تركيب برج لشبكة إنترنت في مدينة الدانا شمالي إدلب - 13 تشرين الأول 2024 (عنب بلدي/ محمد مصطو)
تطلعات متخصصي التكنولوجيا السوريين تصطدم بالعقوبات
بعد التحوّل الكبير الذي ألقى بظلاله على عموم سوريا مرورًا حتى بأصغر التفاصيل فيها، عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، اتجهت أنظار السوريين ممن غادروا بلادهم متأثرين بالحرب فيها، نحو سوق التكنولوجيا السورية، آملين عودتهم وتطبيق ما تعلموه خارجًا، لكن تطلعاتهم تصطدم بحقيقة أن قطاع التكنولوجيا لا يزال مكبلًا بالعقوبات.
ورغم التقدم الذي حققته الحكومة السورية الجديدة في إطار العقوبات الغربية المتراكمة منذ ثمانينيات القرن الماضي، لم يشمل هذا التقدم قطاع التكنولوجيا حتى اليوم، في حين لامس القطاع المصرفي الذي يشكل عقبة بالنسبة لرواد البرمجة، كونه مرتبطًا بمعاملات الدفع عبر الإنترنت.
أنس زهرة هو أحد الشباب الذين كانوا يتطلعون قدمًا نحو انفراج على الصعيد التقني في سوريا، لينقل خبرته ونتاج تحصيله العلمي الذي وصل له في ألمانيا إلى بلده سوريا عبر مشروع يفتتحه في محافظة حماة التي ينحدر منها، لكن تطلعاته تواجه عوائق جمّة.
أنس، شاب سوري درس هندسة الحاسوب في جامعة “العلوم التطبيقية للتكنولوجيا والاقتصاد” بولاية سارلاند الألمانية، ويتطلع لإدخال خدمات التسوق عبر الإنترنت إلى سوريا، وبرمجة تطبيقات تسهّل حياة الفرد كما هو الحال في أوروبا، وتعود عليه بنفع مادي أيضًا، لكن تطلعاته تصطدم بعوائق أبرزها البنى التحتية السيئة للإنترنت والكهرباء، وحتى غياب الحالة التنظيمية في بعض المدن التي لا تتوفر فيها عناوين للمنازل، أو غياب وسائل الدفع عبر الإنترنت.
أنس قال لعنب بلدي، إن برمجة أي تطبيق تجاري يتطلب الولوج إلى خدمات “خرائط جوجل” مثلًا، وهي محجوبة في سوريا بسبب العقوبات الأمريكية على البلاد، ويحاول المبرمجون الاستعاضة عنها بتطبيقات خرائط ذات منشأ روسي، لكن هذه التطبيقات تغيب عنها الموثوقية، وفق أنس.
ولا يزال أنس يفضل اتخاذ موقف المتفرج على تطور الأحداث، وينتظر تحسين واقع الإنترنت والكهرباء والاتصالات في سوريا، ورفع العقوبات عن قطاع التكنولوجيا، حتى يقترب “خطوة” من تحقيق تطلعاته العملية.
من جانبه، يعتقد عمار الذي يعمل في شركة برمجيات بدبي في الإمارات العربية المتحدة أن القيود المفروضة على القطاع التقني تبقي العديد من العاملين في المجال من السوريين خارج سوريا، بعيدًا عن السوق المحلية، لافتًا إلى أن العمل من سوريا يتطلب خطوات قد يراها البعض معقدة لإنجاز حتى مهام بسيطة.
وقال عمار لعنب بلدي، إن الولوج إلى بعض المواقع الضرورية لرواد البرمجة يتطلب التحايل على الموقع باستخدام “كاسر بروكسي”، الذي يبطئ سرعة الإنترنت البطيئة بطبيعة الحال، والتي لا تساعد المستخدم على القيام بأبسط الخطوات.
ولفت إلى أن التمتع بخدمات إنترنت سريعة في سوريا يتطلب الاشتراك بالإنترنت الفضائي، وهو باهظ الثمن، كما أن الحكومة أصدرت قرارًا بمنع حيازته دون ترخيص.
وسبق أن أعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سوريا أن حيازة أجهزة “ستارلينك” أو توزيع الإنترنت الفضائي دون ترخيص، يعرّض للمساءلة القانونية، معتبرة ذلك مخالفة للأنظمة والقوانين النافذة.
وصرح رئيس الهيئة، عاطف الديري، أن استخدام محطات الإنترنت الفضائي دون ترخيص يُعد انتهاكًا صريحًا للأنظمة المعمول بها، داعيًا الشركات والمستخدمين إلى الامتثال للوائح التنظيمية.
عقوبات تكبّل القطاع التكنولوجي
يذكر موقع وزارة الخارجية الأمريكية، أن سوريا صنفت لأول مرة “كدولة راعية للإرهاب”، في كانون الثاني عام 1979، ترافق ذلك مع عقوبات، وأضيفت إليها عقوبات وقيود إضافية، في أيار 2004، مع إصدار “الأمر التنفيذي 13338” تنفيذًا لقانون “محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية” لعام 2003.
ورغم أن العقوبات تعود لسنوات طويلة مضت، جاء أبرزها وأكثرها وطأة في سوريا بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، وكانت الخطوة الأولى صدور الأمر التنفيذي “رقم 13572“، في نيسان من العام نفسه، الذي قضى بتجميد ممتلكات المسؤولين السوريين وغيرهم من المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقمع، إلى جانب عقوبات طالت قطاعات مختلفة منها قطاع التكنولوجيا.
وتضمّن السجل الفيدرالي (المجلد 89، العدد 110)، بأحدث نسخة منه في 6 من حزيران 2024، النسخة النهائية للعقوبات حول سوريا.
وحظرت الولايات المتحدة السماح بتقديم أي دعم مالي أو تكنولوجي للنظام المخلوع في سوريا، ولا يزال ذلك ساريًا حتى اليوم، بموجب سلسلة العقوبات التي أقرتها على مدار السنوات الماضية، وهو ما ذكّر فيه السجل الفيدرالي الأمريكي بنسخته النهائية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :