون مع قطيع للأغنام في حتيتة التركمان قرب مطار دمشق الدولي - 18 نيسان 2025 (عنب بلدي)

camera iconرعاة يتجولون مع قطيع للأغنام في حتيتة التركمان قرب مطار دمشق الدولي - 18 نيسان 2025 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

نهاية آذار الماضي، سمحت الحكومة السورية بتصدير 200 ألف من ذكور الأغنام العواس وذكور الماعز الجبلي، وهذا العدد قابل للزيادة بحسب تأثير التصدير على الأسعار في السوق المحلية، كما تم السماح بتصدير 20 ألف رأس من العجول الحية المحلية.

فتح باب التصدير تلقاه مربو المواشي في سوريا كبادرة إيجابية من شأنها تعويض جزء من خسارتهم التي تعرضوا لها عقب سقوط نظام الأسد، إذ انخفضت حينها أسعار المواشي إلى ما دون نصف سعرها سابقًا، ما سبّب لهم خسائر منعتهم حتى من تحصيل رأس المال.

ويقدّر مجموع ما تم تصديره حتى تاريخ إعداد التقرير بـ38200 رأس من الأغنام، 37000 منها بحرًا عبر مرفأ طرطوس إلى السعودية، و1200 برًا إلى الأردن عبر معبر “نصيب” الحدودي، بحسب ما صرح به معاون وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية، أيهم عبد القادر، لعنب بلدي، مشيرًا إلى أنه يمكن لجميع الدول الاستيراد من سوريا، لكن اليوم يتم التصدير لدول الخليج العربي.

لتعويض الخسارة

محمد بخيت الجلالي (46 عامًا)، مربي مواشٍ يقيم في محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، قال لعنب بلدي، إن السماح بتصدير المواشي من شأنه تعويض خسارة الفلاحين، وهو إيجابي لأنه يوقف حركة التهريب التي كانت تجري بكثافة قبل سقوط النظام.

كانت سوق تهريب المواشي تعمل بكثافة إلى الأردن والعراق ولبنان بمختلف المناطق الحدودية، إلا أن سقوط النظام غيّر المعادلة، وفق محمد الجلالي، موضحًا أن سوق التهريب أوقف خلال الأشهر الماضية لعدة أسباب، كما أدى انخفاض الأسعار محليًا إلى إلحاق خسائر مالية بالمربين.

وأوضح المربي أن التصدير رفع أسعار المواشي عقب اتخاذ القرار فورًا، مؤكدًا أن الأسعار لا تزال قابلة للزيادة خاصة مع زيادة أرقام التصدير إلى السعودية بالتزامن مع اقتراب موسم الحج، حيث يحصل المربون على أسعار مبيع جيدة لمواشيهم في هذا الموسم.

قبل صدور قرار التصدير كان سعر مبيع كيلو الغنم “الواقف” يعادل 38 ألف ليرة سورية، فيما ارتفع عقب السماح بتصدير المواشي إلى 65 ألف ليرة سورية.

ترفد الخزينة

معاون وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية، أيهم عبد القادر، قال لعنب بلدي، إن عملية تصدير المواشي ستسهم في رفد الخزينة العامة للدولة بالقطع الأجنبي نتيجة الرسوم التي سيتم استيفاؤها، إضافة إلى أن هذا الأمر سيحد من ظاهرة التهريب التي تنعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني وواقع الثروة الحيوانية في سوريا.

وأشار إلى أن التصدير يسهم بكسر حالة الجمود التي تعاني منها السوق المحلية، ويفسح المجال للمربين بتصدير جزء من قطعانهم، ما يساعدهم على الاستمرار بعملية التربية، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف وقلة المراعي هذا العام، إضافة إلى ضعف القدرة الشرائية عند المستهلك.

ولفت معاون وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية إلى أن وزارة الزراعة لا تتدخل في وضع تسعيرة محددة لبيع الأغنام، ويرجع تحديد السعر في السوق المحلية إلى العرض والطلب، لكن يمكن إيقاف التصدير في حال ارتفعت الأسعار بشكل كبير، لما لذلك من تأثير على السوق المحلية.

ارتفاع 25%

سامر العطروز مربي أغنام في قرية الزر بريف دير الزور، قال لعنب بلدي، إن أسعار لحوم الأغنام ارتفعت بمقدار دولار إلى 1.5 دولار أمريكي للكيلوغرام (10000 إلى 15 ألف ليرة سورية).

وأرجع المربي سبب الارتفاع إلى فتح باب التصدير للخارج والسماح بتصدير المواشي بشكل يومي على عكس الأعوام السابقة، حيث كانت قلة الأمطار والجفاف تجبر مربي الأغنام على بيع قسم منها لإطعام القسم الآخر وتعويض الخسائر.

وتابع أن الأغنام كانت تباع بـ3.4 دولار لكل كيلوغرام، واليوم وصل السعر إلى 5 دولارات، مشيرًا إلى أن الارتفاع سيعوض خسائر مالية تعرض لها مربو الماشية في دير الزور.

بدوره، يتوقع مربي الأغنام ساهر العطية، ارتفاع أسعار اللحوم للمستهلكين، بعد أن وصل سعر كيلوغرام الخروف المباع في السوق إلى 5 دولارات و5.5 دولار، وكيلو لحم العجل إلى 4 دولارات.

سوق متقلبة

مؤيد الزكم تاجر أغنام في دير الزور، قال لعنب بلدي، إن سوق الأغنام في الفترة الحالية متقلب، إذ يشهد ركودًا لأيام ثم ينشط في أخرى.

ويعود نشاط السوق غالبًا إلى رغبة المربين بالبيع بسبب ارتفاع تكاليف الأعلاف وقلة المراعي، لكن فتح التصدير يساعد على نشاطه أيضًا.

وذكر التاجر أن إجراءات التصدير معقدة وغير منظمة، لأن التصدير حاليًا فقط عبر البحر، ويتطلب تراخيص وفحوصات بيطرية وتخليصًا جمركيًا وتعقيدات أخرى يواجهها التجار، وفق الزكم.

الأعلاف تزيد الخسارة

يشير مربون، ومنهم محمد بخيت الجلالي، إلى أن أسعار الأعلاف في الأسواق سواء منها ما يتم توزيعه عبر الجمعيات التعاونية أو التي يشتريها المربون من الأسواق الخاصة، مرتفعة جدًا، ولا تتناسب مع أسعار العلف العالمية، ولا تؤمّن نسبة ربح جيدة للمربين.

محمد أكد أن المربين يحتاجون إلى دعم إضافي لتعويض خسائرهم، أبرزها تأمين المقنن العلفي بأسعار مناسبة وجودة جيدة، موضحًا أن الجمعية التعاونية توزع المقنن العلفي على المربين بكميات قليلة وجودة منخفضة أقل بكثير من جودتها في القطاع الخاص، رغم أن أسعارهما تتقارب نوعًا ما.

ويرى المربي أن على الحكومة تأمين كميات وفيرة من الأعلاف هذا العام، بسبب قلة المراعي نتيجة عدم هطول نسب كبيرة من الأمطار السنوية.

مدير المؤسسة العامة للأعلاف، حسين شهاب، قال لعنب بلدي، إن هناك دعمًا للمقنن العلفي في السابق، وتمت زيادته بنسبة 50% لرأس الغنم الواحد ويوزع لمرة واحدة.

وتم التعاقد مع عدد من التجار لاستيراد مادتي النخالة والشعير لتوفيرهما بالسوق، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف نتيجة الجفاف وانحباس الأمطار، إضافة إلى زيادة الطلب على مادة النخالة، بحسب شهاب.

وفي تصريح سابق له، قال مدير المؤسسة العامة للأعلاف، إن مادة العلف “المكبسل” و”المجروش” ستطرح بأسعار تنافسية في السوق المحلية، وحدد سعر بيع الطن الواحد من العلف “المكبسل” بـ310 دولارات أو ما يعادلها بالليرة السورية، وسعر بيع الطن الواحد من العلف “المجروش” بـ280 دولارًا أو ما يعادلها بالليرة السورية.

يكمن الهدف من هذه الخطوة بتحرير أسعار مادة العلف، على أن يتم تحرير باقي أسعار المواد العلفية بأسعار منافسة في السوق المحلية، بحيث تغطي احتياجات المربين وتحسين واقع تربية المواشي في سوريا.

مصدر رئيس للغذاء والدخل

خلال السنوات الماضية، عانى مربو المواشي في سوريا ظروفًا صعبة متعددة، دفعت الكثيرين منهم للتفكير بترك المهنة، سواء بوجود بدائل عن هذه المهنة أو دونها، فباتوا مضطرين لبيع مواشيهم إن توفر من يشتري، أو ذبحها، للتخلص من عبء مصروفها.

قبل العام 2011، تجاوز حصة الثروة الحيوانية في سوريا 40% من إجمالي الإنتاج الزراعي، كما أمّنت فرص عمل لحوالي 20% من القوى العاملة في المناطق الريفية.

أما لدى الأسر الريفية التي تعتبر تربية الماشية المصدر الرئيس للغذاء والدخل لها، فقد وصلت نسبتها إلى 35%.


أسهم بإعداد المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ

 



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة