مخاوف أمنية وآثار اقتصادية

العمليات العسكرية الإسرائيلية تشلّ حياة سكان حوض اليرموك

محاولة إنعاش في مستشفى بمدينة درعا لمصاب بالغارات الجوية الإسرائيلية - 17 آذار 2025 (الدفاع المدني السوري)

camera iconمحاولة إنعاش في مستشفى بمدينة درعا لمصاب بالغارات الجوية الإسرائيلية - 17 آذار 2025 (الدفاع المدني السوري)

tag icon ع ع ع

درعا – محجوب الحشيش

لا تزال إسرائيل تفرض واقعًا أمنيًا على قرى الريف الغربي لمحافظة درعا جنوبي سوريا، إذ كثفت خلال الفترة الماضية حملات المداهمة في قرى معرية وجملة وعابدين، وحاصرت فيها بعض المنازل بحجة البحث عن سلاح.

ونتيجة الاستفزازات المستمرة، أطلق مجهولون، في 11 من آذار الحالي، الرصاص باتجاه النقطة الإسرائيلية في الجزيرة، وهي نقطة متقدمة احتلتها إسرائيل بعد سقوط بشار الأسد، ما أدى إلى قصف بلدة كويا بقذيفة هاون وتمشيط بالرصاص استهدف الأراضي الزراعية في محيط البلدة.

كما منع شبان من بلدة كويا، مطلع آذار الحالي، دورية إسرائيلية من الدخول إلى البلدة، بعد إنشاء حاجز للسكان في مواجهة القوى التي أرادت الدخول.

وقصفت إسرائيل خلال الفترة التي تلت سقوط الأسد معظم المناطق العسكرية في محافظة درعا، وشملت مخازن الأسلحة، ومحطات الدفاع الجوي والبنية التحتية لهذه المواقع العسكرية.

أحدث الاستهدافات كان في 17 من آذار الحالي، إذ استجاب “الدفاع المدني السوري” لقصف إسرائيلي طال حي مساكن الضاحية في مدينة درعا الذي يقطنه مدنيون، والملاصق لـ”اللواء 132″ بعد غارتين جويتين إسرائيليتين استهدفتا ثكنة عسكرية، ما خلّف إصابات بين المدنيين.

وأدت الغارتان إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 19 آخرين بينهم أربعة أطفال وامرأة، إلى جانب ثلاثة متطوعين من “الدفاع المدني السوري”.

لا قوة رادعة

يتخوف سكان في القرى الحدودية مع الجولان السوري المحتل من تقدم للقوات الإسرائيلية، واحتلال بعض القرى، خاصة بعد غياب أي قوة رادعة تمنعها من التقدم.

حسن الغازي، أحد وجهاء بلدة كويا المحاذية للجولان السوري قال، إن السكان يتخوفون من تثبيت إسرائيل نقاطًا جديدة، كما فعلت سابقًا عندما سيطرت على نقطة الجزيرة غربي بلدة معرية.

ويرى الغازي أن على الحكومة السورية نشر قوات عسكرية، لطمأنة السكان بوجود قوة رادعة تمنع إسرائيل من التقدم.

أما موفق الحفري، أحد سكان المنطقة، فقال لعنب بلدي، إن السكان يتخوفون من تمدد مفاجئ لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فرض سياسة التهجير، خاصة في ظل الضائقة الاقتصادية التي يعيشها السكان.

وأضاف أن الاحتلال انتزع من السكان لذة النصر بعد سقوط النظام، قائلًا، “ما صدقنا متى نخلص من رهاب القصف والاعتقال” الذي كان يمارسه نظام الأسد حتى أعادت إسرائيل ذات السيناريو بصورة مماثلة للنظام المخلوع.

الباحث العسكري بمركز “جسور” للدراسات رشيد حوراني، أرجع عدم نشر الحكومة السورية قواتها على الحدود مع الجولان السوري المحتل لسببين، الأول خروج سوريا للتو من الحرب، كدولة منهكة تجد في التركيز على الجانب الاقتصادي أولوية للنهوض في الواقع المعيشي للسكان.

السبب الثاني يتلخص في رغبة سورية بالعودة إلى اتفاقية فض الاشتباك عام 1974، وفق الباحث.

وأضاف حوراني لعنب بلدي أن إسرائيل تسعى لأن تكون الدولة الأقوى عسكريًا في الشرق الأوسط، وأن تكون باقي الدول مفككة وضعيفة.

حصار اقتصادي

بعد سيطرة إسرائيل على الجزيرة، منعت الفلاحين من الوصول إلى أراضيهم ما أدى إلى حرمانهم من الزراعة، وأدى ذلك إلى تعمق حالة البطالة لدى السكان، إذ يعتمد معظم سكانها على الزراعة.

وذكر أيهم الحفري، وهو من سكان بلدة معرية، أن إسرائيل اشترطت على المزارعين مراجعة النقطة العسكرية الإسرائيلية في الذهاب والإياب كل يوم، الأمر الذي رفضه المزارعون، الذين تخلوا عن الزراعة “الباكورية” (التي طالتها أضرار الصقيع أيضًا).

ولم تقتصر الأضرار على المزارعين، إنما شملت مربي النحل والمواشي.

وتحاصر إسرائيل أكثر من 2500 خلية نحل، منعت مالكيها من الوصول إليها منذ ما يقارب أربعة أشهر، رغم مناشدة المربين قوات “يونيفيل” التي طلبت كتابًا رسميًا من الحكومة السورية لسحب الخلايا.

وبعد حصول المربين على الكتاب الرسمي، منعت إسرائيل قوات “يونيفيل” من الوصول للموقع والتوسط لترحيل الخلايا.

سيطرة وتدمير القدرات

منذ اليوم الثاني لسقوط الأسد، تقدمت قوة إسرائيلية وسيطرت على تلة يطلق عليها اسم الجزيرة، تبعد عن بلدة معرية ما يقارب 800 متر، وأنشأت فيها قاعدة عسكرية أصبحت نقطة انطلاق لتنفيذ عمليات المداهمة والمراقبة للمنطقة.

وتعتبر الجزيرة موقعًا استراتيجيًا، إذ تفصل بين وادي الرقاد ووادي اليرموك، وتطل على حدود الجولان المحتل، والحدود السورية، والحدود الأردنية.

الباحث رشيد حوراني قال إن لمنطقة ريف درعا الغربي أهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل، فهي تشكل شريطًا حدوديًا مع الجولان المحتل، وتسعى إسرائيل لإنشاء نطاق جغرافي أمني خالٍ من السلاح، وهي أشبه بمسافة أمان تحول دون حدوث هجمات ضدها، وهي تدابير احترازية أصبحت تتخذها بعد أحداث عملية طوفان الأقصى، في 7 من تشرين الأول 2023.

وذكر حوراني أن وجود العديد من الوحدات العسكرية التي كانت تعود لجيش النظام السابق، يحرك مخاوف إسرائيلية من أن تعيد الإدارة الجديدة بناء قدرات تلك الوحدات وتأثيراتها المستقبلية عليها، لذلك تتقدم إسرائيل باتجاهها لتفتيشها والسيطرة على ما يوجد فيها من سلاح، بالإضافة إلى وجود مصادر مائية استراتيجية فيه أبرزها سد “الوحدة”.

ومنذ اللحظة الأولى لسقوط نظام الأسد، عملت إسرائيل على تدمير البنية التحتية للقواعد العسكرية التي كانت تخضع لسيطرة نظام الأسد، إذ قصفت عشية سقوطه مستودعات “اللواء 32″ في مدخل مدينة درعا، و”اللواء 112” في مدينة إزرع التابع لـ”الفرقة الخامسة”، ومستودعات الكم قرب بلدة محجة، ومحطات الرادار شرقي بلدة النعيمة، ومحطة قرب بلدة ناحتة.

الباحث حوراني يرى أن إسرائيل تسعى لأن يكون الجنوب السوري منزوع السلاح، وقد صرح بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في خطابه أمام الكنيست، وقال إنه يعتبر سوريا إحدى الجبهات السبع التي تقاتلها إسرائيل منذ 7 من تشرين الأول 2023.

وبحسب حوراني، يتخوف نتنياهو من النظام الجديد في سوريا لخلفية قائده الجهادية، لذلك هو يسعى لتأمين الجولان بطوق منزوع السلاح.

وخلال مشاركته في القمة العربية الطارئة التي استضافتها القاهرة، في 5 من آذار الحالي، دعا الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، الدول العربية إلى تحمل مسؤوليتها في دعم سوريا لمحاربة سياسات إسرائيل والضغط عليها للانسحاب من الجنوب السوري (في إشارة إلى عمليات التوغل البري التي نفذتها إسرائيل جنوبي سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ولا تزال مستمرة)، مشيرًا إلى تمسك سوريا والتزامها باتفاق “1974”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة