جريدة عنب بلدي – العدد 57 – الأحد – 24-3-2013
تمثل المدرسة روح المجتمع وأساس بنيانه وبنائه، بل وحاضره ومستقبله، وإنّ ما تقوم به قوات النظام من هدم لها إنما يعبر عن إدراكها لأهمية هذه المؤسسة للمجتمع وللأجيال التي ستكون مستقبلًا نتاجًا لثورة لفظت فساد وخيانة هذا النظام لشعبه وبلده.
تعتبر المدرسة المؤسسة الاجتماعية الأولى التي يدخلها الفرد بعد الأسرة، والتي يقضي فيها فترة طويلة من سِني حياته ينمو ضمنها مع مجتمع أقران له، وتحت إشرافٍ ورعايةٍ مباشرة من الكوادر التربوية والتعليمية في هذه المؤسسة والتي تتبنى جانبًا مهمًا من التأهيل الاجتماعي له، إضافة إلى العلم الذي يناله فيها لتقوم بمهمتها في تأسيس الأجيال الواعية والمدركة لقضايا مجتمعها الاقتصادية والثقافية والسياسية وإثارة الدافعية في العمل لحلها. فأساس وجودها خدمة أفراد المجتمع المحيط بها لتخليصهم من الأمية والجهل، وهي شاملة لجميع أفراد المجتمع دون استثناء، بل وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات ليتمكنوا من الإسهام في تطوير المجتمع والعمل لحل مشكلاته ومشكلات أفراده الحاضرة والمستقبلية..
ومن ناحية أخرى فإن المدرسة تضطلع بدور إنساني تلعبه في خلق الوعي الثقافي لما يدور من تطور في الحياة العامة وتعريف أفرادها بأمور الحياة وتدريبهم على أفضل السبل لحلها بتعميق الفكر الإنساني في نفوسهم ما يؤهلهم لأخذ دورهم الحياتي.
تلعب المدرسة دورًا اقتصاديًا أيضًا في تخريج أفرادها القادرين على الإسهام في التقدم والتطور الاقتصادي للمجتمع الذي يعيشون فيه وتعليم أفراده ما يساعدهم على تسيير أمورهم الاقتصادية وإدارة المؤسسات الاقتصادية التي تشكل جزءًا مهمًا من حياة المجتمعات وأسس وجودها. من جانب آﺧﺮ تهدف اﻟﻤﺪرﺳﺔ إلى تحسين اﻟﺴﻠﻮك والتأثير ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ﻣِﻦ ﺧﻼل روّادﻫﺎ وﻫﻢ التلاميذ، ﻓﻠﻬﻢ اﻟﺪور ﻓﻲ تغيير الحياة اﻟﻌﺎﻣـَّـﺔ وتعديلها للأفضل.
وبعد ما فقده أطفالنا من مدارس كانت تؤويهم وتسهم في تأدية الأدوار المنوطة بها تجاههم. فلا بدّ لنا من التنبه لضرورة العمل منذ الآن للتجهيز لإعادة إعمار هذه المنارات. أما مرحليًا فيمكن الاستعانة بالمساجد والمراكز التعليمية الباقية، ليس كأبنية فقط، بل كمؤسسات تستطيع مساعدة هؤلاء التلاميذ الذين يتّمهمُ النظام من مدارسهم.
وتبقى اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺷﻌﺎع وﻣﻨﺎرة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻷﻧـَّﻬﺎ ﺗﻀﻊ اﻟﺒﺬرة الصالحة وترعاها وتهيء لها الظروف المناسبة لتنمو وتنتج أجيالًا تبني وطنًا حرًا كريمًا وعزيزًا.4