جريدة عنب بلدي – العدد 57 – الأحد – 24-3-2013
مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوريا
في 21 آذار 1960 قتلت الشرطة في جنوب افريقيا 69 شخصًا كانوا في مظاهرة سلمية في مدينة شاريفيل، وعلى إثر الحادثة تنامت الجهود الدولية لمكافحة العنصرية، بيد أن التمييز العنصري بقي في بقاع كثيرة من العالم، ومن ضمنها جنوب أفريقيا نفسها والتي لم تتخلص من نظام الفصل العنصري إلا في بدايات التسعينيات من القرن الماضي.
العنصرية هي إبداء أي فعل أو تعبير سواء كان ممارسة عملية أو خطابًا منطوقًا، أو مكتوبًا أو إشارة تتضمن اضطهادًا مردّه الانتساب لمجموعة عرقية أو دينية، أو بداعي اللون أو الطبقة الاجتماعية وكذلك تتضمن التعالي والانتقاص والتعيير والإهانة.
تؤكد المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على كون البشر «أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق»، وهذا يستدعي رفع المظالم القائمة على أسس عنصرية، كما يجب أن تدرج العنصرية أخلاقيًا في مصاف السلوكيات المشينة التي تلقى إدانة واستهجانًا على الصعيد الاجتماعي، وينبغي أن تنص الدساتير والقوانين على تجريم الممارسات العنصرية ووجوب محاسبة القائمين بها.
مورست فظاعات وجرائم تطهير عرقي بحق شعوب وجماعات كثيرة على مر التاريخ، إلا أن أحدث هذه الفظاعات كانت التي حدثت في العراق والبوسنة والهرسك، وفي رواندا حيث أزهقت أرواح مئات الآلاف من البشر، وقد كان منفذوها يبررون لأنفسهم هذه الأفعال المنطوية على استعلاء قومي وكراهية وحقد متأصلين للآخر المتمايز.
ارتبطت الحركات المناهضة للعنصرية بالسود في جنوب إفريقيا، وفي الولايات المتحدة وبرزت أسماء قادة من أمثال مارتن لوثر كينج ومالكولم إكس في الولايات المتحدة الأمريكية، ولمع نجم نلسون مانديلا لكونه ناضل ضد سياسة الفصل العنصري (الأبارتايد) وأمضى 27 سنة من عمره في زنازين نظام بريتوريا.
ما زالت أمم عديدة وجماعات وأقليات تواجه أخطارًا محدقة نتيجة سياسات تفرضها الحكومات أو الأكثريات ضدها وفق منظور عرقي أو ديني أو طائفي، وقد استنزفت كثير من الطاقات والجهود والموارد ضمن حروب عبثية استغلها السياسيون عبر إذكاء نار العنصرية بين الشعوب، كالحروب التي تشهدها قارة إفريقيا نتيجة نزاعات عنصرية وقبلية.
في البوسنة والهرسك قتل المتطرفون الصرب الآلاف من المسلمين والكروات، كما نفذ صدام حسين حرب إبادة جماعية ضد الكرد والشيعة في العراق عبر قصف «حلبجة» بالسلاح الكيميائي، وحملات الأنفال التي راح ضحيتها 182 ألف شخص، وفي سوريا أيضًا نفذت مشاريع عنصرية بحق الكرد السوريين كمشروع الحزام العربي، والإحصاء الاستثنائي، والتعريب الممنهج لأسماء المدن والقرى وغيرها من الممارسات الشوفينية، كما لم تتمتع القوميات الأخرى كالسريان والأشوريين والتركمان والشركس بحقوق لكون النظام تبنى خطابًا قوميًا عروبيًا متطرفًا، وهذا ما يجب القطع معه في المستقبل ضمن سوريا الجديدة.