
أمام محلات اللاب توب في سوق البحصة - دمشق 22 من آذار 2025 (عنب بلدي - مارينا مرهج)
أمام محلات اللاب توب في سوق البحصة - دمشق 22 من آذار 2025 (عنب بلدي - مارينا مرهج)
عنب بلدي – مارينا مرهج
شهدت أسعار الحواسيب المحمولة وملحقاتها في سوريا انخفاضًا خلال الأشهر التي تلت سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، بحسب ما ذكره تجار في كل من سوقي “ساروجا” و”البحصة” بدمشق، المتخصصين في بيع الكمبيوترات بأنواعها ومستلزمات التكنولوجيا وصيانتها.
وشمل الانخفاض كلًا من الكمبيوترات المستعملة المستوردة والجديدة، وقطع الصيانة و”الإكسسوارات” الخاصة بعالم التكنولوجيا.
خلال جولة لعنب بلدي في السوقين المذكورين، رصدت الأسعار وتحدثت مع تجار عن أهم التغيرات التي شهدها سوق التكنولوجيا في سوريا خلال الأشهر الماضية.
“اليوم هناك الكثير من الخيارات أمام الزبون ليستطيع اختيار لابتوب يناسب عمله”، قال محمد برازي الموظف في شركة “آركاد” للكمبيوترات المحمولة المستعملة في دمشق.
وأضاف محمد لعنب بلدي، أن التجار لم يعودوا بحاجة إلى اتباع أساليب غير شرعية لشحن الكمبيوترات المحمولة المستعملة من مركز الشركة الأساسي في دولة الإمارات المتحدة، “فمن الممكن اليوم شحنها بسهولة وبتكلفة منخفضة جدًا، دون أن يتعرض أحد لنا، أو نضطر لدفع الإتاوات، والخوف من الضابطة الجمركية والغرامات المرتفعة”.
هذه التسهيلات انعكست إيجابًا على أسعار الأجهزة، إذ انخفض سعر الكمبيوتر المستعمل المستورد من أوروبا ما يقارب 50 دولارًا أمريكيًا، ويكفي مبلغ بقيمة 100 دولار أمريكي لشراء جهاز مستعمل وخالٍ من العيوب بكفالة شركة البيع، من نوع “DELL” بمعالج “CORE I3” من الجيل السابع وذاكرة داخلية 8 غيغا بايت، وسعة هارد “SSD 256” غيغا بايت.
ويرى عماد عصفور، أحد المستوردين في سوق “البحصة” بدمشق، وصاحب شركة “سوميت”، أن عودة انفتاح سوق التكنولوجيا السورية على السوق الخارجية، وسرعة عمليات الاستيراد والبيع، وغياب العقبات، حرك دورة رأس المال بشكل أسرع عما كانت هناك في الماضي، مما أسهم في تخفيض نسبة الأرباح على الأجهزة من 15 إلى 5% تقريبًا، وبالتالي انخفاض أسعار الكمبيوترات المحمولة الجديدة ما يقارب 30% من سعرها سابقًا.
وبلغ سعر أرخص “لابتوب” جديد ما يقارب 285 دولارًا أمريكيًا من نوع “DELL” بمعالج “CORE I3” من الجيل الـ13 وذاكرة داخلية 8 غيغا بايت، وبسعة هارد “SSD 256” غيغا بايت.
وبرر عماد عصفور أسباب نسب الأرباح العالية سابقًا بالتكاليف الباهظة التي كان يضطر لدفعها التاجر لتغطية الإتاوات للمالية والرسوم الجمركية والضرائب وغيرها.
وبحسب نشرة مصرف سوريا المركزي، يبلغ سعر صرف الدولار 12000 ليرة سورية، بينما يبلغ في السوق السوداء نحو عشرة آلاف ليرة سورية.
نذير سردي، وهو أحد فنيي الصيانة في سوق البحصة، ذكر العقبات التي كانت تواجه سوق التكنولوجيا في سوريا خلال السنوات الماضية.
وعانى قطاع صيانة الأجهزة في سوريا من نقص في توفر القطع نتيجة منع استيرادها من قبل الحكومات السابقة، ما اضطر فنيي الصيانة في السوق للاعتماد على الأجهزة التالفة واستخدام القطع السليمة منها، لصيانة الأجهزة الأخرى.
وأدى الشح في توفر قطع الصيانة وخاصة القطع الكثيرة الأعطال في كثير من الأحيان لإعادة الجهاز إلى صاحبه مرفقًا باعتذار لعدم القدرة على صيانته، بحسب ما قاله نذير.
وفي مقارنة أجراها نذير خلال حديثه لعنب بلدي عن أهم التغييرات التي حصلت في مجاله، أكد أن سوق قطع الصيانة اليوم، أصبح خاليًا من أي نقص، وأضحت لغة الاعتذارات من الزبائن من الماضي، إلا ما يتعلق بالأجهزة الحديثة التي لم تنتج الشركة الأم قطع صيانة لها بعد.
التغير لم يطرأ على توفر قطع الصيانة فقط، بل امتد ليؤثر على أسعارها أيضًا، إذ انخفضت أسعار القطع بعد غياب الرسوم الجمركية التي كانت تساوي ثلاثة أضعاف القطعة سابقًا، الأمر الذي كان يرفع من تكلفة صيانة الجهاز ليصل أحيانًا إلى ما يوازي سعر كمبيوتر محمول مستعمل ونظيف بمواصفات أفضل.
تعد بطاريات الكمبيوترات المحمولة أكثر القطع المستبدلة من قبل المستخدمين، نتيجة عمر البطارية المحدد بعدد عملية الشحن والتفريغ، وعادة ما يضطر المستخدم لاستبدالها كل عام أو عامين كحد أقصى.
وغاب عن السوق السورية في السنوات السابقة توفر الأنواع الأصلية من البطاريات والاعتماد على القطع المقلدة أو ما يسمى “copy”.
وأوضح أحد العاملين في شركة “المصري”، وهي أبرز الموردين للبطاريات والشواحن ومستلزمات الكمبيوترات في سوق “البحصة”، أن سوق البطاريات ومستلزمات الكمبيوترات شهد تحسنًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، نتيجة غياب قيود الاستيراد التي كانت مفروضة عليهم سابقًا.
التحسن شمل توفر أنواع بطاريات بنسخ أصلية، وأخرى مقلدة بمواصفات عالية (copy)، وهذا لم يكن مسموحًا في السابق نتيجة القيود، إضافة إلى الرسوم الجمركية التي جعلت من سعرها مرتفعًا جدًا، ولا يتناسب مع قدرة المستهلكين في سوريا.
وبحسب العامل في شركة “المصري”، انخفضت أسعار البطاريات ومستلزمات الكمبيوترات إلى ما يقارب 50%، وباتت الأنواع الجديدة تناسب دخل المستهلكين، وهذا الانخفاض جاء نتيجة انخفاض الرسوم الجمركية المفروضة على القطع، وأيضًا انخفاض أجور الشحن، إضافة إلى غياب السرقات التي كانت تتعرض لها مستودعات الشركة، وارتفاع قيمة الليرة السورية.
تراجع سوق التكنولوجيا في سوريا خلال الـ14 عامًا الماضية، نتيجة القرارات والسياسات الاقتصادية التي كانت تنتهجها الحكومات في عهد النظام السابق، والتي وصفها صاحب شركة “سوميت” للتكنولوجيا، عماد عصفور، بسياسات “نهب التجار بشكل مبطن وقانوني”، إضافة إلى احتكار الكثير من المواد وفرض قيود على السوق، من قبل شركات وتجار مقربين وأصحاب مصالح مع النظام السابق.
وتمحورت المعوقات سابقًا بقوانين منع التعامل بغير الليرة السورية، ومنع استيراد كثير من الأجهزة، كأجهزة تسجيل الصوت المستخدمة من قبل طلاب الجامعيين والصحفيين، التي كانت بحاجة إلى موافقة أمنية من فرع الاتصالات.
قال عماد عصفور لعنب بلدي، “سابقًا كنا نحتاج لسجل تجاري، واعتماد بنكي، والأهم مراجعة مصرف سوريا المركزي، قبل إجراء أي خطوة، والذي بدوره يحدد لنا شجرة المواد المسموح للتجار باستيرادها، وكميتها”.
وأضاف أن الكثير من المواد لم تكن مطلوبة بشكل كبير في السوق، إذ يقوم التجار فيما بينهم بتجميع طلباتهم من المادة نفسها، ليتمكن أحدهم من استيرادها، و”أحيانًا نقوم باستيراد كميات فوق حاجة السوق، لتحقيق شروط المصرف المركزي ورئاسة مجلس الوزراء”.
وعانى التجار، بالإضافة إلى المعوقات الإدارية والمالية، من طول مدة وصول طلبات الشحن من البلد المستورد، نتيجة تحكم عناصر المنافذ الحدودية بدخول الشاحنات، وأيضًا احتكار الشحن من قبل شركات معينة، كانت تسعى دائمًا لمعرفة خلفية البضائع والشركات التي يتم الاستيراد منها، في محاولة للسيطرة على الاستيراد بشكل كامل، بحسب ما قاله تجار لعنب بلدي.
وانخفضت مدة شحن البضائع من دبي إلى سوريا لتصل إلى شهر ونصف بالحد الأقصى بعد أن بلغت بين 4 و6 أشهر، وترافق الانخفاض مع دقة المواعيد.
يذكر موقع وزارة الخارجية الأمريكية، أن سوريا صنفت لأول مرة “كدولة راعية للإرهاب”، في كانون الثاني عام 1979، ترافق ذلك مع عقوبات، وأضيفت إليها عقوبات وقيود إضافية، في أيار 2004، مع إصدار “الأمر التنفيذي 13338” تنفيذًا لقانون “محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية” لعام 2003.
ورغم أن العقوبات تعود لسنوات طويلة مضت، جاء أبرزها وأكثرها وطأة في سوريا بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، وكانت الخطوة الأولى صدور الأمر التنفيذي “رقم 13572“، في نيسان من العام نفسه، الذي قضى بتجميد ممتلكات المسؤولين السوريين وغيرهم من المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقمع، إلى جانب عقوبات طالت قطاعات مختلفة منها قطاع التكنولوجيا.
وتضمّن السجل الفيدرالي (المجلد 89، العدد 110)، بأحدث نسخة منه في 6 من حزيران 2024، النسخة النهائية للعقوبات حول سوريا.
وحظرت الولايات المتحدة السماح بتقديم أي دعم مالي أو تكنولوجي للنظام المخلوع في سوريا، ولا يزال ذلك ساريًا حتى اليوم، بموجب سلسلة العقوبات التي أقرتها على مدار السنوات الماضية، وهو ما ذكّر فيه السجل الفيدرالي الأمريكي بنسخته النهائية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى