زيادة الطلب يقابلها نقص المعروض

أسعار مواد البناء ترتفع 20% في الشمال السوري

ارتفعت أسعار مواد البناء بسبب زيادة الطلب عليها في الشمال السوري - 7 آذار 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)

camera iconارتفعت أسعار مواد البناء بسبب زيادة الطلب عليها في الشمال السوري - 7 آذار 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)

tag icon ع ع ع

إدلب – سماح علوش

باءت توقعات وليد المحمد بالفشل، وخاب ظنه بأن يجد جدرانًا سليمة أو سقفًا لمنزله الذي هُجّر منه، عقب دخول قوات النظام السوري السابق إلى مدينته كفرنبل جنوبي إدلب، عام 2020.

بعد سقوط النظام، وقف وليد أمام ركام بيته المدمر، محاولًا إحصاء ما يلزمه من مواد، لكنه فوجئ بحجم الدمار، فجميع الجدران متصدعة ومتشققة وخالية من التمديدات الكهربائية، ودون سقف، فقد حطمته قوات النظام وسحبت الحديد منه.

بحساب بسيط، وجد وليد نفسه مضطرًا لبيع قطعة من أرضه ليؤمّن تكاليف إعادة بناء منزله، ويسابق الزمن خاصة مع الارتفاع التصاعدي الذي تشهده أسعار مواد البناء في الأسواق.

في نهاية المطاف، قرر وليد المحمد أن يعيد بناء منزله بنفسه تدريجيًا، ويوفر أجور العمال، ويشتري بعض المواد بين الحين والآخر، وفق ما يتوفر معه من مال، إلى أن ينتهي من بنائه كليًا، ويتخلّص من “كابوس” دفع الإيجار أول الشهر، الذي يرهق معظم المهجرين ويزيد معاناتهم.

يصطدم بعض العائدين إلى منازلهم بحجم الاحتياجات “الكبير”، ويواجه من يرغب منهم بالترميم أسعار مواد البناء، التي ارتفعت في الشمال السوري تدريجيًا، منذ زلزال شباط 2023، ثم سقوط النظام السوري، في 8 من كانون الأول 2024.

ارتفاعات متتالية.. أسعار بالدولار

بعد الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، في شباط 2023، شهدت أسعار مواد البناء ارتفاعات متتالية في الشمال السوري، لارتفاع الطلب عليها لإعادة تأهيل وبناء ما هُدم، أو لدعم المتصدع من الأبنية.

وبعد سقوط النظام، عاد بعض المهجّرين إلى بلداتهم وقراهم، ليجدوا منازلهم شبه مدمرة، فكان خيارهم الوحيد ردم ما بقي قائمًا منها، وإعادة بنائها من جديد (لمن يمتلك المال)، لترتفع تكلفة البناء إلى الضعف، وعاودت أسعار المواد الارتفاع تدريجيًا لزيادة الطلب وقلة المعروض.

عن الأسعار والفروق، قال متعهد البناء المهندس كمال الدين شاوي، لعنب بلدي، إن سعر طن الحديد ارتفع من 610 دولارات أمريكية إلى 670 دولارًا (7 ملايين ليرة سورية) في مناطق الشمال السوري بعد سقوط النظام، مرجعًا السبب إلى ارتفاع رسوم الجمارك.

وذكر أن سعر الأسمنت ارتفع 20 دولارًا للطن الواحد، حيث كان سعره 103 دولارات، وبات سعر الطن اليوم 123 دولارًا.

وأضاف المهندس أن أسعار المواد من بحص ورمل، ارتفعت بنسبة 20%، نتيجة ارتفاع أجور اليد العاملة، وزيادة الطلب على المواد، وعدم توفر مادة المازوت المحسّن (مكرر)، حيث يلجأ أصحاب الآليات إلى هذا الوقود بسبب تدني سعره (0.698 دولار لليتر)، مقارنة بسعر الأوروبي منه (حوالي دولار واحد).

وارتفع سعر صهريج المياه من 6 إلى 7 دولارات لذات السبب، وارتفع سعر حجر البناء (البلوك) بنسبة 25%‎، حيث كان سعر القطعة لا يتعدى 0.2 دولار (سنتان)، لتصل اليوم إلى 0.25 دولار (25 سنتًا).

رسوم.. معامل في طور الإنتاج

بررت حكومة دمشق المؤقتة توحيد الرسوم الجمركية في المعابر، بدعم القطاع الصناعي، وجذب الاستثمار (رفعت الرسوم في مناطق شمال غربي سوريا وانخفضت في مناطق النظام السابق).

مدير فرع الشركة العامة لصناعة الأسمنت وتسويق مواد البناء بالمنطقة الوسطى، المهندس حسام فاعوري، قال، إن معمل أسمنت حماة “رقم 3” عاد للعمل والإنتاج، ويبيع منتجه بشكل مباشر من دون أي قيود أو شروط، وحذر بالوقت ذاته من وجود أسمنت مخالف للمواصفات في الأسواق المحلية.

وذكر فاعوري أن معمل أسمنت حماة كان توقف عن العمل والإنتاج في 5 من كانون الأول 2024، وعملت وزارة الاقتصاد على النهوض به وإعادته للعمل.

وفي 23 من شباط الماضي، تم تشغيل المعمل بكل أقسامه، بالاعتماد على العمال الفنيين فيه، وتم إجراء بعض الصيانات خلال فتره التوقف، ووصل حاليًا إلى طاقة 1700 طن “كلينكر” يوميًا، وسيتم الوصول إلى 2500 طن “كلينكر” خلال الأيام المقبلة، وفق فاعوري.

ورغم عودة المعمل للإنتاج مؤخرًا، فإن الطاقة الإنتاجية لا تزال منخفضة مقارنة مع حجم الاحتياج، وفق ما قاله تجار مواد بناء خلال جولة لعنب بلدي.

ويشير التجار إلى أن أسمنت المعمل يتميز بجودته العالية وانخفاض سعره عن المستورد، إذ يبلغ سعر الطن 100 دولار (للفرط)، و105 دولارات للطن المعبأ.

ارتفاع التكاليف وأجور العمال

ما زال إقبال الأهالي على إعادة إعمار منازلهم ضعيفًا، بسبب التكاليف المرتفعة، بحسب عمر، وهو من سكان مدينة سراقب، مشيرًا إلى أن إعادة بناء منزله المكون من 3 غرف وحديقة، قد تصل إلى 6 آلاف دولار دون إكساء، وهو مبلغ كبير بالنسبة لمعظم المهجرين العائدين، الذين استنزفوا مدخراتهم خلال السنوات الماضية، بين إيجارات، وعدم وجود فرص عمل، والتنقلات المستمرة.

ورفعت عمليات الترميم والبناء أجور العمال والتي كانت لا تتجاوز أربعة دولارات في أحسن الأحوال يوميًا، وهذا ما أكده عبد الله الأسعد (عامل بناء)، إذ أصبحت الأجور بين 7 و12 دولارًا، وذلك حسب المتعهد، أو نوع البناء وساعات العمل في اليوم.

ويضطر عبد الله للذهاب يوميًا للعمل في أرياف إدلب وحماة بعيدًا عن مكان إقامته في مدينة إدلب، معتبرًا أن ارتفاع الأجور مبرر ومنطقي بسبب الجهد الزائد ومشقة السفر، وتضخم الأسعار في الأسواق.

ويعيش أكثر من 90% من الأسر السورية تحت خط الفقر، بينما يعاني ما لا يقل عن 13 مليون شخص (أي أكثر من نصف السكان) من عدم القدرة على الوصول إلى غذاء كافٍ أو تحمل تكلفته، وفق منظمة “هيومن رايتس ووتش“.

ويواجه السوريون صعوبة في العودة إلى بلداتهم وقراهم المدمرة، كما أن العقوبات الواسعة تؤثر سلبًا على جهود إعادة الإعمار، إذ يُقدر أن سوريا تحتاج إلى أكثر من 250 مليار دولار لإعادة إعمار البلاد، بما يشمل البنية التحتية والخدمات الأساسية والانتعاش الاقتصادي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة