
مدخل قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا في صورة مؤرخة 29 كانون الأول 2024 (فرانس برس ـ عارف وتد)
مدخل قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا في صورة مؤرخة 29 كانون الأول 2024 (فرانس برس ـ عارف وتد)
بعد تراجع العمليات العسكرية في الساحل السوري، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لبيان صادر عن قيادة قاعدة “حميميم” الروسية، تدعو المدنيين النازحين إلى القاعدة للعودة إلى أماكن إقامتهم الدائمة (منازلهم) وترسيخ حياتهم في مجتمع جديد.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قد قالت، في 13 من آذار الحالي، إن القاعدة وفرت مأوى لأكثر من 8000 شخص، مع احتمال أن يصل العدد إلى 9000 وفقًا للإحصائيات، وفق وكالة “تاس” الروسية.
وأوضحت أن معظمهم من النساء والأطفال، معتبرة أن ذلك يمثل “أفضل رد على التساؤلات حول مساهمة روسيا الحقيقية في مصير السوريين”، على حد تعبيرها.
وأعربت زاخاروفا عن صدمة موسكو إزاء الأحداث الأخيرة، مشيرة إلى أن الضحايا كانوا “مدنيين أبرياء”، وأن استخدام القوة ضدهم “أمر غير مقبول على الإطلاق”.
وأضافت أن روسيا تتابع التطورات بقلق وتدين بشدة ما وصفته بـ”المجازر”، معربة عن تعاطفها مع أسر الضحايا.
وأكدت المتحدثة أن روسيا تفترض أن تتحمل السلطات في دمشق مسؤوليتها في ضمان حماية الحقوق القانونية لجميع المواطنين السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، مشيرة إلى أن القيادة السورية أكدت التزامها بالحفاظ على الوحدة الوطنية.
في 15 من آذار الحالي، تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي بيانًا للقيادة الروسية في قاعدة “حميميم” تدعو فيه المدنيين للمغادرة.
وعزا البيان دعوة المغادرة إلى أن “موارد القاعدة محدودة، ولا يمكن تزويد المقيمين بالقاعدة بالظروف المناسبة للعيش على أرض القاعدة”.
يقول البيان إن الحكومة السورية الحالية معترف بها كحكومة شرعية من قبل غالبية الدول، وتبذل الحكومة جهودًا كبيرة لحل الوضع في محافظة اللاذقية خلال الأيام الـ10 الماضية.
وأشار إلى أن روسيا ستطالب بضمانات الإقامة الآمنة للمدنيين في منازلهم وأماكنهم المؤقتة.
وأكد أن القاعدة الروسية على استعداد دائم لإيواء هؤلاء المدنيين واللاجئين حال تكرار أحداث 10 من آذار، مشيرًا إلى توفير حزم من الطعام للمواطنين المغادرين.
البيان الموزع على المدنيين اللاجئين في قاعدة “حميميم” الروسية في اللاذقية – 15 آذار 2025 (تعديل عنب بلدي)
طالبة جامعية نزحت إلى القاعدة من قرية العسالية بريف جبلة، أكدت لعنب بلدي توزيع المنشورات عليهم.
ولا تعلم الطالبة ما إذا كان الخروج من القاعدة إجباريًا أم طوعيًا.
وكان النازحون إلى القاعدة رفضوا سابقًا دعوات حكومة دمشق المؤقتة المتكررة للخروج من القاعدة، لـ”غياب الثقة”، على حد تعبيرها.
ونفت مصادر متقاطعة من النازحين في القاعدة، لعنب بلدي، من بينها الطالبة الجامعية، الأنباء التي أشيعت حول فتيات تعرضن للاغتصاب من قبل الجنود الروس في القاعدة، معتبرةً أن هذه الأنباء “كذبة كبيرة”.
وبشأن طلب المغادرة، أوضحت المصادر أن الروس وجهوا رسائل شفهية للنازحين، بأنهم لن يجبروا أحدًا على المغادرة، والبيان هو توضيح للدول بأن موسكو لا تحتجز النازحين في القاعدة.
وكان وفد من محافظة اللاذقية، قد زار القاعدة في 8 من آذار الماضي.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إن وفدًا من إدارة منطقة جبلة وإدارة الأمن العام وصل إلى مطار “حميميم”، لـ”طمأنة الأهالي الموجودين فيه وإعادتهم لقراهم”.
وطالب النازحون إلى القاعدة بـ”حماية دولية” وخرجوا في أكثر من مرة في مظاهرات داخل القاعدة، رافضين الخروج من القاعدة قبل الحصول على ضمانات دولية.
مصدر أمني، كشف لعنب بلدي، عن تنسيق جرى بين قاعدة “حميميم” الروسية، وهذه الفلول لدعم ما يسمى بعملية “تحرير الساحل”.
وحصلت عنب بلدي على تسجيلات صوتية من مقاتلين أعضاء في جماعات الفلول المسلحة، توثق تواصلات مع القاعدة الروسية، وسط تعهدات بتقديم الدعم لهذه الجماعات، على المستوى اللوجستي والعسكري.
وتثبت التسجيلات، التي تحققت منها عنب بلدي، أن الجنود الروس يعملون “بطريقة ناعمة” مع هذه الفلول، يقدمون الوعود مقابل صمود الفلول على الأرض.
وقدمت القاعدة الروسية أسلحة وعتادًا لهذه المجموعات، وذلك من باب للقاعدة قرب قرية “بستان الباشا” التي تبعد عن القاعدة حوالي 2.7 كيلومتر، وهذه البلدة تابعة إداريًا لمدينة جبلة في محافظة اللاذقية.
كما قدمت خدمات إسعافية للمصابين من فلول النظام من خلال الباب العسكري المطل على ناحية “بطرة” في جبلة.
وطالب ضباط روس من “فلول النظام” الصمود في المعركة مع قوات الأمن العام، لمدة 48 ساعة، ريثما يصل الدعم الموعود من القاعدة الروسية والتي بدورها تنتظر الموافقة النهائية من الكرملين، للتدخل بشكل مباشر، بحسب ما تناقله مقاتلو الفلول في التسجيلات.
في حديث سابق لعنب بلدي، أشار الباحث العسكري بمركز “جسور” للدراسات رشيد حوراني، إلى أن روسيا قد يكون لها دور في دعم الفلول نتيجة تعثر مفاوضاتها مع دمشق.
وفي 28 من كانون الثاني، الماضي نقلت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، عن مصدر مطلع في موسكو أن المفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة متعثرة، بشأن قواعدها العسكرية في الساحل السوري، القاعدة “البحرية” في طرطوس وقاعدة “حميميم”.
وكشف المصدر آنذاك أن الأنشطة الروسية في “حميميم” قُلّصت كما اضطرت سفينتا نقل روسيتان للانتظار بضعة أسابيع قبل أن يسمح المسؤولون السوريون برسوهما في طرطوس لإزالة معدات عسكرية روسية.
وكان رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، قد أشار في حديث لوكالة “رويترز” في 10 من آذار الحالي، إلى احتمالية استعادة العلاقات مع موسكو، وعدم الرغبة بوجود خلافات مع روسيا، أو أن يشمل الوجود الروسي في سوريا خطرًا أو تهديدًا لأي دولة في العالم، مع الرغبة بالحفاظ على هذه العلاقات الاستراتيجية العميقة.
بدأ مقاتلو الفلول هجومًا، في 6 من آذار، استهدف دورية للأمن العام في بلدة بيت عانا التابعة لداليا بريف جبلة الجنوبي، مسقط رأس قائد “الفرقة 25” سهيل الحسن.
وخلف هذا الهجوم قتلى وجرحى في صفوف قوات الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية، ما أشعل فتيل التوتر في كل الساحل،
وعمل الفلول على قتل مدنيين في هجماتهم أيضًا، بينما أرسلت فصائل أرتالًا من المقاتلين إلى المنطقة، قتلت مدنيين وعسكريين أيضًا.
وأدت العمليات العسكرية إلى مقتل 803 أشخاص، بينهم 39 طفلًا و49 سيدة (أنثى بالغة)، بحسب ما وثقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقرير، الثلاثاء 11 من آذار.
وسجل التقرير مقتل 172 عنصرًا على الأقل من القوات الأمنية والشرطية والعسكرية (قوات الأمن الداخلي ووزارة الدفاع) على يد المجموعات المسلحة المرتبطة بنظام الأسد، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 211 مدنيًا، بينهم أحد العاملين في المجال الإنساني، جراء عمليات إطلاق نار مباشرة نفذتها هذه المجموعات.
كما وثقت “الشبكة” مقتل ما لا يقل عن 420 شخصًا من المدنيين والمسلحين منزوعي السلاح، بينهم 39 طفلًا و49 سيدة و27 من الكوادر الطبية، على يد القوى المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية (الفصائل والتنظيمات غير المنضبطة التي تتبع شكليًا وزارة الدفاع)، خلال الحملة الأمنية.
وحمّل الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، فلول النظام السابق من “الفرقة الرابعة” التي كان يقودها ماهر الأسد، ودولة أجنبية متحالفة معهم (لم يسمِّها)، مسؤولية سفك الدماء في الساحل السوري، لإثارة الاضطرابات وخلق فتنة طائفية، مع الإقرار بحدوث عمليات انتقام تلت ذلك، في مقابلة مع وكالة “رويترز“، في 10 من آذار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى