عصبية وانفعال وسلوك عدواني.. لماذا تتقلب أمزجة الصائمين في رمضان

عصبية وانفعال وسلوك عدواني.. لماذا تتقلب أمزجة الصائمين في رمضان
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

رغم أن الصيام عبادة لحفظ الجوارح وتربية النفس وتعويدها على الصبر، فإن بعض الصائمين يعانون من عدم القدرة على التحكم بعواطفهم خلال نهار رمضان، ما يدفعهم إلى التصرف بانفعالية وغضب أكثر مما هم عليه في الأيام العادية، وقد أظهرت الإحصائيات زيادة نسبة حوادث السير قبل الإفطار مباشرة بسبب الانفعال في أثناء قيادة السيارات.

ما أسباب تقلبات المزاج خلال الصيام؟

تحدث تقلبات المزاج والعصبية عند الصائمين بشكل رئيس نتيجة تغير نمط الحياة في شهر رمضان، سواء من حيث تغير النظام الغذائي أو تغير ساعات النوم، وليس بسبب الصيام بحد ذاته، فقد تبين أن مكونات وجبة الإفطار والسحور تلعب دورًا في تقلب مزاج الصائم، أي أن هناك رابطًا واضحًا بين نوع الطعام الذي يتناوله الشخص وحالته المزاجية، كما أن سوء جودة النوم نتيجة السهر والنوم المتقطع يؤثر على الحالة المزاجية أيضًا، وهناك أسباب أخرى تؤدي إلى التقلبات المزاجية عند الصائم، وأهمها:

  • التغيرات الهرمونية:

يحوّل الجسم الطعام المُتناول إلى أحماض أمينية ودهون وسكريات بسيطة، وبعد عدة ساعات من الصيام تنفد تلك المعونات فيبدأ الجسم بإطلاق عدد من المواد الكيماوية لحماية نفسه من الآثار السلبية المرتبطة بنقص السكر في الدم، وعلى رأس هذه المواد هرمون الكورتيزول الذي قد يزيد من حدة الغضب والعصبية والتوتر في أثناء الصيام، وكذلك يزداد إفراز الكيتونات، وهذا يُسبب بعض التغيرات المزاجية، وخاصة في بداية أيام رمضان.

  • نقص الماء في الجسم:

يعد الماء عنصرًا مهمًا لوظائف الجسم الحيوية، ومنها وظائف الدماغ، التي تتأثر بشكل كبير عند نقص الماء الشديد كما يحدث لدى البعض خلال أيام الصيام، حيث يقل إنتاج الطاقة فتضعف قدرة المخ على القيام بوظائفه على نحو صحيح، فينعكس ذلك على تصرفات الشخص وسلوكياته.

وقد يحدث النقص الشديد في الماء والجفاف خلال فترة الصيام نتيجة عدم شرب كمية كافية من الماء خلال فترة الإفطار، أو العمل خلال الصيام في طقس حار وبذل مجهود بدني، ما يؤدي إلى زيادة التهيج، والعصبية، والانفعال، وربما ضعف التركيز أيضًا، وتظهر العلامات التي تشير إلى المعاناة من الجفاف في صورة العطش، وجفاف الفم، وقلة التبول، وكذلك الصداع، وزيادة ضربات القلب، والتعب العام.

  • اعتماد نظام غذائي غير صحي:

هناك مجموعة من الأطعمة لديها القدرة على الحفاظ على هدوء الشخص، وعلى الصعيد الآخر هناك أطعمة أخرى يمكن أن تجعل الشخص مفرط النشاط.

فالأطعمة ذات نسب السكر العالية تزيد من النشاط والعصبية والانفعال، كالمشروبات السكرية، والكربوهيدرات المكررة مثل الأرز الأبيض أو الأطعمة المصنعة مثل الكعك والبيتزا، وإذا شملت وجبة السحور أيًا من تلك الأطعمة، ستجلب للشخص أسوأ أنواع التقلبات المزاجية خلال ساعات الصيام، إذ إن هذه الأطعمة تسرب السكر بمعدل سريع داخل الجهاز الهضمي فيؤدي ذلك إلى اندفاع السكر فوريًا بالجسم، وتعد السرعة التي نشهد بها الارتفاع في مستوى السكر بالدم هي نفس السرعة التي يبدأ الشخص بها الشعور بالرغبة في تناول مزيد من السكريات، وتسبب تلك الدورة الشعور بفرط النشاط والحماسة، وبعد ذلك الإحباط والغضب.

وتشمل الأطعمة التي تساعد على هدوء الشخص الكربوهيدرات المعقدة، والحبوب، والشوفان، والأرز البني، والأطعمة الغنية بالألياف مثل الفواكه، والخضراوات الورقية التي تحبس المياه بالجسم وتحافظ على رطوبة الشخص طوال اليوم، فبتناول تلك الأطعمة يتسرب السكر والعناصر الغذائية الأخرى الموجودة بها داخل الدم ببطء ما يحافظ على استقرار الهرمونات والسكر في الدم.

  • قلة عدد ساعات النوم ونقص جودته:

تزداد اضطرابات النوم في رمضان بسبب زيادة ساعات السهر، والاستيقاظ ليلًا لتجهيز وتناول وجبة السحور، ومحاولة تعويض ذلك بالنوم فترات متقطعة خلال النهار، كل ذلك يسبب خللًا في الساعة البيولوجية للجسم ويزيد من حدة العصبية والغضب.

  • الإكثار من تناول المشروبات الغنية بالكافيين:

يعتاد بعض الأشخاص تناول المأكولات أو المشروبات الغنية بالكافيين مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية، ومع مرور ساعات الصيام ينخفض مستوى الكافيين في الدم فتظهر أعراض السحب على الصائم كالتهيج والارتباك والغضب والصداع.

  • تغير روتين الحياة اليومي:

إن التغيرات في نمط الحياة بتغيير مواعيد الطعام والشراب وتغيير نوعية الأطعمة والمشروبات، وصعوبة التقسيم بين ساعات العمل والنوم، كل ذلك يزيد من حدة التوتر والضغط العصبي.

  • ضغوط الحياة اليومية:

تزداد متطلبات المنزل والأسرة خلال شهر الصيام فضلًا عن متطلبات العمل والمشكلات الحياتية اليومية، وهذا يزيد من التوتر والقلق والغضب.

  • التدخين:

يمكن أن يؤثر النيكوتين على المزاج ويجعل تقلباته أسوأ، إذ إن التعود عليه مع عدم القدرة على التدخين في أثناء الصيام يؤدي إلى الشعور بالسوء والتوتر والغضب.

كيف تظهر تقلبات المزاج في نهار رمضان

تظهر العصبية في نهار رمضان بسهولة الانفعال على مواقف لا تستدعي ذلك، وربما يصل الأمر إلى الغضب الشديد والسلوك العدواني تجاه الآخرين، بالإضافة إلى ذلك يعاني الشخص من أعراض جسدية نتيجة ارتفاع مستوى هرمونات التوتر في الجسم، مثل سرعة ضربات القلب، وزيادة معدل التنفس، وكذلك التعرق.

كيف يمكن تجنب تقلبات المزاج في نهار رمضان

في ما يلي بعض النصائح الصحية لتعين الصائم على تجنب تقلب المزاج في نهار رمضان:

  • النظام الغذائي الصحي: إن تناول نظام غذائى متوازن يمكن أن يساعد في استقرار الحالة المزاجية، ويشمل ذلك تناول وجبة سحور صحية مع إضافة بعض الأطعمة التي تمنح الإحساس بالهدوء مثل الفراولة والشوكولا الداكنة وبعض المشروبات كمنقوع البابونج واليانسون.

كذلك الاعتماد على الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة والحبوب الكاملة كالشوفان والأرز البني والأطعمة الغنية بالألياف مثل الفواكه والخضراوات الورقية، والتقليل قدر الإمكان من الأطعمة التي تحتوي على السكريات المكررة مثل المشروبات السكرية والخبز الأبيض والبيتزا والكعك.

وشرب كميات كافية من الماء ما بين السحور والفطور، لأن الجفاف يسبب تقلب المزاج والشعور بالإحباط، ويسبب الصداع الذي ينعكس أثره على المزاج بشكل سلبي أيضًا.

  • تنظيم ساعات النوم: يؤدي الحصول على قسط كافٍ من النوم وفى الوقت المناسب إلى تعديل الحالة المزاجية، ويعني ذلك الذهاب إلى النوم في وقت مبكر والحصول على سبع ساعات على الأقل كل ليلة.
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: عند ممارسة النشاط البدنى فإنه يطلق مواد كيماوية فى دماغنا تعرف باسم الإندورفين، التى تعمل كمحسن طبيعى للمزاج، لذا يمكن أن تساعد التمارين الرياضية في تقليل التوتر والقلق والتخلص من الطاقة السلبية، ما يؤدي إلى مزاج أكثر استقرارًا.
  • البدء بتخفيف التدخين والحد من تناول الكافيين قبل بدء رمضان: لتجنب ظهور أعراض سحب النيكوتين والكافيين عند انخفاض مستوياتهما في الدم في نهار رمضان.

أخيرًا، على الصائم أن يفكر بإيجابية عند التعرض لموقف يثير الانزعاج، ويستحضر جوهر الصوم وأهمية ضبط النفس وتعويدها على السكينة والهدوء، وهذا ما وجه إليه النبي (ـص) بقوله: “إذا أصبح أحدكم يومًا صائمًا فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة