مزارعون يحاولون تشغيل محركات الديزل لاستجرار المياه من سد "عابدين" إلى الحقول المجاورة - 5 نيسان 2025 (عنب بلدي /محجوب الحشيش)
شحّ الأمطار ينعكس سلبًا على محاصيل استراتيجية بدرعا
درعا – محجوب الحشيش
لم يستطع معظم المزارعين في محافظة درعا جنوبي سوريا سقاية محاصيلهم، مثل القمح والشعير والبازلاء والفول، جراء شح الأمطار، ما أثر على جودة هذه المحاصيل.
ومن المتوقع أن ينعكس الأمر سلبًا على الإنتاجية، بالتزامن مع زيادة في التكلفة، إذ اعتمد مزارعون على محركات “الديزل” في تأمين مياه الري، بينما باع آخرون محصولهم للمواشي.
عدم كفاية مياه الري
المزارع أحمد الحريري، وهو من سكان بلدة مليحة العطش في ريف درعا الشرقي، لم يتمكن من سقاية كل محصوله من القمح لهذا الموسم، لجفاف التربة وعدم ارتوائها خلال كانون الأول 2024، وكانون الثاني الماضي، بسبب انحباس الأمطار.
وقال أحمد الذي يملك 150 دونمًا من القمح، إنه لم يستطع سقاية سوى أربعة إلى خمسة دونمات في اليوم، في حين كان يسقي أكثر من 25 دونمًا في اليوم خلال عام 2024، لأن الأمطار كانت تسعف المحصول وترويه.
هذه الحالة حمّلته تكلفة زائدة في تشغيل ساعات محرك الديزل، إذ يحتاج في اليوم الواحد إلى 160 ليترًا من المازوت، ويصل سعر الليتر الواحد إلى 10 آلاف ليرة سورية.
وطالب المزارع بإعادة الدعم للفلاح بمادة المازوت، الذي ألغته الحكومة السورية بعد سقوط نظام الأسد.
موسم غير مبشّر
المهندس الزراعي أحمد كيوان، قال لعنب بلدي، إن محصول القمح دخل في مرحلة التسبيل، وفي هذه المرحلة تكون التغذية بهدف تكوين الحب، في حين ما زال طول قشة القمح في معظم المحاصيل لا يتجاوز 20 سنتمترًا، ومن المفترض أن تفوق 50 سنتمترًا في مثل هذا التوقيت من كل عام.
وأضاف أن القمح لم يستفد من مياه الأمطار بسبب قلتها، والتي تحوي النيتروجين والآزوت العضوي، لذلك لا تغني مياه الري مهما بلغت نسب السقاية، بحسب المهندس.
وقدّر المهندس نسبة نجاح محصول القمح في هذه السنة بـ5%، ومعظمها هي من الأراضي المروية، ويمكن الاستفادة منها بإنتاج القمح والتبن.
أما المحاصيل البعلية من القمح والشعير، فهي خارج الإنتاج، ومعظمها أصبح يصلح للمراعي فقط، وفق كيوان.
وفق أحدث إحصائية لمديرية زراعة درعا، فإن المساحة المزروعة بالقمح المروي في الموسم الحالي بلغت 9204 هكتارات من أصل المخطط له، البالغ 10 آلاف هكتار بنسبة تنفيذ 92%، وأوضحت أن واقع المحصول بين الجيد والمتوسط.
وبلغت المساحة المخططة للقمح البعل 86317 هكتارًا، تم تنفيذ 41299 هكتارًا بنسبة تنفيذ 47.8%.
وقال مدير الزراعة، عاهد الزعبي، إن انحباس وتأخر الأمطار أسهم في تدني نسبة تنفيذ زراعة القمح البعلي، وخروج بعض المساحات المزروعة باكرًا، وإن واقع الإنبات لـ2000 هكتار جيد، ولـ5200 هكتار وسط، والباقي ضعيف.
بعض المحاصيل مرعى للمواشي
باع خالد الحشيش 100 دونم من محصول القمح مرعى للمواشي، بعد عجزه عن إتمام سقاية المحصول.
لدى المزارع خالد 150 دونمًا من القمح، استطاع سقاية 50 دونمًا فقط، في حين لم يعد يجدي سقاية باقي المحصول.
وقال خالد لعنب بلدي، إن الأرض استهلكت كميات كبيرة من المياه، كان يعوضها هطول المطر في السنوات الماضية، مضيفًا أن محصول القمح يعتبر استراتيجيًا بالنسبة له، ويزرعه كل عام، لكن لم يكن يتوقع عدم قدرته على إتمام سقايته.
بحيرة “زيزون” المجاورة لمحصول خالد، عادت إلى الجريان في شباط الماضي، إلا أن الاستجرار الكبير لمياه الري الصادرة منها وتشغيل الآبار سرعان ما أدى إلى نضوبها مجددًا.
كما أثر الاستجرار المستمر لمياه الري خلال فصل الشتاء على ينابيع عيون الساخنة وعيون العبد وبحيرة المزيريب، والتي لم تشهد أي عودة إلى الجريان هذا العام.
ولم يتضرر موسم القمح والشعير فقط، وشهدت محاصيل البازلاء والفول ضررًا أثر على إنتاجها.
محمود كيوان، فلاح لدية 20 دونمًا مزروعة بالبازلاء، قال إنه لم يتمكن من سقايتها ما أجبره على بيعها مراعي للأغنام.
وقال محمود، إن البازلاء كانت تعتمد على مياه الأمطار خلال السنوات الماضية ولا تستهلك كميات كبيرة من مياه الري.
في حين كان ينوي يوسف السالم زراعة 15 دونمًا من محصول الحمّص، إلا أن عدم هطول الأمطار خلال فصل الشتاء دفعه لإلغاء المشروع لعدم توفر ربة (أي رطوبة في التربة)، وتوقع غلاء أسعار التبن (وهو قشات القمح، أو الشعير، والفول، والبازلاء).
وخلال السنوات الماضية، طال الجفاف مصادر مياه مهمة في درعا، وجرى استنزاف آلاف الآبار العشوائية لمصادر المياه، والتي كانت سببًا في تعميق أثر موجة الجفاف الأخيرة، وتراجع الزراعة، وهي مورد الرزق الأهم في درعا “سلة الخضار السورية”، وزاد الأمر صعوبة فشل وضعف قدرة الحكومة على إيجاد البدائل.
ومن أبرز المحاصيل تأثرًا بالجفاف في درعا الزيتون، رغم أن أشجاره أكثر مقاومة للعطش من غيرها، ويمكن سقايتها مرتين في فصل الصيف، بشرط حراثة الأرض باستمرار للمحافظة على رطوبة التربة، وفق تحقيق لعنب بلدي/ سيريا انديكيتور
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :