بسبب قلة الفرص

الشباب ضحية استغلال القطاع الخاص في حلب

قلة فرص العمل تدفع العمال إلى القبول بأجور منخفضة في مدينة حلب - آذار 2025 (عنب بلدي)

camera iconقلة فرص العمل تدفع العمال إلى القبول بأجور منخفضة في مدينة حلب - آذار 2025 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

حلب – محمد العمر

يكافح جيل الشباب في مدينة حلب لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة، في وقت تتدنّى فيه أجورهم بالقطاع الخاص، ولا تكاد تكفي مصاريفهم الشخصية.

ويقبل الشبان والشابات على العمل برواتب ضعيفة نظرًا إلى قلة الفرص المتاحة والحاجة الملحّة لأي دخل شهري يسهم في تغطية التكاليف المعيشية، التي تزداد صعوبة يومًا بعد آخر.

يعمل الشاب محمود سنكري (35 عامًا)، وهو أب لثلاثة أطفال، محاسبًا في “سوبر ماركت” بحي حلب الجديدة، ويتقاضى مبلغ 400 ألف ليرة سورية أسبوعيًا، لقاء 9 ساعات عمل يوميًا، مع عدم وجود يوم عطلة.

قال محمود لعنب بلدي، إن راتب العامل العادي في “السوبر ماركت” لا يتعدى 200 ألف ليرة أسبوعيًا، وغالبًا ما يلجأ أصحاب المحال إلى تشغيل مراهقين دون الـ18 من العمر، لا سيما المتسربين من المدارس، بهدف القبول براتب لا يتجاوز 800 ألف ليرة شهريًا.

أما راتب البائع المسؤول عن قسم معيّن من “السوبر ماركت”، فيتراوح بين 300 ألف و400 ألف ليرة أسبوعيًا، بحسب محمود، الذي قال إن هذه الرواتب لا تمنح للمبتدئين فور مباشرتهم العمل، بل يحتاج العامل إلى إمضاء عدة أشهر من العمل حتى يبدأ راتبه بالزيادة.

أكد الشاب أن راتبه لا يكفيه أكثر من 10 أيام بأحسن الأحوال، وأنه يبحث باستمرار عن عمل إضافي لتغطية مصاريفه، لكن مواعيد دوامه الحالية من التاسعة صباحًا حتى السادسة مساء تمنعه من العثور على عمل آخر.

لا يجد الشاب أي مكان يتيح له دوامًا مسائيًا اعتبارًا من السادسة، لا سيما في ظل الظروف الحالية، إذ تغلق معظم المحال والفعاليات الاقتصادية قبل منتصف الليل على أبعد تقدير.

البطالة توقع الشباب في فخ الاستغلال

أمضى محمد عبد الكريم (22 عامًا) شهورًا طويلة في رحلة البحث عن عمل يساعده على تغطية مصاريفه الشخصية، وتكاليف دراسته في كلية الحقوق.

قلة الفرص دفعته للقبول بأي عمل مهما كان مردوده ضعيفًا، إذ قال لعنب بلدي، إنه الولد الثاني في العائلة من أربعة إخوة وأختين، ولم يعد والده قادرًا على تغطية مصاريف الأبناء الستة، وعليه أن يتدبّر أمره ويوافق على أي عمل متاح.

وأوضح عبد الكريم أنه عثر على فرصة عمل في معمل للألبسة بمنطقة الليرمون، بدوام لمدة 8 ساعات يوميًا وبراتب مليون ليرة شهريًا مع وجود يوم عطلة واحد أسبوعيًا.

تم إبلاغ الشاب في البداية أن المواصلات مؤمّنة، لكن تبيّن أن عليه الوصول بداية من منزله إلى ساحة الجامعة حيث تقوم سيارة بجمع العاملين ونقلهم إلى المعمل.

لم يستطع عبد الكريم التحمل أكثر من أسبوع واحد حتى تخلى عن العمل، نظرًا إلى خطورة المنطقة حينها، ووجود حالات قنص وأصوات اشتباكات في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) القريبة من المعمل.

وبعد جهود واسعة من البحث، تمكن عبد الكريم من التوصل لفرصة عمل مع شركة تسويق إلكتروني، إذ لا يوجد دخل ثابت شهريًا، إلا أن الشركة تدفع له 65 سنتًا أمريكيًا مقابل ساعة العمل الواحدة، فيحتاج إلى نحو 6 ساعات يوميًا ليتلقى 100 دولار تقريبًا مع نهاية كل شهر (مليون ليرة سورية تقريبًا).

العمل الخاص لا يكفي

شذى صالح (21 عامًا)، وهي طالبة بقسم اللغة الإنجليزية، خاضت تجربة العمل في المعاهد التعليمية كمحاسبة ومشرفة، وفي المدارس الخاصة كمدرّسة لطلاب الصفوف الابتدائية، إلا أنها تعرّضت للاستغلال، إذ لم يتجاوز راتبها 700 ألف ليرة، بذريعة أنها غير متخرّجة بعد، رغم أن دوامها 7 ساعات يوميًا، وعليها دفع تكاليف المواصلات نحو 200 ألف ليرة.

حين قرّرت ترك العمل والاعتماد على الدورات الخاصة، لم تجد أكثر من 4 طلاب تقدّم لهم الدروس في منازلهم، ولا تجمع أكثر من 300 ألف ليرة من هذه الدروس مع نهاية كل شهر.

وتعاني فئة الشباب في حلب من استغلال في سوق العمل لدى القطاع الخاص، بينما لا توفّر الغالبية العظمى من أصحاب العمل أي نوع من الميزات للعاملين مثل التأمين الصحي أو نظام إجازات وحوافز واضح.

ويغيب عن علاقة العمل أي نوع من العقود الرسمية المسجّلة، ما يجعل العامل عرضة للطرد التعسفي في أي لحظة والتهديد بجيش البطالة الذي يوفّر بديلًا عنه دائمًا إن لم يستمر في عمله ويوافق على الأجور المتدنية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة