ينقسم قطاع التعليم في محافظة حماة إلى شقين، مدارس تابعة للنظام وأخرى للمعارضة، وفي كل قسم يتم تدريس منهاج مستقل، ورغم عدم الاختلاف الكبير بين المنهاجين، إلا أن أهم ما يميز تلك المحافظة هو “استمرار التعليم وعلى وقع الحرب”.
أحمد عرعور، مدير التربية في حماة، قال إن “هناك مدارس تابعة للنظام وأخرى للمعارضة (حرة) بمنهاج معدل من قبل هيئة علم، وأقرته الحكومة المؤقتة، ولا يوجد اختلاف كبير بين المنهاجين، فقط تم إخراج البعث وما يرمز لحقبة الأسد من الكتب بحيث لا يلحظ الطالب فرقًا إذا انتقل بين المدارس التابعة للنظام والمعارضة”، مشيرًا إلى أن أمور التعليم مستقرة رغم أن القطاع شهد نسبة كبيرة من الضرر نتيجة خروج عدد كبير من المدارس عن الخدمة، وتهجير الناس من القرى بشكل كامل، وخلف هذا الواقع عددًا كبيرًا من الأطفال دون تعليم وذلك للسنة الرابعة على التوالي في أرياف حماة وإدلب.
وهذا العام تم افتتاح مدرسة لطلاب الصف الأول في منطقة تل الشيح، وتم إدخال أعداد من الطلاب “لكن وجدنا أن عددًا كبيرًا من الأطفال أعمارهم كبيرة لذلك قمنا بنقلهم إلى مستوى جديد خلال أول شهرين”، وفق ما يقول عرعور.
منظمات داعمة تبحث عن “اسم وسمعة” فقط
تشرف مديرية تربية حماة الحرة، التي تأسست في العام 2013، على حوالي 15ألف طالب، أغلبهم في الحلقة التعليمية بين الصفين الأول والرابع الابتدائي، وقد أجرت المديرية حتى الآن امتحانين لشهادات الإعدادية والثانوية العامة، بعدما خضع لكل امتحان نحو ألف طالب. وتستعد بداية الصيف المقبل لافتتاح مدرسة في حماة للقيام بأنشطة صيفية للطلاب ومساعدتهم على التعلم.
رغم وجود بعض الداعمين للمديرية، وعددهم قليل، إلا أن أغلب الجهود التي تقوم بها “تطوعية”، وحول سبب ذلك يقول عرعور “لا يهم الداعمين هل تعلّم الأطفال أم لا، يهمهم إطلاق مشاريع في مناطق آمنة تتصف بنسبة عالية من الديمومة لكي يصنعوا اسمًا.. أما المشاريع في المناطق الساخنة لا تصنع لهم اسمًا”. ويلفت عرعور إلى أن دعم الحكومة المؤقتة “شبه معدوم” بسبب عدم وجود رغبة دولية بإنجاحها.
دمار كبير يقوّض فوائد الهدنة
على غرار كثير من المدن السورية، تعاني حماة وريفها من تدمير “ممنهج” للمدارس، فقد خرج عدد كبير منها عن الخدمة، وهذا بحد ذاته أكبر تحد يواجه العاملين في الحقل التعليمي في المحافظة، لذلك لم يلحظ مدير التربية في المدينة أي تغيير إثر الهدنة بين النظام والمعارضة، وقال “لا يمكن القول إن هناك مناطق آمنة أو مدارس مفعّلة، لأن أغلب المدارس مهدّمة ووجود الهدنة لا يعني إعادة الإعمار.. هناك مدارس في مناطق شهدت نزوحًا جماعيًا مثل اللطامنة ومورك”.
ويشير عرعور ألى أن هناك مشكلة كبيرة في توفر الكوادر بسبب قلة الدعم، فالمدرّس يحصل على نصف الأجر ويبحث عن عمل آخر ليتمكن من تأمين مصاريف عائلته، يقول “أغلب العمل في المدارس تطوعي، لذلك نجد أن مهنة التعليم تشهد تسربًا للكوادر بسبب سعي المدرسين للبحث عن مهنة أخرى، وإضافة للعامل المادي هناك محفزات الهجرة خارج الحدود أو العمل مع منظمات في مدارس على الحدود حيث الراتب الأفضل ونسبة الأمان الأعلى”.
غياب المنهجية التربوية الشاملة في عموم المناطق المحررة
إن العملية التعليمية في الداخل السوري تشهد اضطرابًا وتعقيدًا شديدين بين مناطق شبه آمنة ومناطق قريبة من خطوط المواجهة مع النظام السوري، وبين مخيمات الحدود ومخيمات الداخل، وبين مدارس مازال المعلمون فيها يتقاضون أجورهم من النظام، وبين أخرى تطوعية، وبين أخرى مكفولة من جهة ما، حتى المدارس المكفولة يختلف سير العمل التربوي فيها حسب الإدارة العامة للجهة الداعمة.
لهذه الأسباب يعتقد همام الشامي، مسؤول مكتب التعليم في مجلس محافظة حماة، أنه من الصعب إعطاء تقييم عام للوضع سوى أنه لا تضبطه عملية تربوية تعليمية شاملة وطنية محلية، وبالتالي سيكون هناك كثير من المناطق المحرومة من التعليم وكثير من الطلاب يتسربون من المدارس، وكثير من المدارس المكفولة ينقصها المتابعة.
ويقول “بصراحة المنهاج السوري المعدّل والمطبوع والموزع منه للمدارس في المناطق المحررة بحاجة إلى إعادة تنقيح وتعديل في كثير من مواده العلمية، وهذا ملخص ما سمعته من كثير من المعلمين ذوي الخبرة، ممن مارسوا التعليم في المدارس الحرة، بمختلف الاختصاصات ومختلف المراحل”. فضلًا عن الحاجة الماسة لكثير من المستلزمات التعليمية كالألواح والمقاعد والقرطاسية وغير ذلك مما يحتاجه القطاع في المناطق المحررة.
ويضيف “في حماة كثير من المعلمين يمارسون العمل التعليمي تطوعًا، ما يجعل العملية التعليمية في خطر، إذ إن المعلم عاجلًا أم آجلًا سيبحث عن لقمة عيشه تاركًا التعليم، ما لم تتكفل جهة ما براتبه، وكثير منهم على استعداد للتطوع لكنهم بحاجة في مخيمات الداخل للخيم والألواح والمقاعد، ليباشروا العمل التعليمي التطوعي”.
تابع قراءة الملف الموسع: سوريا المحررة.. مقاعد مهجورة ومدارس في الأقبية والكهوف.
إدلب وحلب.. النصيب الأكبر من المدارس المدمرة.
النظام يشتري الأسلحة برواتب المعلمين في حلب.
الإدارة الذاتية و”تكريد” التعليم.
إدارة وتشغيل أول جامعة في حلب بعد الثورة.
بعد حلب.. تأسيس جامعة في إدلب.
السعودية تموّل برنامج “لأتعلم” بـ 17 مليون دولار.
بسبب الدمار.. تحويل البيوت في حمص إلى مدارس.
ثلاث مرجعيات تتحكم بالعملية التعليمية في إدلب.
النظام والمعارضة يتقاسمان المدارس والطلاب في حماة.
غوطتا دمشق.. القصف والجوع يُفقدان التلاميذ تركيزهم.
نقص “شديد” في توفر الكتاب المدرسي في درعا ووزارة التربية المؤقتة تنفي.
توزيع عشرة ملايين كتاب مدرسي في المناطق المحررة.
خبيرة تربوية تتنبأ بمستقبل “أسود” للتعليم في المناطق المحررة.
لقراءة الملف كاملًا: سوريا المحررة.. مقاعد مهجورة ومدارس في الأقبية والكهوف.