تواجه الأسر ذات الدخل المحدود في رأس العين وتل أبيض صعوبات اقتصادية زادت خلال شهر رمضان الحالي ومع قدوم عيد الفطر، خاصة مع غياب الجمعيات الخيرية التي كانت تقدم الدعم والمساعدات في هذا الوقت من كل عام.
وفي ظل ارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية الصعبة، تجد هذه الأسر نفسها مضطرة لتحمل أعباء مالية إضافية لتأمين احتياجات أفرادها خلال رمضان والعيد.
بانتظار الدعم
رغم حاجة الأسر في رأس العين وتل أبيض للمساعدات، يبقى الدعم محدودًا ويقتصر على المبادرات الفردية، التي تظل عاجزة عن تغطية النقص مع استمرار ارتفاع الأسعار وزيادة عدد الأسر المحتاجة.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، اعتمدت الأربعينية سلمى العزواي من قرية بئر عاشق التابعة لتل أبيض على دعم إحدى الجمعيات الخيرية خلال شهر رمضان، حيث كانت تتلقى مساعدات غذائية.
وقالت لعنب بلدي، إن زوجها كان يعمل في الإنشاءات، لكنه تعرض لحادث سقوط تسبب في انحراف بفقرات ظهره، ما جعله غير قادر على مواصلة العمل.
ومنذ بداية رمضان هذا العام، لم تتلقَ أي دعم على الإطلاق، باستثناء جهود فردية محدودة لتوزيع سلال غذائية على العائلات الأشد حاجة، لكنها لم تكن كافية لتغطية احتياجاتها الأساسية، حسب قولها.
أما أحمد كمال (38 عامًا)، فلم يجد عملًا في رأس العين منذ أكثر من عام، بعد أن كان يعمل في مغسل للسيارات وتوقف عمله.
قبل شهر رمضان، سجل أحمد في عدة جمعيات خيرية على أمل أن يتلقى مساعدة مادية أو إغاثية لتوفير احتياجات أسرته المكونة من ستة أفراد، لكنه لم يتلقَ أي رد منها.
وقال لعنب بلدي، إنه سجل في أكثر من 10 جمعيات خيرية، ولكن لم يتلقَ أي مساعدة إغاثية أو مادية من أي جهة حكومية أو غير حكومية، سواء في رمضان أو قبله.
وتتشابه الحال بين مئات العائلات في مدينتي رأس العين وتل أبيض، الممتدتين على طول 120 كيلومترًا على الحدود التركية، والبالغ عدد سكانهما أكثر من 253 ألف نسمة، وفق إحصائيات حصلت عليها عنب بلدي.
دعم محدود في تل أبيض
تعتبر المساعدات المقدمة في تل أبيض ورأس العين لهذا العام خلال شهر رمضان قاصرة، والدعم المتاح لا يلبي الاحتياجات الملحة للسكان، ما يحد من قدرة هذه المساعدات على إحداث تأثير فعلي في تحسين الأوضاع في المدينتين.
المدير التنفيذي لمنظمة “الرشيد الإنسانية” في تل أبيض، يونس شيخ سليمان، قال لعنب بلدي، إن الدعم لهذا العام كان محدودًا للغاية، خاصة بعد أن وجهت غالبية الجهات المانحة دعمها إلى المحافظات السورية الأخرى.
وأوضح أنه مقارنة بالعام الماضي التي وزعت المنظمة في شهر رمضان منه حوالي 10 آلاف وجبة غذائية، تحاول هذا العام الحفاظ على توزيع ما يقارب 5 آلاف وجبة فقط.
أما بالنسبة للسلال الغذائية، فقد وزعت العام الماضي 700 سلة غذائية، بينما لن تتجاوز الكمية هذا العام 300 سلة في أقصى تقدير.
وأضاف شيخ سليمان أن المنظمة تعمل بكل طاقتها لتوفير ما تستطيع من مساعدات لسكان تل أبيض الذين يعانون من الحصار ونقص فرص العمل.
وأشار إلى أن الوضع في المنطقة أصبح أكثر صعوبة، خصوصًا مع قلة المنظمات التي تدعم المنطقة، ما ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل أكبر.
انخفاض الدعم 60% في رأس العين
من جانبها، مديرة الخدمات الاجتماعية في المجلس المحلي برأس العين، انتصار دودة، قالت لعنب بلدي، إن الدعم لهذا العام انخفض بنسبة 60% مقارنة بعام 2024.
وأوضحت أن المديرية، بالتعاون مع عدد من الجمعيات والمنظمات، تعمل على توزيع نحو 13 ألف وجبة إفطار يوميًا في رأس العين، وهو عدد أقل بكثير مقارنة بعام 2024، والذي تجاوز 20 ألف وجبة يوميًا.
وأضافت أن المديرية قدمت قوائم بأسماء المحتاجين إلى الجمعيات والمنظمات، لكن لم يتم تنفيذ الكثير منها نتيجة لقلة الدعم الموجه للجمعيات، ما جعل الجهود هذا العام متواضعة مقارنة بالسنوات السابقة.
وأشارت إلى أن السبب الرئيس في هذا التراجع هو أن غالبية الجهات الداعمة توجهت إلى المحافظات السورية الأخرى، وخاصة إلى حلب ودمشق، نظرًا لكثافة السكان في تلك المناطق والحاجة الشديدة هناك.
ويعتمد سكان المدينتين بشكل رئيس على قطاع الزراعة كمصدر رئيس للعيش، وتعد الليرة السورية العملة الأساسية المتداولة في المدينتين، لكن الواقع الاقتصادي المضطرب قد أرهق الأهالي، ما جعل تأمين احتياجاتهم اليومية أمرًا بالغ الصعوبة.
أما الليرة التركية، ورغم أنها ليست متداولة بشكل واسع، فهي العملة الثانية بسبب قرب المدينتين من الحدود التركية، بينما يحتل الدولار الأمريكي المرتبة الثالثة.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتخضعان لسيطرة حكومة دمشق المؤقتة، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذهما الوحيد نحو الخارج.