
مدخل مخيم اليرموك في دمشق 10 شباط (عنب بلدي/بيسان خلف)
مدخل مخيم اليرموك في دمشق 10 شباط (عنب بلدي/بيسان خلف)
عنب بلدي – بيسان خلف
“من شتات إلى شتات، هكذا كُتب على الفلسطيني أن يعيش، عدت إلى مخيم اليرموك بعد سقوط النظام لترميم منزلي، لأنني تعبت من الإيجارات”، قال سمير عموري (40 عامًا) لعنب بلدي.
وأضاف، “وضع اليرموك سيئ جدًا، لا كهرباء، لا ماء، لا خدمات، ودمار حولنا في كل مكان، إضافة إلى أكوام القمامة ومخلفات الحرب”.
مخيم “اليرموك” للاجئين الفلسطينيين جنوبي العاصمة دمشق، شهد بعد سقوط النظام، في 8 من كانون الأول عام 2024، عودة الأهالي بعد أن منعهم النظام السابق من التجول داخل بعض المناطق في المخيم دون موافقة أمنية مسبقة.
حال سمير عموري لا تختلف عن سميح حميّد، الذي عاد إلى معاينة منزله لمعرفة إمكانية العودة إليه وترميمه، بعد أن كان لاجئًا في تركيا منذ عام 2014.
سميح (50 عامًا)، روى لعنب بلدي قصة عودته إلى مخيم “اليرموك” قائلًا، “كنا نسمع عن دمار المخيم ولكن لم أتوقع هذه الدرجة من الخراب والتدمير والسرقة الممنهجة”.
وأضاف أنه لم يكن متشجعًا على العودة بسبب انعدام الخدمات الأساسية، وصعوبة تحرك السيارات داخل المنطقة، “إضافة إلى أن منزلي يحتاج إلى إزالة الركام وتجريف الأرض لإنشاء البنية التحتية من جديد”.
من جهته، عبد الله السليم الذي لجأ إلى تركيا منذ عام 2015، تحدث لعنب بلدي حول عودته لمخيم “اليرموك” قائلًا، “اختفت معالم المخيم، لم أستطع التعرف إلى موقع بيتي إلا بعد جهود مضنية، لقد نجح الأسد في تدمير الإنسان الفلسطيني بدءًا من منزله انتهاء بقتله من الداخل”.
عمل السليم في السعودية لمدة 14 عامًا حتى استطاع شراء هذا المنزل، لكنه عاد ليجده “ركامًا وحجارة”.
أما حسنة الفاعور التي عادت إلى “اليرموك” العام الماضي، ورممت منزلها، فتعاني وأسرتها من نقص المياه، وتعتمد على سحب خط مياه غير مرخص لتأمين حاجتها.
ولعدم وجود فرن في منطقة مخيم “اليرموك”، تذهب إلى فرن حي التضامن أو الزاهرة لتأمين الخبز.
عضو مكتب “لجنة إغاثة مخيم اليرموك” نائل حميّد، قال لعنب بلدي، إن وضع المخيم سيئ جدًا، والخدمات الخجولة المقدمة هي فقط “جهود شخصية”.
ويعود سبب انعدام الكهرباء في مخيم “اليرموك” لوجود محولة كهرباء واحدة في شارع “الجاعونة”، تغذي شارع “15” و”الجاعونة”.
وحول وضع المياه، أشار نائل حميّد إلى أن لجنة الخدمات ولجنة إغاثة اليرموك تواصلت مع بعض المهندسين والمتعهدين لمد المياه بشكل نظامي لمنازل المواطنين هناك.
منظمة التحرير الفلسطينية عملت بالتعاون مع بعض المتبرعين في “اليرموك” على إزالة الركام من شارع “العروبة” وحتى مستشفى “فلسطين”، وبمعدات متواضعة ومازوت مقدم من قبل المتبرعين، بحسب حميّد.
ويأمل حميّد أن تعمل المحافظة بالتعاون مع اللجان في “اليرموك” على تفعيل فرن آلي، بسبب صعوبة تنقل المواطنين بين “اليرموك” والتضامن من أجل تأمين الخبز.
“معظم الذين عادوا إلى اليرموك من الفقراء، وقدمت اللجان وعودًا بالتنسيق مع محافظة دمشق، ولكن هذه الوعود تحتاج إلى المراقبة لنرى ما سينفذون منها”، وفقًا لحميّد.
حاولت عنب بلدي التواصل مع محافظة دمشق، للسؤال عما ستقدمه لمخيم “اليرموك”، وما إذا تخلت عن تقديم الخدمات هناك، واعتمدت على جهود اللجان والمنظمات، ولم تتلقَّ ردًا حتى وقت كتابة هذا التقرير.
“مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” طارق حمود، أوضح، لعنب بلدي، أنه لا يوجد مشروع محدد لإعمار المخيم حتى الآن، والمبادرات في هذا الشأن لا تتوقف من الجهات الفلسطينية أو الدولية المعنية بهذا الملف مثل “أونروا”، لكنها مبادرات ترميم ولا ترقى لمشروع إعادة إعمار.
وقال إن هناك ظروفًا موضوعية تحكم هذا الملف، منها أن سوريا برمتها تحتاج إلى مشروع لإعادة الإعمار، وهذا ما لم يتم الاتفاق الدولي عليه حتى اللحظة.
وأشار إلى أن هناك أسبابًا أخرى تتعلق بتقصير الجهات الفلسطينية التمثيلية وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، وعدم إعطاء هذا الملف الأهمية اللازمة.
أمام هذه التحديات سيبقى ملف إعمار مخيم “اليرموك” رهنًا لهذه الظروف وتقلباتها، وستبقى الحلول المطروحة على الأرض جزئية، وفردية أحيانًا، ولا تعالج المشكلة الشاملة، بحسب طارق.
يشتكي أهالي مخيم “اليرموك”، منذ أن سمح لهم النظام السابق بالعودة في عام 2019، من افتقاره إلى الخدمات الأساسية وغياب المرافق المؤهلة، وإهمال الشوارع والطرقات على الرغم من بدء عودتهم إلى منازلهم، في الوقت الذي تواصلت فيه عمليات النهب وسرقة الممتلكات العامة والخاصة في المخيم، حتى سقوط النظام.
وقبيل سقوط نظام الأسد، أجرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” استبيانًا إلكترونيًا لرأي سكان مخيم “اليرموك” جنوبي دمشق، حول حديث النظام السوري عن إعادة إعمار المخيم.
المجموعة، نشرت نتائج الاستبيان، الذي أظهر أن 51% من أبناء المخيم لا يثقون بدعوات النظام لإعادة الإعمار، بينما عبّر 18.6% من المشاركين عن ثقتهم بهذه الدعوات، ونفى 29.5% منهم علمهم بالإجابة عن السؤال.
وكان النظام السوري يماطل في السماح بعودة الأهالي إلى المخيم، كما يتأخر بالبدء بأعمال ترميم البنى التحتية للمنطقة، بحسب ما ذكرته “مجموعة العمل”، ما يضع فلسطينيي سوريا في حالة من انعدام الأمن، ويفاقم معاناة النازحين منهم، ويهدد مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين.
وكشف التقرير أن 46% من المشاركين في استبيان “مخيم اليرموك وإعادة الإعمار” أكدوا أن المخيم لن يعود إلى سابق عهده، بينما قال 30% إن المخيم قد يعود كما كان، فيما عبّر 23.5% عن عدم امتلاكهم رأيًا دقيقًا حول الأمر.
وفي تموز 2020، أصدرت المجموعة تقريرها السنوي الذي تحدثت فيه عن عدم سماح النظام السوري السابق بإعادة إعمار مخيم “اليرموك”، وعودة النازحين من سكانه، “الذين يعانون أوضاعًا إنسانية صعبة، في ظل التدهور الاقتصادي الذي تشهده سوريا”.
وأكد التقرير أن أهالي المخيم غير قادرين على تأمين بدائل السكن، خاصة أن المخيم ما زال يتعرض لعمليات نهب وسلب للممتلكات العامة والخاصة، وتدمير لبقايا البنية التحتية من كهرباء وماء واتصالات على مرأى من الأجهزة الأمنية السورية.
وبحسب المجموعة، فإن حالات النهب و”التعفيش”، من نهب الأثاث والأبواب والشبابيك والأسلاك الكهربائية وغيرها، طالت 93.2% من منازل المخيم.
وشهد المخيم سابقًا معارك بين فصائل “الجيش الحر” وقوات النظام السابق، وسط انقسام الفصائل الفلسطينية بين الجانبين، قبل سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على ثلثي المخيم عام 2015.
لكن قوات النظام السابق سيطرت بشكل كامل على منطقة الحجر الأسود ومخيم “اليرموك”، في أيار 2018، بعد عملية عسكرية استمرت شهرًا، طُرد خلالها تنظيم “الدولة” من المخيم، غداة اتفاق إجلاء غير رسمي، نُقل بموجبه عناصر التنظيم إلى بادية السويداء.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى