جريدة عنب بلدي – العدد 57 – الأحد – 24-3-2013
أسواقٌ خلت من زوارها، وشوارع غاب عنها الفرح، محال الحلويات لم تكتظ كعادتها في مثل هذا الوقت من كل عام بزبائن قوالب «الكاتو» المعبرة عن الاحتفال.
فعيد الأم هذا العام مختلف، فاليوم لم يعد هناك طعمٌ للفرح فمعظم الأمهات السوريات إما لبسن السواد على فراق الأحباب، أو أنهن الآن يلتحفن البطانيات في مخيمات النزوح في البلدان المجاورة.
أي عيد للأم السورية هذا العام وهي تنتظر الغد لعله يحمل معه عودة ابن مفقود أو مخطوف أو معتقل.
أي عيد وقد تناثر عمرها كأشلاء تحت وقع انهيار بيت أخذ منها أجمل شيءٍ في عمرها حتى شيدته بدموع الحاجة وآهات الجوع لتراه اليوم ركامًا منثورا .
أي عيد وهي تنتظر وتعيش بخوف لا ينتهي على فراق غالٍ في جبهات القتال .
أي عيد والأم السورية ثكلى، شهيدة، معتقلة، مهجرة..
أي عيد وهي لم تجد سوى المقابر مكانا لتحتفل بها في هذا العيد، وعيناها تزرفان الدموع على قبر فلذة كبدها، الذي ربته ليعيش وهي تحلم أن تزغرد له في عرسه فرحا وابتهاجا، غير أنها زغردت يوم وفاته بؤسا وألما.. كيف لا؟؟ وقد فقدت بفقده كل الأمل وودعت بوداعه الفرح . لكنها تأبى الخروج دون ان تأخذ معها هديتها حفنة من تراب ممزوج بالدموع والدم..
أمهات سوريا أنتن أيقونات الألم والحب، أنتن من ستفقأن أعين العالم بالحقيقة التي يحاول الجميع تزويرها .
أمام كل آلامكن وتضحياتكن لا نجد شيئا نهديكن إياه فكنوز الدنيا لا تكفي أمام بذلكن وعطائكن. لا يسعنا اليوم إلا أن نشد على أياديكن الطاهرة ونقبلها ونقول بخجل
«كل عام وقلبكن بألف خير..»