مؤتمر سوريا.. هل تتلقى “حكومة الشرع” شرعية سياسية أكبر؟

مؤتمر سوريا التاسع في بروكسل سيركز على العملية الانتقالية في البلاد، كما سيناقش تعهدات ملموسة بتقديم المساعدات، فهل تستفيد حكومة الشرع من شرعية دولية أكبر؟ وهل سيتم رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ نظام الأسد؟

الرئيس السوري أحمد الشرع بين وزيري الخارجية والداخلية- 23 من كانون الأول 2024 (رويترز)

camera iconالرئيس السوري أحمد الشرع بين وزيري الخارجية والداخلية- 23 من كانون الأول 2024 (رويترز)

tag icon ع ع ع

تنشر هذه المادة في إطار شراكة بين عنب بلدي وDW


“عملية الانتقال في سوريا وما تحتاجه البلاد لتحقيقها” هذا هو الهدف الذي سيلتقي من أجله مسؤولون من الاتحاد الأوروبي والعالم هذا الاثنين، في العاصمة البلجيكية بروكسل.

ففي أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد، شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، طالب الاتحاد الأوروبي بـ”انتقال ديمقراطي شامل”، يضمن بشكل خاص حقوق الأقليات والنساء.

يُوصف مؤتمر سوريا لهذا العام، في نسخته التاسعة، الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي، بأنه “لحظة مسؤولية كبيرة”، وفقاً لرئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي أكدت على ضرورة بذل كل الجهود في دعم انتقال شامل في البلاد، بينما يؤكد مصدر في الاتحاد الأوروبي لـDW، أن الهدف من تنظيم المؤتمر لهذا العام هو إرسال رسالة إلى سوريا للالتزام بـ “انتقال سلمي وشامل”، وبعد ذلك، سيتم مناقشة تعهدات التبرعات.

لكن سوريا تواجه مصاعب وتحديات كبيرة، كما أوضحت موجة العنف الأخيرة المأساوية في المناطق الساحلية، إذ شهدت اللاذقية وطرطوس الأسبوع الماضي أعنف موجة قتال بين القوات الحكومية وبين قوات أنصار الرئيس المخلوع بشار الأسد، ما أدى إلى مقتل 1380 مدنيا على الأقل.

وقد أدان الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء موجة العنف بشدة، لكنهم رحبوا بقرار الحكومة الانتقالية بإنشاء لجنة تحقيق لمحاسبة المسؤولين.

سيحضر ممثلو السلطات السورية الانتقالية المؤتمر للمرة الأولى، ومن المقرر أن يشارك وزير الخارجية السوري في الحكومة الانتقالية، أسعد الشيباني، في المؤتمر، كما أكد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي لـ DW.

يرأس أحمد الشرع الحكومة السورية الانتقالية، وهو معروف بتزعمه سابقا الجماعة المسلحة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا).

خلال الشهرين الماضيين، كان الاتحاد الأوروبي حذراً للغاية في تعامله مع الحكومة الانتقالية، كما تقول كريستينا كاوش، وهي محللة سياسات في الصندوق الألماني مارشال.

لكن كاوش تؤكد في حديثها مع DW أن المشاركة المحتملة لحكومة لشرع في المؤتمر ستكون خطوة واسعة نحو حصول هذه الحكومة على “الشرعية الدولية”، لافتةً إلى أن المؤتمر يهدف إلى منع انهيار البلاد الفوري، حيث أن سوريا في وضع صعب للغاية.

يشارك نانار هواش، وهو محلل سياسات في “مجموعة الأزمات الدولية”، الرأي المتعلق بالحصول على الشرعية، إذ يتوقع أن تتلقى السلطات السورية الجديدة دعماً في المؤتمر.

وما يؤكد هذا الكلام، أنه إلى جانب مشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من سوريا وأوروبا، من المتوقع أيضاً مشاركة ممثلين من الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والدول المجاورة لسوريا.

ضمان المساعدات الإنسانية

جمع مؤتمر العام الماضي ما مجموعه 7.5 مليار يورو لسوريا – خمس مليارات يورو على شكل منح و 2.5 مليار يورو قروضاً. ويأمل الاتحاد الأوروبي هذا العام في أن يتبرع أعضاؤه ودول أخرى في المنطقة بمبلغ أكبر نسبيا.

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 16 مليوناً من السكان السوريين البالغ عددهم حوالي 23 مليوناً يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وغالبيتها تتجه إلى الطعام والمأوى والرعاية الطبية. لكن تصريحات ترامب حول خفض المساعدات الأمريكية الإنسانية تثير مخاوف الاتحاد الأوروبي، حيث أن الولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، هي واحدة من أهم الدول المانحة الرئيسية لسوريا.

لذلك يهدف المؤتمر أيضاً إلى إرسال رسالة مفادها أن سوريا تحتاج إلى مساعدة الآن. كما سيتناول المؤتمر أيضاً إعادة الإعمار الاقتصادي للبلاد التي مزقتها الحرب، ومن ذلك توفير القروض الصغيرة لمساعدة البلاد على إعادة بناء سوق العمل ليصبح مكتفياً ذاتياً.

حسب تأكيدات مصدر آخر في الاتحاد الأوروبي، فإن هذا الأخير امتنع سابقاً عن تقديم مساعدات إعادة الإعمار بسبب العقوبات المفروضة على البلاد في ظل نظام الأسد، لكن الوضع تغيّر الآن، إذ يحاول الاتحاد إيجاد تمويل إضافي لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية.

بالإضافة إلى ذلك، يُلتمس الدعم، مثل توفير القروض الصغيرة.

تعليق جزئي للعقوبات

في فبراير/شباط الماضي، علق الاتحاد الأوروبي بالفعل العقوبات في بعض المجالات، بما في ذلك الطاقة والنقل، كما من المتوقع تسهيل المعاملات المصرفية المتعلقة بهذه القطاعات.

يعدّ تعليق العقوبات أمراً إيجابياً عموماً، كما تقول كريستينا كاوش، وبينما يرتبط هذا القرار بالمساعدات الإنسانية، تعتقد الخبيرة أن تعليق العقوبات لن يكون كافياً على المدى المتوسط لإعادة إعمار البلاد.

يتبنى الاتحاد الأوروبي نهجاً تدريجياً في تعامله مع الحكومة السورية الانتقالية مع الاحتفاظ بحقه في التراجع عن التعامل إذا كانت التطورات غير مشجعة، كما تقول كاوش.

ويركز الاتحاد الأوروبي حالياً بشكل أساسي على استقرار سوريا، حتى وإن كان ذلك بحثا عن مصالح الاتحاد الأوروبي نفسه. ويلفت محلل السياسات نانار هواش، في تصريحات لـDW، إلى أن هناك عقوبات أمريكية معقدة للغاية لا تزال مفروضة على سوريا، وستؤثر أيضاً على نتائج المؤتمر، وهي العقوبات التي تخلق مصاعب في التمويل، إذ لا يمكن حاليا تحويل الأموال بشكل مباشر إلى سوريا.

ومع ذلك، يرى هواش، وهو مسؤول عن ملف سوريا في منظمة “مجموعة الأزمات”، أن المؤتمر إشارة مهمة إلى أن البلاد يجب أن تدخل مرحلة ما بعد الحرب، لافتاً أن سعي المجتمع الدولي للحصول على أموال لإعادة الإعمار في البلاد يمثل نتيجة ملموسة ومهمة.

أعده للعربية: ع.ا

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة