
القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا ميخائيل أونماخت في مقابلة مع عنب بلدي - 13 آذار 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)
القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا ميخائيل أونماخت في مقابلة مع عنب بلدي - 13 آذار 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)
عنب بلدي – بيسان خلف
تحدد خطوات متسارعة مسار الاتحاد الأوروبي في سوريا، بعد سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024.
ووسط رفع جزئي للعقوبات المفروضة على سوريا، مع تشكل الحكومة المؤقتة، وزيارات متكررة لمسؤولين أوروبيين إلى سوريا، قابلتها زيارات لوزير الخارجية، أسعد الشيباني، إلى دول بارزة في الاتحاد، ينتظر سوريون الخطوات اللاحقة للاتحاد الأوروبي، وشكل العلاقة مع حكومة دمشق، ما ينعكس بطبيعة الحال على شؤونهم الأمنية والاقتصادية.
عنب بلدي قابلت القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا، ميخائيل أونماخت، في دمشق، وأجرت معه حوارًا بشأن أبرز القضايا المتعلقة بمسار الاتحاد الأوروبي في سوريا، وخطواته الداعمة لحكومة دمشق، وذلك قبيل انطلاق النسخة التاسعة من مؤتمر “بروكسل” الذي يهدف إلى “حشد دولي لانتقال سلمي شامل” في سوريا.
تتجه أنظار السوريين نحو بروكسل حيث يعقد مؤتمر دعم سوريا والمنطقة بنسخته التاسعة، بعد أيام، وهي المرة الأولى التي سيعقد فيها المؤتمر بعد سقوط النظام، كما سيشهد المؤتمر مشاركة سورية رسمية لأول مرة، فما المختلف في هذه النسخة؟
المختلف أنه لأول مرة تشارك السلطات السورية بشكل رسمي في المؤتمر. في المؤتمرات السابقة لم يشهد المؤتمر وفودًا رسمية من قبل حكومة نظام الأسد، حيث لم يكن هناك تعاون سياسي بين نظام الأسد والاتحاد الأوروبي. الآن تغيرت العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي وسوريا.
في المؤتمرات الأخيرة كان الدعم دائمًا للشعب السوري بالمساعدات الإنسانية، ودعم المجتمع المدني السوري والسلم الأهلي ومشاريع الحوار بين كل مكونات المجتمع السوري.
هذه المرة لا نتكلم عن دعم للمجتمع المدني والمساعدات الإنسانية فقط، بل سنناقش تعاونًا حقيقيًا بين الاتحاد الأوروبي بملفات مثل التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وهذا ما يهم الشعب السوري في هذا الوقت.
هل يمكن أن يشهد بروكسل بنسخته التاسعة زيادة في الدعم المالي ووعود المانحين ما المتوقع؟ وهل ستتغير أولويات الدعم والمقصود توجيه الدعم لقطاعات معينة؟
لا نعرف ماذا ستقدم الدول المانحة ولكن كاتحاد الأوروبي سنقدم مساعدات إضافية، ونعرف أن الوضع الاقتصادي عالميًا يمر بمرحلة صعبة، وبعض الدول المانحة خففت مساعداتها وهناك تجميد في المساعدات الأمريكية لمدة ثلاثة أشهر، ورأينا كيف انعكس هذا على سوريا، ولكن سنكون متفائلين بتقديم الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية، للتعافي المبكر والتعاون مع السلطات.
لا توجد لدينا أرقام معينة عن حجم المساعدات حتى الآن، هذا ما سيكشف عنه مؤتمر “بروكسل”.
أما بالنسبة للقطاعات، ففي الماضي كنا نهتم بالمساعدات الإنسانية ويجب الاستمرار بها لأن الوضع الإنساني في سوريا سيئ مقارنة بالماضي.
ولكن إضافة إلى المساعدات الإنسانية، نحتاج إلى تغيير الاتجاه نحو تمكين مؤسسات الدولة السورية عن طريق تبادل الخبرات، والاتحاد الأوروبي جاهز للشراكة مع الحكومة السورية الجديدة، التي ستتشكل في أقرب وقت.
وهذه الخطوة مهمة جدًا لمستقبل سوريا، كما نحتاج لحكومة انتقالية تجمع كل مكونات الشعب السوري من كل المناطق والطوائف للشراكة.
ما القطاعات التي تولي دول الاتحاد الأوروبي أهمية خاصة لها في مسألة إعادة الإعمار؟ وهل يمكن أن نشهد دورًا أوروبيًا بارزًا في هذه العملية؟
من المؤكد أن هناك دورًا أوروبيًا في إعادة إعمار سوريا في حال شهدت سوريا استقرارًا وأمنًا، وكل القطاعات السورية بحاجة إلى دعم، خاصة التعليم والصحة، ولكن الأهم هو المساعدة في بناء الدولة، ونحن منفتحون على تبادل الخبراء، وبالتأكيد هناك دور الأمم المتحدة والدول المانحة في هذه العملية.
من الواضح أن سوريا تعاني أزمة اقتصادية خانقة باتت جزءًا يعطل خطط الاستقرار، وتشكل العقوبات سببًا رئيسًا لهذه الأزمة، هل يلحظ الاتحاد الأوروبي ذلك، وهل يمكن أن نشهد تغييرات ورفعًا حقيقيًا غير جزئي للعقوبات؟
الوضع الاقتصادي صعب جدًا في سوريا، النظام السابق اعتاد تبرير مشكلات الاقتصاد السوري بالعقوبات الأوروبية، وهذا ليس صحيحًا، الأزمة الاقتصادية السورية هي إرث خلفه النظام السابق، لأنه لا توجد قاعدة مالية ثابتة للدولة، أما العقوبات فهي جزء من المشكلة وليست سببًا رئيسًا.
كما أن هناك ثلاثة أنواع للعقوبات الأوروبية على سوريا:
مثلًا، عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على سوريا، والتي ينفذها الاتحاد الأوروبي، ولا يمكننا كاتحاد أوروبي أن نلغيها. ولدينا عقوبات دول العالم الثالث.
أما العقوبات الأوروبية فنتحمل مسؤوليتها ونرفعها، ولكن ليس جميعها، مثل عقوبات الاتحاد الأوروبي على أفراد النظام فلن نرفعها، لأننا نحتاج إلى المحاسبة وتحقيق العدالة الانتقالية.
ولدينا عقوبات ضد الأسلحة الكيماوية وضد السلاح بشكل عام، وهذه العقوبات لا يمكن إلغاؤها لأن سوريا لا تحتاج إلى أسلحة إضافية.
ولدينا عقوبات على القطاعات والبنوك، والتي علقناها كقطاع النقل والطاقة والتبادل المالي بين البنك المركزي والبنوك الرسمية الأخرى، والعملة السورية التي ستتم طباعتها في الاتحاد الأوروبي، ما سيعطي فرصًا إضافية للتعاون الاقتصادي.
وهناك عقوبات إضافية مفروضة على سوريا مثل العقوبات الأمريكية وخاصة قانون “قيصر”، ولا أعلم ما مستقبل هذه العقوبات.
لكي ينتعش الاقتصاد السوري نحتاج إلى نظام قضائي واضح وسيطرة للقانون، لأن المستثمر يخاف الفوضى ونحتاج إلى استقرار في البلاد وهذا أهم من العقوبات، في حين ندرس التطورات السياسية في سوريا: هل سنرى حكومة شمولية تجمع كل مكونات المجتمع السوري، والتي ستشكل خطوة مهمة وأساسية لرفع العقوبات بشكل كامل؟
في المرحلة الأخيرة من العقوبات كانت لدينا استثناءات إنسانية بسبب الزلزال، الآن العقوبات على القطاعات الإنسانية مرفوعة دون حدود وبشكل دائم. وإلغاء العقوبات لا يعني نهاية الأزمة الاقتصادية في سوريا، نحتاج إلى بذل جهود خاصة من السلطات وتعاون ودعم مع المجتمع الدولي.
وفي سوريا هناك الكثير من الإمكانيات والفرص، حتى مع وجود العقوبات الأمريكية.
هل تنسقون مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن العقوبات، ولكيلا تصطدم الخطط الأوروبية بالموقف والمصالح الأمريكية هل هناك تنسيق معين؟
هناك مناقشات بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا وتبادل آراء عن العقوبات.
كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى التطورات بشأن الاتفاق بين السلطة المركزية في دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في شمال شرقي سوريا، وكذلك الخطوات المنتظرة في الجنوب؟
الاتفاق بين “قسد” وسلطات دمشق خبر جيد، ونرحب بإعلان هذا الاتفاق الذي يعتبر جزءًا أساسيًا من العمل على تحقيق السلم الأهلي ونهاية حالة الميليشيا، و”قسد” ستلعب دورًا ايجابيًا في تحقيق السلم الأهلي.
وهناك لجان لتنفيذ الاتفاق وسنرى النتيجة.
رأينا ببنود الاتفاق اعترافًا بالإدارة الكردية وحقوق الأكراد، ما يعطي انطباعًا بأن البلاد لكل السوريين.
ومن الناحية الأمنية هذا الاتفاق إيجابي. كانت هناك مخاوف من أن تسبب الخلافات بين “قسد” ودمشق مشكلة أمنية وعسكرية ونفس الشيء في الجنوب، هناك إرادة عند السوريين بوحدة سوريا وسيادتها، وهذا يتفق مع تطلعات الاتحاد الذي ينادي بوحدة سوريا وسيادتها أيضًا.
كيف تقيمون محاولات زعزعة استقرار سوريا والإشارات حول وجود أصابع خارجية؟ ما موقف الاتحاد الأوروبي تجاه ما يحصل؟
نحن نريد دعمًا من كل الجيران في سوريا، لتحقيق أحلام السوريين بمستقبل أكثر ازدهارًا يضمن الحرية والسلام والأمن بوضع اقتصادي جيد، وهذه مسؤولية الدول المجاورة.
نحتاج إلى تعاون من الدول المجاورة، وهناك بعض محاولات تدخل من هذه الدول، وسمعنا أن ما يحصل في الساحل وراءه أيدٍ أجنبية.
إذا قال سياسي من القيادة الإيرانية: لن نرى في سوريا استقرارًا وسلامًا. وبعد أيام نرى توترًا، فهذا مخيف ومقلق بعض الشيء.
ولكن مسؤولية تحقيق السلم الأهلي تقع على عاتق السوريين، وإلغاء الآخر لا يفضي إلى شيء، نحتاج إلى المصالحة في هذا البلاد.
كان هناك استغلال للطائفية من النظام السابق والآن نرى النتيجة لذلك، ولكن تركيبة النظام السابق كانت من كل الطوائف والمناطق، والآن مهمة السوريين العمل مع بعضهم من أجل مستقبل مشترك للجميع.
نحتاج إلى المحاسبة على الجرائم وللعدالة الانتقالية، وسنرى قريبًا إعلانًا عن لجنة خاصة للتحقيق في أحداث الساحل، ومن الممكن أن نرى مشاركة دولية في التحقيق بهذه الجرائم.
هناك مؤسسات دولية ومنظمات أممية عملت على مدار 14 عامًا على توثيق الانتهاكات، والسلطات السورية منفتحة لدور أممي ودولي في تحقيق العدالة الانتقالية.
ندين العنف خاصة ضد المدنيين في الساحل بشكل واضح، وهناك مسؤولية لأكثر من طرف في الأحداث الأخيرة.
ومن حق كل سوري أن يعيش بسلام، والمجرم في النظام السابق يعاقب في المحاكم.
الرد من الحكومة السورية على أحداث الساحل بإعلان لجنة تحقيق للأحداث خطوة مهمة، لأن جرائم الماضي لها وقت آخر للحديث عنها، الآن نحتاج إلى سلم أهلي في الساحل وفي غير الساحل.
ونرحب بإعلان هذه اللجنة، ورأينا أداء اللجنة التي تضم خبراء مستقلين، وهذه فرصة للتعاون مع المؤسسات في الأمم المتحدة المتخصصة بالتحقيق في جرائم الحرب.
هل تنسقون مع الإدارة الجديدة حول خطر الانتهاكات ولجنة التحقيق في جرائم الساحل؟
لدينا تنسيق مع السلطات السورية ورؤساء البعثات الأوروبية في دمشق مع وزير الخارجية، ومن الممكن أن تستفيد الحكومة السورية من خبرة عمل الأمم المتحدة بتوثيق الانتهاكات في مؤسسات خاصة لديها خبرة خاصة للسلم الأهلي وللحوار الوطني، وهناك الكثير من السوريين والسوريات في المجتمع المدني لديهم خبرة في توثيق الانتهاكات.
هل لدى الاتحاد الأوروبي نيات مختلفة حيال اللاجئين السوريين وإعادتهم، وكيف تقيمون الأوضاع بهذا الشأن؟
موقف الاتحاد الأوروبي ثابت ونحن على تواصل مع الأمم المتحدة، لديهم قواعد ثابتة لعودة اللاجئين، يجب أن تكون عودة اللاجئين آمنة وبشكل طوعي.
والدمار الشامل الذي لحق في منازل السوريين الذي نراه في ضواحي دمشق وشرق حلب ومناطق أخرى لا يسمح بعودة اللاجئين بشكل مباشر دون المناقشة عن كيف نستطيع أن نساعد بإعادة الإعمار.
والاتحاد الأوروبي جاهز للمساعدة والتعاون مع الحكومة السورية لتأمين عودة اللاجئين.
هناك تغيير حول تقديم طلب حق اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، لأن سبب اللجوء كان نظام الأسد، ولكننا نأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي ودمار المناطق السورية. وقد رأينا عودة جزء من السوريين إلى سوريا بعد سقوط النظام.
أعلن الاتحاد الأوروبي عن عقد مؤتمر المانحين لسوريا بنسخته التاسعة في العاصمة البلجيكية بروكسل، في 17 من آذار الحالي، بمشاركة رسمية سورية لأول مرة منذ بدء عقد المؤتمر عام 2017.
ويهدف المؤتمر الذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي إلى “حشد الدعم الدولي لانتقال سلمي شامل”، كما ستكون هذه المرة الأولى التي تحظي فيها سوريا بتمثيل حكومي في المؤتمر الذي يعقد سنويًا.
وقال مسؤول أوروبي لــ”رويترز”، إن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، سيحضر مؤتمر المانحين، وستكون هذه المرة الأولى التي تُمثل فيها سوريا رسميًا في المؤتمر السنوي.
في حين لم يوجه الاتحاد الأوروبي دعوة لرئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لأن المؤتمر سيعقد على المستوى الوزاري.
يُعقد المؤتمر لأول مرة بعد سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، وكانت قمة المانحين تدعو ممثلين عن المجتمع المدني السوري للمشاركة دون تقديم أي دعوة للدولة السورية في عهد الأسد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى