قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن الإعلان الدستوري السوري الذي تمت الموافقة عليه مؤخرًا، والذي يُفترَض أن يحكم البلاد في المرحلة الانتقالية، يعرّض الحقوق الأساسية للمواطنين السوريين للخطر.
وأكدت المنظمة في تقرير لها، الثلاثاء 25 من آذار، أن الإعلان الدستوري، الذي وقّعه الرئيس، أحمد الشرع، في 13 من آذار الحالي، يمنح الرئيس صلاحيات كبيرة تشمل التعيينات القضائية والتشريعية دون أي ضوابط أو رقابة.
وأضافت أن صلاحيات الرئيس الواسعة تثير مخاوف كبيرة بشأن استمرارية حكم القانون وحمايات حقوق الإنسان ما لم تُتخذ تدابير وقائية واضحة، مشيرة إلى أن الإعلان الدستوري، يبرر هذه الصلاحيات الاستثنائية بأنها ضرورية في المرحلة الانتقالية في سوريا.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، إنه “في غياب حمايات أقوى ورقابة مستقلة، يوجد خطر من أن يؤدي هذا الإعلان إلى تعزيز سيطرة السلطة التنفيذية على حساب الحريات الأساسية، في وقت حساس لمستقبل سوريا، نظرًا إلى انفلات حكومة الأسد السابقة من أي ضوابط، فإنشاء نظام يحاسب الجميع على انتهاكاتهم وجرائمهم في غاية الأهمية لسوريا”.
وشددت المنظمة الحقوقية على أن المرحلة الانتقالية قد تبرر تدابير استثنائية مؤقتة، إلا أنها يجب ألا تكون على حساب الحقوق الأساسية، لافتة إلى أن الإعلان الدستوري السوري في شكله الحالي يحمل في طياته خطر ترسيخ نظام دكتاتوري بدل تسهيل الانتقال الفعلي إلى نظام ديمقراطي يحترم الحقوق.
وأضافت أن أحد المخاوف الأساسية يتركز على المادة “47”، التي تمنح الرئيس سلطة تسمية جميع أعضاء “المحكمة الدستورية العليا” السبعة، دون أي إشراف من قبل البرلمان أو غيره.
“هيومن رايتس ووتش” أكدت أن المادة “47” تعزز أيضًا نفوذ الرئيس في التفسيرات الدستورية وتستبعد مساهمة البرلمان، ما يعرّض القضاء للتدخلات الخارجية.
وأكدت المنظمة الحقوقية أنه في غياب آليات تضمن استقلال القضاء، أو دون إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على التعيينات والترقيات والتأديب والعزل في السلك القضائي، ستكون قدرات القضاء محدودة في محاسبة الرئيس.
وقالت “هيومن رايتس ووتش”، إن غياب الحمايات للقضاء والضوابط على السلطة التنفيذية، قد يؤدي إلى تقليص احتمال المحاسبة الفعلية وحماية حقوق الإنسان.
وفي تعليقها على المادة “49” التي تجرّم “تمجيد نظام الأسد ورموزه” و”إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها”، قالت المنظمة، إن هذه المادة يمكن استغلالها لتقييد حرية التعبير نظرًا لصياغتها الفضفاضة والمبهمة.
وختمت المنظمة الحقوقية بيانها، بمطالبة السلطات السورية بمراجعة الإعلان الدستوري ليشمل حمايات قوية لاستقلالية القضاء والإشراف التشريعي، بغية ضمان احترام حقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة في المرحلة الانتقالية في سوريا، ما يمهّد لمستقبل يحمل المزيد من المحاسبة.
كان الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقّع على مسودة الإعلان الدستوري بعد تسلّمه من لجنة الخبراء المكلفة بصياغته، الخميس 13 من آذار.
وقال الشرع، عقب توقيعه على المسودة، “نتمنى أن يكون هذا تاريخًا جديدًا لسوريا نستبدل به الجهل بالعلم والعذاب بالرحمة”.
أبرز بنود الإعلان الدستوري
مسودة الإعلان الدستوري تضمنت الكثير من البنود، وأبرزها أن يتولى مجلس الشعب العملية التشريعية كاملة والسلطة التنفيذية يتولاها رئيس الجمهورية.
وحددت المسودة مدة المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، ومنحت رئيس الجمهورية حق إعلان حالة الطوارئ.
وينص الإعلان على أهمية القضاة وأحكامهم واستقلاليتهم وترك أمر عزل الرئيس أو فصله أو تقليص سلطاته لمجلس الشعب.
كما ينص على ضمان حق الملكية وحق المرأة في العلم والمشاركة في العمل وكفل لها الحقوق السياسية وعلى حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة.
وأكد الإعلان التزام الدولة بوحدة الأرض والشعب واحترام الخصوصيات الثقافية، والحرص على باب خاص بالحقوق والحريات لخلق توازن بين الأمن المجتمعي والحرية.
المتحدث باسم لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري، عبد الحميد العواك، أكد أنه لن تكون هناك أي سلطة لمجلس الشعب على رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية.
كما أن النظام السياسي الرئاسي ضمن مسودة الإعلان الدستوري لا يسمح أن تقوم سلطة بعزل سلطة أخرى.
وألغت اللجنة الدستورية منصب رئيس الوزراء، واعتمدت النظام الرئاسي في الإعلان الدستوري.
وأوضح أن هناك ضمانات بالإعلان الدستوري أهمها ما يتعلق بمحاربة تغول السلطات.
ويحق للرئيس السوري تعيين الثلث من أعضاء مجلس الشعب، إلا أنه في الوقت ذاته، لم يتم تحديد عدد أعضاء المجلس حتى الآن، وفق اللجنة.
ووفق حديث اللجنة، دأبت منذ اللحظة الأولى لتشكيلها على إنجاز العمل المطلوب واعتمدت على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في الإعلان الدستوري.
كان الشرع أصدر قرارًا بتشكيل لجنة مختصة لصياغة مسودة الإعلان الدستوري في سوريا، في 2 من آذار الحالي.
ضمت اللجنة كلًا من عبد الحميد العواك، ياسر الحويش، إسماعيل الخلفان، ريعان كحيلان، محمد رضى جلخي، أحمد قربي، وبهية مارديني.